المعارضة التركية تستعد لسيناريوهات خليفة إردوغان المحتمل

مع استمرار تراجع شعبيته وتوقعات بتقديم موعد الانتخابات

إردوغان يتحدث مع حليفه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي (رويترز)
إردوغان يتحدث مع حليفه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي (رويترز)
TT

المعارضة التركية تستعد لسيناريوهات خليفة إردوغان المحتمل

إردوغان يتحدث مع حليفه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي (رويترز)
إردوغان يتحدث مع حليفه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي (رويترز)

تشهد الساحة السياسية في تركيا يوماً بعد الآخر تصاعداً في النقاشات الساخنة، مع تزايد التوقعات بالتوجه إلى انتخابات مبكرة، إذ تتحرك المعارضة للحفاظ على التفوق الذي تؤكده الاستطلاعات، وتجهيز المنافسين للرئيس رجب طيب إردوغان على الرئاسة، فيما جدد إردوغان الحديث عن خفض الحد الأدنى للتمثيل في البرلمان، المعروف بالعتبة الانتخابية، الذي يحرم أي حزب من التمثيل في البرلمان بكتلة نيابية ما لم يحصل على 10 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين في عموم البلاد، قائلاً إن حزبه (العدالة والتنمية) الحاكم توصل إلى اتفاق مع شريكه في تحالف الشعب، حزب الحركة القومية، على خفض الحد الأدنى للتمثيل في البرلمان إلى 7 في المائة، بدلاً من 10 في المائة.
ويعتقد مراقبون أن إردوغان يهدف من وراء تلك الخطوة إلى دعم حزب الحركة القومية الذي تشير الاستطلاعات جميعها على مدى أكثر من عام إلى أنه لن يتمكن من الحصول على الحد الأدنى لدخول البرلمان، ومحاصرة الأحزاب الجديدة، لا سيما حزب «الديمقراطية والتقدم»، برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق على باباجان، الذي تظهر استطلاعات الرأي صعوده المتزايد، على الرغم من حداثته على الساحة السياسية، خاصة بعد أن تمكن، خلال أشهر قليلة من استكمال بنيته وتشكيل مؤسساته وفروعه، من رفع نسبته إلى ما يقرب من 5 في المائة. وتطالب المعارضة، وفي المقدمة أكبر أحزابها (حزب الشعب الجمهوري)، برئاسة كمال كليتشدار أوغلو، بإلغاء نسبة الـ10 في المائة تماماً.
وبدوه، ينظر حزب الحركة القومية بشكل إيجابي إلى هذه النسبة، وأعلن أنه سينظر في هذا المقترح عند تلقيه، لكن هذا الأمر ليس مطروحاً في الوقت الحالي. ويرغب حزب الحركة القومية في خفض الحد الأدنى لدخول الأحزاب السياسية للبرلمان إلى 5 في المائة، بعد أن فقد نسبة كبيرة من مؤيديه.
وبشأن مشروع الدستور الجديد الذي أُعلن عن إعداده قبل أشهر، قال إردوغان إننا لا ننتظر أي شيء من أحزاب المعارضة بشأن التعديلات الدستورية المرتقبة لأننا أغلقنا بالفعل باب تلك الأحزاب المعارضة قبل أن نخطو أي خطوة، مضيفاً: «أغلقنا جميع الأبواب، بما يشمل أيضاً بوابة حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد (تحالف الأمة المعارض)... بعد الانتهاء من مسودتنا، سأقدمها للسيد دولت بهشلي، وسيبحثها برفقة فريقه، ومن ثم سنواصل المضي قدماً».
وتتصاعد النقاشات في أروقة المعارضة التركية بشأن الانتخابات المبكرة، والمرشحين المحتملين لمنافسة إردوغان على الرئاسة. وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس (الأربعاء)، رداً على سؤال بشأن احتمالات ترشحه للرئاسة: «إن تحالف الأمة قد يدفع بأكثر من مرشح واحد في انتخابات الرئاسة، وإنه من الخطأ اختزال الرئاسة في شخصي، ويجب وضع القواعد والمبادئ أولاً».
وحدد المواصفات التي ينبغي توافرها في الرئيس الجديد لتركيا، قائلاً: «سيكون الرئيس رجلاً نظيفاً لا يميز بين المواطنين، وسيقدم حساباً عن كل قرش ينفق على الشعب، وسيكون لديه القدرة على ضبط النفس، ولن يقول أنا زعيم الآن، ولن أنتقل إلى نظام برلماني معزز، وسيكون في سلام مع جميع دول العالم، وسيكون مسؤولاً عن إفلاسه الاقتصادي، وسيكون حساساً للغاية بشأن الفساد... وسيحمي الشخص الذي سيصبح رئيساً مؤسسات الدولة، ويجب أن يعرف المرشح الرئاسي الدولة، فمن لا يعرف الدولة يبدأ في التعثر عندما يجلس على مقعد الرئاسة».
وتحدثت أوساط سياسية عن نقاش حاد في داخل حزب الشعب الجمهوري بشأن المرشح القادم للرئاسة، في ظل تأكيدات بأنه سيكون كليتشدار أوغلو، وقرأ مراقبون تصريحاته عن مواصفات المرشح للرئاسة بأنه لا يرغب في ترشح رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي تظهر استطلاعات الرأي قدرته على الفوز بالرئاسة، حال التوجه إلى جولة إعادة أمام إردوغان، وأن كليتشدار أوغلو يرى أن إمام أوغلو لن يلبي مطالب المعارضة بالعودة إلى النظام البرلماني، لأن لديه شغفاً بأن يكون رئيساً قوياً بصلاحيات واسعة يضمنها النظام الرئاسي الحالي، وأن يقدم نموذجه للرجل الواحد على مدى 5 سنوات.
وفي المقابل، رأى الكاتب في صحيفة «حرييت» المقرب من الحكومة، عبد القادر سيلفي، أن رئيس حزب «الجيد»، شريك الشعب الجمهوري في تحالف الأمة، تلقي بثقلها وراء ترشيح أكرم إمام أوغلو، على الرغم من إعلانها من قبل أنها تنوي الترشح للرئاسة، وأنها كشفت بقوة عن دعمها لإمام أوغلو خلال مشاركتها في احتفال بلدية إسطنبول بيوم النصر، الموافق 30 أغسطس (آب)، حيث وصفت فوزه برئاسة بلدية إسطنبول بأنه «فتح القسطنطينية الثاني». وعد سيلفي، وكتاب آخرون، أن أكشنار منزعجة من فكرة ترشح كليتشدار أوغلو للرئاسة، والحملات التي تنظم داخل الشعب الجمهوري لهذا الغرض. وخلص إلى أن أكشنار قد تغير موقفها بشأن الترشح للرئاسة، وتقبل بالخروج من السباق لصالح فوز إمام أوغلو، ولن تتصلب في موقفها كما فعلت عام 2018، عندما خالفت محاولة جميع أحزاب المعارضة التكتل وراء الرئيس السابق عبد الله غل، وترشيحه منافساً لإردوغان، وأصرت على خوض السباق.
إلى ذلك، أظهر آخر استطلاع رأي أجرى في أغسطس (آب) الماضي أن حزب العدالة والتنمية، برئاسة إردوغان، تراجع إلى أدنى معدل تصويت منذ عام 2001، وهو العام الذي تأسس فيه الحزب، ليحصل فقط على نسبة 33 في المائة من الأصوات.
وبحسب الخبير في بحوث استطلاعات الرأي، إبراهيم أوصلو، الذي أعلن نتائج الاستطلاع الأخير الذي أجراه في كثير من الولايات التركية، فإن هذا التراجع الدراماتيكي يعود إلى المخاوف بشأن موجة هجرة جديدة للأفغان إلى تركيا، وضعف إدارة حكومة إردوغان لأزمة حرائق الغابات والسيول في جنوب وشمال البلاد.
ولفت أوصلو إلى أن حزب الحركة القومية لن يستطيع تخطي الحد الأدنى البالغ 10 في المائة من الأصوات، وبالتالي فإن معدل التصويت لتحالف الشعب المكون من الحزبين سيتراوح بين 44 و45 في المائة، بينما تقترب نسبة تحالف الأمة المعارض من 55 في المائة، بمعنى أن التحالف سيفوز بالأغلبية في البرلمان.
وقال أوصلو، في مقابلة تلفزيونية أمس، إن إردوغان اطلع على نتائج الاستطلاع، ورأى بنفسه مدى تأثير ملفي المهاجرين الأفغان وحرائق الغابات، ولهذا تغيرت خطاباته حول أفغانستان والمهاجرين، وبات يكرر أن تركيا لن تقبل أي مهاجرين جدد، وأنها تتخذ جميع التدابير لإغلاق حدودها أمامهم.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.