بث إعصار «إيدا» الذي بدأ يضرب لويزيانا على الساحل الجنوبي للولايات المتحدة مخاوف من وقوع خسائر فادحة بسبب اشتداد سرعة الرياح إلى درجة غير مسبوقة في المنطقة، منذ إعصار «كاترينا» المدمر عام 2005، مما أجبر السكان على الفرار أو الاحتماء، وسط تحذيرات خبراء الأرصاد الجوية من أخطار متزايدة في نيو أورليانز وعلى طول 350 ميلاً من السدود والجدران والمضخات والبوابات التي جرى بناؤها حول المدينة وقايةً إضافية.
ووصل إعصار «إيدا» إلى السواحل الأميركية أمس الأحد، مصادفاً الذكرى السنوية الـ16 لإعصار «كاترينا»، الذي وصل إلى سواحل نيو أورليانز بقوة من الدرجة الثالثة بعدما كان من الدرجة الخامسة فوق خليج المكسيك، في تذكير مؤلم بالموت والدمار الذي أحدثه والندوب النفسية التي لا تزال عميقة في المدينة.
وتضاعفت المخاوف بشأن أوضاع المستشفيات بسبب تفشي وباء فيروس «كورونا». وتوالت التحذيرات من أن «إيدا» يمكن أن يكون أشد وطأة من إعصار «كاترينا» التاريخي، الذي أدى إلى مقتل 1833 شخصاً، وألحق أضراراً بأكثر من مائة مليار دولار، وأغرق مساحات شاسعة من نيو أورليانز، مما أدى إلى مشاهد من المعاناة أرعبت الأميركيين، مما بدفع السلطات آنذاك إلى إنشاء نظام حماية من الفيضانات بقيمة 14.5 مليار دولار حول نيو أورليانز.
ووصف حاكم ولاية لويزيانا جون بيل إدواردز التأثير المحتمل لـ«إيدا» بأنه تاريخي، فقال: «هذا سيكون أحد أقوى الأعاصير التي تضرب أي مكان في لويزيانا منذ خمسينات القرن التاسع عشر على الأقل».
ونبه «المركز الوطني للأعاصير» إلى أن هذا الإعصار «الخطير» يهدد نيو أورليانز والعديد من المراكز السكانية الأخرى على طول ساحل الخليج الشمالي ومئات الأميال في الداخل، محذراً من أن العاصفة ستدفع بأمواج المد العاتية بارتفاع 10 أقدام إلى 15 قدماً من المحيط إلى الشاطئ مما «يهدد الحياة بشدة» على الساحل في جنوب شرقي لويزيانا. وتوقع حدوث «أضرار كارثية للرياح» قرب مكان وصول العاصفة إلى الشاطئ، مع فيضانات داخلية «كبيرة» تصل إلى 20 بوصة من الأمطار.
وقبل وصول الإعصار، كتبت «دائرة الأرصاد الجوية الوطنية» في نيو أورليانز للمواطنين: «من فضلكم تفهموا الأمر؛ هناك احتمال أن تكون الظروف غير صالحة للعيش على طول الساحل لبعض الوقت، وأن المناطق المحيطة بنيو أورليانز وباتون روج يمكن أن تبقى من دون كهرباء لأسابيع».
وحذرت السلطات الأميركية من أن آثار الإعصار تمتد من الساحل الأوسط لولاية لويزيانا إلى الحدود مع ميسيسيبي، متوقعة هبوب العواصف من الساحل الأوسط في لويزيانا إلى حدود ألاباما وفلوريدا وخليج موبايل باي.
وشعر خبراء الأرصاد بقلق بالغ من زيادة قوة «إيدا» بشكل كبير أثناء عبوره فوق المياه الدافئة للغاية لخليج المكسيك. وأظهرت الدراسات أن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر بسبب تغير المناخ الناجم عن نشاطات الإنسان زاد من احتمال تسريع نظم العواصف المدارية.
ومع اقتراب «إيدا» من الساحل، قال مدير «مكتب نيو أورليانز للأمن الداخلي والاستعداد للطوارئ»، كولين آرنولد، إنه «كان هناك استثمار بقيمة 15 مليار دولار في النظام على مدار الـ16 عاماً الماضية، ونحن في وضع أفضل بكثير مما كنا عليه عام 2005». وأضاف: «مع ذلك، لا تزال هذه عاصفة خطيرة للغاية».
وأصدر رئيس بلدية نيو أورليانز، لاتويا كانتريل، أمر إخلاء إلزامي للسكان خارج نظام السدود بالمدينة، حيث يمكن أن يصل ارتفاع المياه إلى 11 قدماً (نحو 4 أمتار)، ودعت إلى عمليات إخلاء طوعي في أماكن أخرى من المدينة. ولفت إلى أن الأوان فات على الإخلاء الإلزامي للمناطق داخل نظام حماية السدود. وبدلاً من ذلك، أصدرت تعليمات للسكان بالإخلاء طوعاً إذا أمكنهم ذلك. وقالت: «يجب أن يكون الناس في أماكنهم الآمنة».
بالإضافة إلى نيو أورليانز، دعت العديد من المقاطعات في جنوب شرقي لويزيانا إلى عمليات إجلاء إلزامية وطوعية قبل العاصفة. كما صدر أمر إخلاء إلزامي لمقاطعة هانكوك في ساحل ميسيسيبي.
وفي العام الماضي، تعرضت لويزيانا لثلاثة أعاصير: «لورا» من الدرجة الرابعة في أغسطس (آب)، و«دلتا» و«زيتا» في أكتوبر (تشرين الأول). وتسببت هذه العواصف الثلاث في خسائر تقدر بنحو 27 مليار دولار.
«إيدا» يضرب السواحل الأميركية بعواصف وأمواج عاتية
يتزامن مع الذكرى السنوية الـ16 لـ«كاترينا»... ولا سابق له منذ 1850
«إيدا» يضرب السواحل الأميركية بعواصف وأمواج عاتية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة