«التيار الديمقراطي» التونسي ينفي القطيعة مع رئيس الجمهورية

زعيمه رفض استمرار التدابير الاستثنائية إلى أجل غير مسمى

TT

«التيار الديمقراطي» التونسي ينفي القطيعة مع رئيس الجمهورية

كشف غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي، عن مواصلة دعم حزبه ومساندته لتوجهات الرئيس التونسي قيس سعيد، مؤكداً ثقته برئيس الجمهورية، نافياً وجود قطيعة معه، غير أنه أشار إلى أن هذه المساندة لا يمكن أن تكون «صكاً على بياض»، إذ إن المرحلة المقبلة تتطلب مشاركة الأحزاب السياسية في تصور الخيارات والأولويات وفي تشكيل الحكومة الجديدة. وأكد أن الأحزاب السياسية بمختلف اتجاهاتها تمثل أهم ركيزة للديمقراطية، على حد تعبيره.
واعتبر الشواشي، في تصريح صحافي، أن بقاء البلاد دون حكومة لمدة تجاوزت خمسة أسابيع ودون وزراء سيادة، «مسألة غير مفهومة»، وهي قد تؤشر لعودة الديكتاتورية بشكل مختلف عن السابق، على حد قوله. وأشار إلى أن قيادات حزب التيار الديمقراطي لا تقبل بمواصلة العمل بالتدابير الاستثنائية إلى أجل غير مسمى، إذ إن هذا الخيار سيكلفها الكثير على مستوى صورتها في المحافل الدولية.
وبشأن تغير العلاقة التي كانت تربط حزب التيار الديمقراطي مع رئيس الجمهورية والدعم الكبير الذي قدمه الحزب لقيس سعيد، قال الشواشي إن اختلاف موقف الطرفين كان حول إرساء المحكمة الدستورية وطلب حزبه ضرورة عمل إجراءات لبعث هذه المؤسسة الدستورية المهمة، «وهو السبب الذي كان وراء هذا الخلاف».
على صعيد متصل، عقدت مجموعة «محامون لحماية الحقوق والحريات»، وهي مجموعة حقوقية مستقلة، مؤتمراً صحافياً أمس وسط العاصمة التونسية لعرض موقفها من الخروقات الدستورية الحاصلة في تونس بعد 25 يوليو (تموز)، معدّدة مجموعة من التجاوزات قالت إن السلطة أقدمت عليها خلال فترة الإجراءات الاستثنائية.
وفي هذا الشأن، قال مالك بن عمر، المنسق الإعلامي لهذه المجموعة التي تضم حالياً أكثر من 200 محامٍ تونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن وضع بعض المحامين والقضاة «تحت طائلة الاستشارة قبل السماح لهم بمغادرة تونس، ومنع عدد منهم من السفر أو تعطيل سفرهم دون إذن قضائي، ودون الرجوع إلى المجلس الأعلى للقضاء أو هياكل مهنة المحاماة، يعد مساساً بالسلطة القضائية وبمفهوم حصانة المحامين والقضاة أثناء مباشرتهم لأعمالهم، ومساً باستقلالية المحاماة والقضاء». وأشار إلى أن «الانتهاكات طالت كذلك السلطة التشريعية من خلال رفع الحصانة عن نواب البرلمان، ومحاكمة عدد منهم أمام القضاء العسكري»، وعد ذلك خرقاً صارخاً للدستور... علاوة على إيقاف بعض النواب تنفيذاً لأحكام عسكرية أو من أجل شكاوى لم يتم البت فيها بعد، رغم تمتعهم بالحصانة التي لا ترفع إلا طبق القانون والإجراءات التي نص عليها الفصل 69 من الدستور التونسي».
وحسب بن عمر، فإن «الانتهاكات طالت حرية الرأي والصحافة والتعبير من خلال منع عدد من الصحافيين التونسيين والأجانب من تغطية بعض الأحداث وغلق مكاتب بعض وسائل الإعلام الأجنبية ومنعها من العمل الميداني وإقالة عدد من مسيري بعض وسائل الإعلام الرسمية والضغط قصد إجبار عدد آخر على الاستقالة مثلما حصل مع مؤسسة التلفزة التونسية». وبشأن فرضية الصدام مع مؤسسة الرئاسة التونسية، إذ إن مجمل هذه الانتقادات موجهة إليها بالأساس، قال بن عمر إن مجموعة «محامون لحماية الحقوق والحريات»، لا يهمها مصدر القرار بقدر ما تسعى إلى أن يكون القرار مراعياً لمختلف الشروط القانونية والدستورية. ونفى إمكانية وجود انفراج سياسي على المدى القريب في المشهد السياسي التونسي بالنظر إلى تواصل المنع من السفر والإقامة الإجبارية دون إذن قانوني والاعتماد على القضاء العسكري في محاكمة المدنيين.
وأشار إلى أن المجموعة الحقوقية هذه قد توجهت بطلب إلى وزارة الداخلية التونسية للحصول على معلومات لمعرفة عدد الأشخاص الذين يخضعون للإقامة الإجبارية وهي تنتظر الرد من السلطات التونسية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.