«في حديقة هندية»... مزاد لفن شرقي ـ غربي تقيمه {سوذبيز}

TT

«في حديقة هندية»... مزاد لفن شرقي ـ غربي تقيمه {سوذبيز}

في اللحظات الانتقالية تمتزج الأشياء، يأخذ الحاضر من الماضي ما ينفعه، تتتابع السنوات لتغير وتضيف لذلك التراث المتجدد وتخرج بمزيج ساحر بين المواضيع والأساليب. أمر ممتع أن تنظر لأعمال فنية في ذلك التقاطع قبل أن تفقد الكثير ما يربطها بما فات، وقبل أن تتحول لتواكب دورة الزمن. المغول في الهند والمنمنمات المتميزة بقصص الأمراء والحكام المغول في تطوره الطبيعي أخرج تياراً فنياً أكثر معاصرة في القرن التاسع عشر، وهو ما يسمى بـ«مدرسة الشركة» نسبة لشركة الهند الشرقية. هو تعريف لمدرسة من الفن الهندي المدعوم من قبل مسؤولي شركة الهند الشرقية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
وعرضت لوحات من هذه المدرسة في صالات متحف «واليس كوليكشن» بلندن العام الماضي للمرة الأولى منذ عقود لتعيد تسليط الضوء على تيار فني شرقي - غربي استلهم من أسلوب الفن المغولي بالهند أساليبه وعبر عن مشاهد من الحياة في الهند لصالح رعاة من بريطانيا.
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام، ستقيم «دار سوذبيز» أول مزاد مخصص لأعمال من «مدرسة الشركة»، تتراوح في موضوعاتها من رسومات للحيوانات والنباتات والبشر والمعمار. تكون الأعمال فيما بينها مجموعة رائعة تلخص على الورق أنواع الحيوانات والنباتات والهندسة المعمارية لشبه القارة الهندية. المجموعة من مقتنيات جامع الأعمال الفنية الأميركي البارز كارلتون سي روشيل جونيور. سبعة من الأعمال المعروضة للبيع في المزاد كانت ضمن معروضات «أساتذة منسيون» في واليس كوليكشن في لندن العام الماضي، الذي قدم أفضل الرسامين الهنود الذين عملوا على الورق خلال الفترة المغولية المتأخرة.
في تقدير بنديكت كارتر مدير قسم الفن الإسلامي بـ«سوذبيز»، تمثل الأعمال المعروضة للبيع في المزاد المعنون «في حديقة هندية» مقطعاً عرضياً من التيار الفني المسمى بـ«مدرسة الشركة»: «هنا مجموعة رائعة من رسومات التاريخ الطبيعي للطيور والحيوانات، التي نفذت بناء على تكليف من سيرر وليدي إيمبي في 1770».
رغم تغير الموضوعات المصورة في هذه الرسومات عن أسلوب الرسم المغولي وتحولها لتناسب أذواق رعاة من بريطانيا، إلا أنها تعد هندية خالصة بأيدي فنانين من الهند، حسب تعبير الخبير الذي يضيف: «هي أعمال فنية هندية وأكثر من ذلك فهي استمرار للرسومات المغولية، ما تغير هنا هو الرعاية الفنية. فقد حل البريطانيون مكان الأمراء والحكام المغول في رعاية وتكليف اللوحات، مثال على ذلك شركة الهند الشرقية. ويظهر التأثير الأوروبي على الرسومات في الحجم، فهي أكبر من الرسومات المغولية القديمة، وتختلف أيضاً في موضوعاتها، كما استخدم نوعاً من الورق الأوروبي لتنفيذ الرسومات. نرى التأثير الأوروبي من هذه الناحية في تحول الأسلوب المغولي الفني ليناسب جمهوراً جديداً أوروبياً. هذه ليست مشاهد من حياة البلاط أو الأباطرة على ظهور الخيل، أو المشاهد الملحمية للحكام، التي ترتبط برسومات المغول الهندية. هذه مشاهد من الحياة اليومية، نباتات وحيوانات وأشخاص حقيقيون».
يشير كارتر إلى أن الرسومات أيضاً تحمل روحاً مختلفة، فهي غنية بالتفاصيل الدقيقة مثل المنمنمات ولها شخصية متفردة تظهر في تصوير الحركة، فبالنطر للوحة تمثل سنجاب مالابار العملاق في شجرة لوز بتوقيع الشيخ زين الدين، نلمح السنجاب وهو يأكل ثمرة لوز، وفي لوحة طائر اللقلق وهو يأكل الحلزون، هنا أيضاً نوع من الحركة وهو ما يميزها فهي ليست فقط رسومات تسجيلية للحيوانات، ولكنها مليئة بالدقة والحيوية والتوصيف الذي نجم عن الرسم من الطبيعة لمشاهد حية في حديقة حيوان إمبي.
يختصر كارتر أهمية اللوحات بقوله: «تعكس هذه اللوحات المبهجة الانبهار بثقافة الهند وتاريخها، من لكناو إلى كلكتا إلى دلهي وأغرا، وتعرض أسلوباً هجيناً رائعاً يجمع بين العناصر المغولية والأوروبية. هذه الأعمال هي نتاج تعاون حقيقي - ليست صوراً كبيرة للرعاة أنفسهم، بل لوحات للنشاط البشري اليومي، فضلاً عن دراسات دقيقة للطبيعة والعمارة العامية».

- طائر اللقلق وجاكلين كينيدي
تحمل لوحة طائر اللقلق، موقعة من قبل الشيخ زين الدين ومؤرخة عام 1781، جاذبية إضافية فهي كانت من ممتلكات سيدة أميركا الأولى جاكلين كيندي، وتم بيعها ضمن مزاد لـ«سوذبيز» لتركة كيندي في 1996، تعليقاً على افتتان جاكي كينيدي بالمنمنمات الهندية، كتبت الصحافية سوزي مينكس، في مقال لجريدة «نيويورك تايمز» عن هذا البيع: «... يا له من مذاق غريب! المرأة التي أصرت على رؤية تاج محل على ضوء القمر وركوب فيل مع أختها لي رادزيويل في رحلة إلى باكستان انجذبت إلى المنمنمات في حدائق المغول».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.