إصرار الخرطوم على موعد الانتخابات يهدد بإفشال «مبادرة برلين»

مشاورات للاتفاق على «موقف موحد» لملتقى أديس أبابا للحوار السوداني

إصرار الخرطوم على موعد الانتخابات يهدد بإفشال «مبادرة برلين»
TT

إصرار الخرطوم على موعد الانتخابات يهدد بإفشال «مبادرة برلين»

إصرار الخرطوم على موعد الانتخابات يهدد بإفشال «مبادرة برلين»

تسابق قوى دولية ومعارضة وحكومية الزمن لعقد لقاء تحضيري يجمع بين الحكومة السودانية ومعارضيها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يهدف للاتفاق على تسوية سياسية تضع حدًا للأزمة السياسية والأمنية التي يعيشها البلد المضطرب، قبل حلول يوم 13 أبريل (نيسان) المقبل موعد بدء الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمعة، في الوقت الذي يتمسك فيه الفرقاء كل بموقفه.
ووافقت قوى المعارضة المدنية والمسلحة ومنظمات المجتمع المدني السودانية في برلين الألمانية على عقد «لقاء تحضيري» في أديس أبابا لبحث سبل الوصول لتسوية سياسية بين نظام حكم الرئيس عمر البشير ومعارضيه. ووقعت أحزاب قوى الإجماع الوطني المعارضة، وقوى الجبهة الثورية المسلحة، وحزب الأمة القومي، ومنظمات المجتمع المدني نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي على «إعلان برلين»، تحت رعاية الحكومة الألمانية ومنظمات مدنية غربية. وحوى إعلان برلين رؤية المعارضة بشقيها المدني والمسلحة بشأن المؤتمر التحضيري المزمع بأديس أبابا للحوار مع الحكومة برعاية الوساطة الأفريقية.
واشترطت المعارضة المنضوية تحت لواء مجموعة «نداء السودان» الموقع بين المعارضة المسلحة والمدنية، وقف إجراء الانتخابات، وإلغاء التعديلات الدستورية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمحكومين، والتحقيق في أحداث سبتمبر (أيلول) 2013، والتي راح ضحيتها أكثر مائتي قتيل حسب رصد قوى المعارضة، للمشاركة في الحوار. وعلى الرغم من أن الوساطة الأفريقية لم تحدد موعد الملتقى بعد، فإن البلاد تشهد حراكًا سياسيًا ذا علاقة بالملتقى، فمن جانبها دخلت قوى المعارضة المنضوية تحت لواء «تحالف قوى الإجماع الوطني» في مشاورات واسعة للوصول لورقة «موقف موحد» من قضايا المؤتمر الدستوري.
وقال رئيس حزب البعث السوداني المشارك في إعلان برلين محمد علي جادين لـ«الشرق الأوسط»، إن قوى الإجماع الوطني تدير تحركات تهدف للاتفاق على «ورقة موقف موحد» حول قضايا الملتقى التحضيري تشارك فيها قوى «نداء السودان» وقوى المعارضة الأخرى. كما كشف جادين عن مشاورات تجري بين قوى نداء السودان بشأن إرسال وفد منها لأديس أبابا للتشاور مع الأطراف دون المشاركة في الاجتماع، على الرغم من تفويض مجموعة وثيقة برلين للجبهة الثورية وحزب الأمة القومي لتمثيلها في المؤتمر التحضيري وفقًا لوثيقة برلين.
في ذات الوقت يتوقع فيها وصول رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى الجنوب أفريقي «ثابو مبيكي» خلال الأيام المقبلة، لإجراء مشاورات مع الأطراف بشأن الملتقى.
من جهة أخرى، فإن مواقف الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» بدت متناقضة من المؤتمر التحضيري، ففي حين أعلن لأمين السياسي للحزب د. مصطفى عثمان إسماعيل الأسبوع الماضي في بيان صحافي ترحيب حزبه بـ«إعلان برلين»، وموافقته على المشاركة في المؤتمر التحضيري، وشكره للحكومة الألمانية لدورها في الإعداد له، وقال إن حزبه بانتظار تحديد الحكومة الألمانية لموعده، بيد أن الرئيس عمر البشير اعتبر في وقت لاحق «إعلان برلين» إعلانا فاشلاً وكأنه لم يكن، وقال إن حكومته اقترحت على الألمان بجمع المعارضة. وأضاف: «الألمان كانوا مجتهدين ويعتقدون أنه لا بد من دعم السودان والوقوف معه وحل مشكلاته، وهدفوا من هذا اللقاء إلى معالجة 3 مواضيع، هي اعتراف المعارضة بشرعية الحكومة، المشاركة في الحوار، وعدم تأجيل الانتخابات»، وفي الوقت ذاته حذر البشير مما سماه سعي الحزب الشيوعي لإفشال الملتقى.
من جهته، قال سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب لـ«الشرق الأوسط»، إن قوى الإجماع الوطني لن تشارك في الملتقى التحضيري قبل الاستجابة لمطلوباتها الممثلة في وقف الحرب، إيصال المعونات الإنسانية، وتبادل أسرى الحرب ووقف محاكمة المعارضين، ووقف العنف ضد المدنيين، واحترام حقوق الإنسان والحريات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتعديلات الدستورية الأخيرة، والقبول بترتيبات انتقالية بِما فيها تكليف حكومة قوميه انتقالية.
وأضاف الخطيب في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن قوى المعارضة اختارت في برلين كلا من «الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي» لتمثيل قوى نداء السودان، وكلفتها نقل المطلوبات للملتقى، وفي حال موافقة الأطراف عليها فإن حزبه وقوى الإجماع الوطني سينضمان للحوار.
وقطع الخطيب بأن الجبهة الثورية وحزب الأمة سينسحبان من الحوار حال رفض تلك المطلوبات لينضمان لقوى الإجماع الوطني، للعمل معًا على إسقاط النظام بانتفاضة شعبية.
ويعتبر على نطاق واسع نجاح المبادرة الألمانية للحوار السوداني فرصة في الزمن بدل الضائع لإعادة الحوار الوطني السوداني - السوداني لمساره الذي اختل، ولتحقيق الحل السياسي الشامل، وفشلها، يعني أن تدخل منه البلاد في سيناريوهات تهدد استقرارها لفترات طويلة.



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».