الجيش اللبناني ينتشر بين قريتين لمنع «الاحتكاك الطائفي»

بعد إشكال أسفر عن 6 جرحى بسبب تعبئة البنزين

شبان من عنقون يصلحون أحد مزارات مغدوشة بعد الاعتداء عليها (الوكالة الوطنية)
شبان من عنقون يصلحون أحد مزارات مغدوشة بعد الاعتداء عليها (الوكالة الوطنية)
TT

الجيش اللبناني ينتشر بين قريتين لمنع «الاحتكاك الطائفي»

شبان من عنقون يصلحون أحد مزارات مغدوشة بعد الاعتداء عليها (الوكالة الوطنية)
شبان من عنقون يصلحون أحد مزارات مغدوشة بعد الاعتداء عليها (الوكالة الوطنية)

طوقت الاتصالات السياسية ذيول الإشكال الذي اندلع السبت الماضي بين أبناء بلدتي مغدوشة التي تسكنها أغلبية مسيحية، وعنقون التي تسكنها أغلبية شيعية في جنوب لبنان، وأسفر عن سقوط 6 جرحى على خلفية أزمة تعبئة الوقود، حيث عاد الهدوء إلى البلدتين.
ووسط تحذيرات من انزلاق الإشكال بين أبناء البلدتين إلى إشكال ذي أبعاد طائفية في منطقة حساسة، عزز الجيش اللبناني من انتشاره في البلدتين ما أسهم في فرض الهدوء، فيما تدخلت قوى سياسية على الخط، وفي مقدمتها رئيس البرلمان نبيه بري، لتطويق تداعيات الإشكال عبر اجتماعات مكثفة مع الفعاليات في المنطقة لتثبيت الهدوء.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة تشهد هدوءاً حذراً، وعزز انتشار الجيش هذا الهدوء بعد تصعيد تجدد الأحد، غداة الإشكال الكبير الذي أسفر عن سقوط 6 جرحى يوم السبت. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بتوقيف عدد من المتورطين في الأحداث الأخيرة.
والتأم مجلس الأمن الفرعي في سرايا صيدا، وتم البحث في مستجدات التطورات الأمنية والمعيشية على مستوى الجنوب عموماً ومدينة صيدا خصوصاً. وقال النائب ميشال موسى الذي ينحدر من مغدوشة أمس، إن «الوضع جيد حالياً ومستتب والجيش متواجد وهذا مطمئن»، آملاً أن «تتوقف التداعيات كلياً».
واندلع إشكال فردي بين سكان بلدتي مغدوشة وعنقون الواقعتين جنوب مدينة صيدا السبت على خلفية قيام عدد من شبان بلدة عنقون بالتهجم على محطات البنزين ومحاولة فتحها بالقوة، غير آبهين بالقرارات التي اتخذتها بلدية مغدوشة ضمن نطاقها لتنظيم عملية تعبئة مادة البنزين، فتطور الإشكال إلى استخدام السكاكين، وسقط نتيجته ستة جرحى. ويوم الأحد، عمد شبان من بلدة عنقون إلى قطع الطريق العام الذي يربط بلدتهم ببلدة مغدوشة وقاموا بحرق عدد من الأشجار.
وتعد مغدوشة، من أكبر القرى المسيحية في منطقة الزهراني، وتسكنها أغلبية تنتمي إلى طائفة الكاثوليك. وتحيط بها مجموعة قرى مسيحية وأخرى يسكنها الشيعة. وبعد أن أخذ الإشكال المنحى الطائفي، عقدت اتصالات بين فعاليات دينية وقوى سياسية لمحاصرة تداعياته.
وأجرى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي اتصالاً برئيس مجلس النواب نبيه بري واطلع منه على المعالجات الجارية في بلدة مغدوشة وسمع منه «ما يؤكد أن مغدوشة هي بلدته الثانية وأن ما يحصل عليها إنما يحصل على كل لبنان» كما قال بيان نشرته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية. ودعا العبسي العقلاء إلى تحكيم لغة العقل والمنطق والمحافظة على الخطاب العقلاني وإلى تعميم ثقافة الاحترام المتبادل.
كذلك، اجتمع مطارنة صيدا ودير القمر للموارنة والروم الكاثوليك والروم الأرثوذكس وأثنوا في بيان على «الجهود المبذولة من الفرقاء كافة لتلافي تفاقم الأحداث المؤلمة».
وأعلن المطارنة تمسكهم «بالعيش المشترك، كشعار نهائي لا حياد عنه في لبنان»، داعين كل الفرقاء «ألا يقعوا في فخ فوضى الفقر والعوز الذي يعيشه اللبنانيون كافة، بل وجب تنظيم حياتنا على ضوء الحاجات الملحة الطارئة وتجنب المشاكل»، وألمحوا إلى أن هذه المشادات التي تحصل «لا تمت بصلة إلى أبعاد طائفية، إذ إن أبناء البلدة الواحدة والمذهب الواحد، نراهم يتقاتلون لتأمين لقمة العيش».
وأصبحت الاشتباكات التي تنجم في الأغلب عن نقص البنزين والديزل الذي يعطل الخدمات الأساسية حدثاً يومياً في لبنان، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن الانزلاق إلى الفوضى بعد عامين من الانهيار المالي في البلاد.
وأخذ الإشكال بين مغدوشة وعنقون صبغة طائفية، إذ أعلن «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه النائب جبران باسيل الأحد أنه ينظر بقلق إلى «الإشكالات المفتعلة التي تشهدها مغدوشة». في المقابل، ودانت حركة أمل، التي يترأسها بري، العنف وقالت إنه لا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بما حدث في مغدوشة، نافية اتهامات تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي بشأن ضلوعها.
وأمس، قال النائب المستقيل نديم الجميل: «الوضع لا يحتمل تصرفات كالتي نراها على أبواب مغدوشة. لعبة الشارع ليست الحل»، داعياً «الأجهزة الأمنية والأحزاب المعنية لوضع حد لتلك التصرفات»، مضيفاً «القرى المسيحية ليست مكسر عصا».
بدوره، واصل النائب ميشال موسى اتصالاته لتهدئة الوضع ومنع تكرار مثل هذه الممارسات، والتقى في منزله عدداً من الفعاليات، مجدداً الدعوة إلى «اعتماد المسار التاريخي لبلدة مغدوشة المتميز بالحكمة والتعقل وحسن الجوار، وتأكيد الثقة المطلقة بدور الجيش والأجهزة الأمنية في ضبط الوضع وتعزيز مسيرة السلم الأهلي».
ويشهد لبنان زحمة كبيرة على بعض محطات البنزين، قبل شهر على إيقاف الدعم عن السلعة، ولجأت بعض البلديات إلى حصر التعبئة بأبنائها، فيما رفضت بعض محطات توزيع الوقود في لبنان تسلم المحروقات على ضوء الإشكالات التي تتكرر يومياً على المحطات.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.