معارك وضربات جوية في مأرب تكبّد الحوثيين عشرات القتلى

TT
20

معارك وضربات جوية في مأرب تكبّد الحوثيين عشرات القتلى

أفادت مصادر عسكرية يمنية، بأن الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تكبّدت عشرات القتلى والجرحى والأسرى من عناصرها خلال معارك مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وجراء ضربات جوية لتحالف دعم الشرعية في جبهات محافظة مأرب خلال يومي الاثنين والثلاثاء.
وبحسب مصدر ميداني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شنّت الميليشيات الحوثية أعنف الهجمات في جبهات الكسارة في غرب مأرب وفي جبهة رحبة في جنوبها خلال اليومين الأخيرين، إلا أن قوات الجيش والمقاومة كسرت هذه الهجمات مسنودة بطيران تحالف دعم الشرعية، وهو ما كبّد الجماعة نحو 60 قتيلاً، إضافة إلى عشرات الأسرى والجرحى.
وبحسب المصادر، فإن الميليشيات الحوثية دفعت الثلاثاء بالعشرات من عناصرها لتكرار الهجوم الذي بدأته الاثنين في مسعى لانتشال جثث قادتها غربي مأرب وجنوبها، إلا أن الهجوم مُني بالفشل. وفي جبهة الكسارة وحدها، ذكرت المصادر، أن الميليشيات تكبّدت نحو 40 قتيلاً حاولوا التسلل إلى مواقع الجيش الوطني، وأن القوات تمكنت من استعادة مواقع، من بينها «حمة الذياب».
وعلى ما أفادت به المصادر الرسمية، كانت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل، كسرت الاثنين هجوماً لميليشيا الحوثي في جبهة رحبة جنوب محافظة مأرب، وألحقوا بها خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر ميدانية، أن «عناصر الجيش والمقاومة بعد أن كسروا الهجوم شنّوا هجوماً معاكساً تمكنوا خلاله من دحر الميليشيا الحوثية من عدّة مواقع وألحقوا بها خسائر بشرية ومادية كبيرة».
وأضافت المصادر، أن قوات الجيش والمقاومة «استعادت أسلحة متوسطة وخفيفة وكميات من الذخائر المتنوعة من قبضة الميليشيا، كما ألقوا القبض على 11عنصراً حوثياً أثناء المعركة».
وبالتزامن مع هذه المعارك، شنّت مدفعية الجيش - بحسب المصادر - قصفاً مكثّفاً استهدف تحركات الميليشيا الحوثية على امتداد الجبهة ودمّرت مرابض المدفعية المعادية، في حين استهدف طيران تحالف دعم الشرعية تعزيزات حوثية في منطقة المشيريف كانت متوجهة إلى جبهة رحبة، وأسفرت الغارات عن تدمير آليات قتالية وعربات مع مقتل جميع من كانوا على متنها.
إلى ذلك، أفاد المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، بأن الميليشيات خسرت في جبهة الكسارة في غرب مأرب 23 عنصراً إلى جانب تدمير ثلاث عربات ومقتل من كانوا على متنها بقذائف المدفعية، وتدمير ثلاث عربات أخرى بغارات جوية لطيران تحالف دعم الشرعية.
في هذه الأثناء، قال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك «إن التصعيد المستمر لميليشيا الحوثي وجرائم الحرب التي ترتكبها واستهدافها المتكرر للأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، دون أي اعتبار للتحركات الأممية والدولية للحل السياسي، مؤشر على إسقاطها خيار السلام والإصرار على المقامرة بدماء اليمنيين تنفيذا لأجندات وتعليمات النظام الإيراني».
وأعرب عبد الملك خلال لقائه أمس في الرياض القائم بأعمال السفارة النرويجية لدى اليمن سيجنه جورو جيلين، عن تطلعه، لممارسة مزيد من الضغوط على ميليشيا الحوثي وداعميها في طهران لتطبيق مرجعيات الحل السياسي الثلاث المتوافق عليها باعتبارها الطريق الأضمن والوحيد نحو السلام والاستقرار في بلاده.
وكانت مصادر مطلعة أفادت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، بأن قادة الجماعة في المديريات الريفية القبلية المحيطة بصنعاء عقدوا العديد من اللقاءات مع الأعيان وزعماء القبائل لحضهم على الدفع بمجندين جدد لمهاجمة مأرب.
واعترفت وسائل إعلام الجماعة الحوثية بتنفيذ حملات التجنيد، وقالت، إن لقاءات موسّعة عقدت في مديريات محافظة صنعاء ناقشت آليات تعزيز جهود التعبئة والتحشيد للجبهات، حيث أقرت اللقاءات «تشكيل فرق تحشيد على مستوى عزل وقرى المديريات وغرفة عمليات للمتابعة والتقييم بالتنسيق مع مختلف الجهات».
وفي خطبته الأخيرة، طلب زعيم الميليشيات الحوثية من أنصاره الدفع بالمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب، حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكّنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.
وفي أحدث إحاطة أممية، أبلغ الأمين العام المساعد في إدارتي الشؤون السياسية وشؤون بناء السلام، وعمليات السلام، في الأمم المتحدة محمد الخياري، مجلس الأمن الدولي بأنه «لم يتحقق أي تقدم في الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق يستند إلى خطة النقاط الأربع المقدمة إلى الأطراف».
وتتألف تلك النقاط من «وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإعادة فتح مطار صنعاء وتخفيف القيود المفروضة على تدفق الوقود والسلع الأساسية الأخرى عبر ميناء الحديدة واستئناف المفاوضات السياسية المباشرة بين الأطراف اليمنية».
وقال الخياري «لقد استمر الحوثيون في اشتراط فتح موانئ الحديدة ومطار صنعاء، قبل استئناف مشاركتهم في عملية السلام». مشيراً إلى تقدم الميليشيات الحوثية حول الحدود بين محافظتي مأرب وشبوة. حيث أصبحت الطرق الرئيسية المؤدية إلى مأرب أكثر تهديداً على نحو خطير».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.