«مؤتمر الجزائر» يبحث دعم «خريطة طريق الحل» في ليبيا

المبعوث الأممي يؤكد انخراط دول الجوار في انسحاب القوات الأجنبية

جانب من الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر أمس (أ.ف.ب)
جانب من الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر أمس (أ.ف.ب)
TT

«مؤتمر الجزائر» يبحث دعم «خريطة طريق الحل» في ليبيا

جانب من الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر أمس (أ.ف.ب)
جانب من الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر أمس (أ.ف.ب)

انطلق في الجزائر أمس الاجتماع الوزاري للدول المجاورة لليبيا، بمشاركة وزراء خارجية سبع دول والمبعوث الأممي لليبيا وممثلي منظمات إقليمية ودولية.
وأكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في الجلسة الافتتاحية أن دول الجوار هي التي تتحمل تبعات الاضطرابات الحاصلة في هذا البلد، مشدداً على أن «أمن واستقرار ليبيا هو من أمننا واستقرارنا جميعاً». ودعا الوزير الجزائري إلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا بأسرع وقت، مطالباً بدعم السلطات في هذا البلد لتنفيذ خريطة الطريق المتعلقة بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأكد لعمامرة أن مشاورات المجتمعين «ستسمح بصياغة مقترحات عملية لاستشراف الأوضاع إيجاباً وسلباً والمساهمة في تعزيز الجهود الرامية لتحقيق تسوية نهائية للأزمة الليبية التي طال أمدها». وشدد لعمامرة على أن الحل لا يمكن إلا أن يكون ليبياً - ليبياً بمساعدة دول الجوار.
ويناقش اجتماع الجزائر الذي يدوم يومين دعم خريطة طريق الحل في ليبيا بما في ذلك تذليل العقبات أمام تنظيم الانتخابات العامة في موعدها المقرر في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويعدّ هذا الاجتماع الثاني من نوعه بعد اللقاء الذي احتضنته الجزائر في يناير (كانون الثاني) 2020.
بدورها، أبرزت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الليبية نجلاء المنقوش، تطلع بلادها لبناء تعاون مثمر مع دول الجوار والسعي لتفعيل التنسيق الأمني بينها. وأضافت المنقوش، في كلمتها، أن التدخلات الهدامة من قبل الدول تناقض الأعراف الدولية، مشيرة إلى العمل على توحيد الجيش ودمج الفصائل المقاتلة. وأكدت المنقوش تطلع الليبيين لبناء نظام ديمقراطي يرتكز على انتخابات حرة ونزيهة، داعية الجميع للوقوف مع السلطات الليبية لتنظيم مؤتمر تشاركي لدعم بلادها. كما أشارت إلى أن مبادرة «استقرار ليبيا» تعرف مساندة دول الجوار.
من جانبه، شدد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيتش، على أن استمرار وجود القوات الأجنبية في ليبيا مبعث قلق لدول الجوار. وأكد أن كل الأطراف ملتزمة بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر (كانون الأول). وقال أيضاً إن دول الجوار ستنخرط في مسار انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا. ورحب كوبيتش، باستعداد الجزائر مقاسمة تجربتها في المصالحة الوطنية.
من جهته، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أهمية توافق الأطراف الليبية، وتشجيع الجامعة العربية جميع الأطراف الليبية على الانتقال من التنافس إلى التوافق، وأيضاً على تذليل العقبات القانونية والدستورية واللوجيستية. وأضاف أبو الغيط، في كلمته، أن مغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا أمر جوهري في عملية الانتقال، مؤكداً ضرورية توحيد المؤسسات الليبية لا سيما المؤسسة العسكرية.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن بلاده ستواصل التنسيق مع الجزائر لضمان عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا. وعبر شكري في تصريح صحافي بعد لقائه نظيره الجزائري، عن أمله في أن يفضي هذا الاجتماع والاجتماعات المتتالية إلى «ما يعزز خروج الأشقاء في ليبيا من هذه الأزمة وعودة بلادهم إلى لعب دورها في الإطار العربي والإقليمي والأفريقي، وأن نتجاوز هذه الأزمة تماماً». ونوه شكري بدور الجزائر في إطلاق «مبادرة استئناف عمل لجنة جوار ليبيا، من أجل دعم استقرار ليبيا وسيادتها والحفاظ على مقدرات الشعب الليبي الشقيق، وخروجه من أزمته وفقاً لقرارات مجلس الأمن ومخرجات ملتقى الحوار الليبي، ومخرجات مؤتمري برلين 1 و2». وأشار إلى أن وجود كل دول جوار ليبيا، وهي الدول التي تأثرت كثيراً بأوضاع ليبيا، وتهتم لوضع الشعب الليبي الشقيق وعودة الاستقرار والأمن والأمان لبلاده والحفاظ على سيادته ومقدراته «سوف يسهم في تعزيز كل هذه الأهداف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.