«العشوائيات» تخنق بغداد والسلطات تواجه تحدي إزالتها

TT

«العشوائيات» تخنق بغداد والسلطات تواجه تحدي إزالتها

يمثل ملف «العشوائيات» والتجاوزات المختلفة التي يقوم بها المواطنون على الطرق والأرصفة والمساحات الفارغة، أحد أعقد الملفات التي واجهتها وتواجهها الحكومات العراقية على امتداد الـ17 عاماً الأخيرة، ولم تنجح تقريباً أي من تلك الحكومات المتعاقبة في معالجة أو حل هذا الملف الشائك، بالنظر لاعتبارات معقدة كثيرة منها ما يتعلق بالجانب الإنساني وآخر يتعلق بالجانبين السياسي والاقتصادي.
الفشل في معالجة هذه المشكلة أوصل الأمور في أحيان كثيرة إلى اختناق العاصمة بغداد بالعشوائيات والتجاوزات التي حالت وأوقفت في بعض الأحيان مشاريع خدمية وتنموية. فقبل سنوات منعت منطقة سكنية عشوائية مرور خط أنابيب لمياه المجاري شرق العاصمة، وقبل أيام أعلنت أمانة العاصمة عدم تمكن أجهزتها من المباشرة بتنفيذ طريق مرور مهم جداً في منطقة الصابيات شمال بغداد لوجود عشوائيات سكنية.
وفيما تقول وزارة التخطيط إن المساحة التي تشغلها الوحدات السكنية العشوائية تمثل 15 في المائة من مساحة بغداد، تشير إحصاءات رسمية أخرى إلى أنها تمثل نحو 12 في المائة من إجمالي المساحة في عموم المحافظات العراقية، عدا إقليم كردستان.
وقال أمين العاصمة علاء معن في مقابلة تلفزيونية، أول من أمس، إن «هناك ما يقارب 120 ألف وحدة سكنية تقع ضمن مسمى العشوائيات في بغداد، والسبب يعود إلى عدم وجود سياسة إسكانية على مدى السنوات الماضية الأمر الذي فاقم العشوائيات». وكشف معن قيام أجهزة الأمانة مؤخراً بـ«إزالة نحو 10227 تجاوزاً من العاصمة» ويرى الأمين أن ««التجاوز جزء من العشوائية وهما مخالفان لقوانين الدولة»، في إشارة إلى التجاوزات التي يقوم بها المواطنون الباحثون عن فرص عمل على الشوارع والأرصفة في المراكز التجارية والأحياء الشعبية. ورغم حملة «ألق بغداد» الأخيرة التي أطلقتها أمانة العاصمة بطلب من الحكومة ومهمتها إعادة الحياة إلى العاصمة وإطلاق حملة تنظيف وإصلاح للبنى التحتية، وضمنها رفع الكثير من العشوائيات والتجاوزات، فإن البغداديين لم يلمسوا الكثير في مدينتهم التي تعرضت لـ«الانتهاك والإهمال» منذ سنوات طويلة. ورغم الجهود التي تبذلها الأمانة لرفع التجاوزات، فإن المرجح أنها، ومثلما يحدث في كل مرة، لن تستطيع الذهاب بعيداً في مسألة إزالة الأحياء العشوائية بالنظر للاعتبارات السياسية والإنسانية والاقتصادية وحتى الأمنية، حيث يلجأ المتجاوزون في أحيان غير قليلة إلى حمل السلاح ضد الأجهزة البلدية لمنعها من تنفيذ أوامر الإزالة مثلما حدث قبل نحو أسبوعين في محافظة كربلاء وراح ضحيتها قتيلاً، مدير بلدية المحافظة عبير سليم الخفاجي.
وقد تبدو مهمة القضاء على العشوائيات والتجاوزات في بغداد وبقية المحافظات أقرب إلى المستحيلة مع وجود تلك الاعتبارات، فعلى المستوى الإنساني، يتعاطف كثيرون مع الأسر الفقيرة التي بنت لها مساكن عشوائية للسكن مع عدم توفير السلطات العراقية البديل المناسب لها في ظل أزمة السكن الخانقة، وهناك أيضاً الفئات السكانية التي تتخذ من الأرصفة والشوارع في المدن والمراكز التجارية مصدراً للرزق في ظل انحسار فرص العمل التي تعاني منها البلاد منذ سنوات. وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي أطلق قبل أسبوعين حملة واسعة لإزالة التجاوزات، عاد ووجه، قبل أيام قليلة، بـ«إيقاف تجاوزات الفقراء لحين إيجاد البديل لهم».
وعلى المستوى السياسي، فإن معظم القوى والأحزاب السياسية تستثمر في ملف العشوائيات والتجاوزات منذ سنوات ولا تسمح بالاقتراب منه رغم المشاكل البيئية والاجتماعية والأمنية التي تتسبب بها، وتنظر غالبية تلك القوى إلى المتجاوزين وسكان العشوائيات باعتبارهم أصواتاً انتخابية شبه مضمونة. وسبق أن كان ملف إزالة التجاوزات والعشوائيات من بين أسباب عديدة أدت إلى اشتغال احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019.
وأعلنت قيادة عمليات بغداد، أول من أمس، اعتقال اثنين من حماية عضو مجلس النواب يحيى العيثاوي لاعتدائهم بالضرب على موظفي البلدية أثناء قيامهم بإزالة أبنية عشوائية جنوب بغداد.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».