مصر: طفرات تدريسية وارتباكات تربوية

تباين تأثير الفصول الإلكترونية على المراحل المختلفة

TT

مصر: طفرات تدريسية وارتباكات تربوية

لم تكن الطفرات حكراً على «كورونا المستجد» وحده، خاصة أنها في حالته لم تكن غالباً إيجابية أو متوقعة، ومنذ بدء رصد الإصابات بالفيروس في مصر في فبراير (شباط) من العام الماضي، طرأ على أنظمتها للتعليم والتدريس طفرات مماثلة بدت متناسبة مع ضبابية التوقعات؛ ورغم أن بداية عهد الجائحة شهدت حديثاً حاسماً عن «عدم إغلاق المدارس»، فإن المتغيرات اضطرت البلاد للإجراء، وما بين الفعلين ازدهر التشتت وبدت الأسر المصرية مشدودة بين مُرين أولهما: صحي، والثاني: تعليمي.
وتُسجل ذاكرة أولياء الأمور، وربما الطلبة الأكبر نسبياً تلك الصورة شبه المكررة لتلاميذ أولى سنوات الدراسة المستقرين في مقاعدهم يرددون جماعياً خلف مُعلمهم «زرع، حصد، كتب»، لكن أحداً منهم لم يكن ليتوقع أن يستهل أولاده الصغار يومهم بالرد على سؤال مباغت من مدرسهم عن: «هل الكاميرا مفتوحة؟، هل أغلقتم الميكرفون؟».
بالنسبة إلى أسرة هبة حسين، وهي ربة منزل وأم مصرية لثلاثة أبناء في مدارس حكومية بمحافظة الفيوم (80 كليومتراً جنوب غربي القاهرة)، فإن تفاعلها مع الجائحة على المستوى الدراسي لم يكن معبراً عن سمة واحدة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكنني القول إن تجربة التعلم عن بُعد جيدة أو سيئة بالكامل، الأمر متوقف على المرحلة الدراسية»، وتشرح: «هناك مثلاً حالة ابني الأكبر وهو في المرحلة الثانوية، وكان الأمر بالنسبة له بسيطاً ومتوافقاً مع الاستعدادات التي كانت تعمل عليها وزارة التعليم للتعليم التفاعلي، عبر أجهزة التابلت المدرسية».
وتستكمل: «لكن المشكلة الرئيسية كانت في الطفلتين الأصغر سناً، وهما في مرحلة رياض الأطفال والابتدائية، وفي حالتهما تقريباً لا أعتبر أنهما تلقتا تعليماً خلال (محنة كورونا)، وذلك لأن الاعتماد على الشرح التلفزيوني أو قنوات اليوتيوب أو «الأونلاين» وغيرها، كلها مسائل شكلية لا تعوض الحضور المباشر وتأسيس الطلبة بشكل جيد».
ما تذهب إليه الأم المصرية تفسره الخبيرة التربوية، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الاعتماد على التعليم عن بُعد هو بلا شك جزء من المستقبل، لكنه لا يُعبر عن كل المطلوب تربوياً وتعليمياً في المراحل كافة»، وتوضح: «في المراحل الأصغر سناً لا يمكن الاستغناء عن التدريس المباشر، لدوره في اكتساب القيم، وتغيير السلوك، وبناء الشخصية والتفاعل مع المجتمع، وكلها سمات لا تكتسب أبداً بالتعليم عن بُعد للصغار».
وبشأن تقييمها للتجربة المصرية في هذا الصدد، تؤكد الخبيرة التربوية: «إنه لا يُمكن اعتبارها إيجابية أو حققت أهدافها حتى الآن لأسباب مختلفة: أهمها اقتصادي يرتبط بالقدرة المادية لعوام الناس على الوصول المستقر واللازم للإنترنت، خاصة أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن (ثُلث المواطنين تحت خط الفقر الوطني)».
وانعكس قرار وزارة التعليم في مصر منذ العام الدراسي الماضي بالاعتماد على التعليم التفاعلي في المراحل الدراسية كافة، على عدد مستخدمي الإنترنت في مصر الذين بلغوا نحو 70 مليون شخص يلجون للشبكة العنكبوتية عبر الهاتف المحمول والإنترنت المنزلي والهوائي، وذلك حتى نهاية مايو (أيار) الماضي، ووفق «تقرير مؤشرات الاتصالات الصادر عن وزارة الاتصالات المصرية»، وبنسبة زيادة في الاشتراكات تتراوح بين 20 : 40 في المائة سنوياً تختلف بحسب وسيلة الوصول للإنترنت.
وتقول الدكتورة بثينة عبد الرؤوف إن «تلك الأرقام تشير إلى القدرة على الوصول إلى الشبكة ولا تعني بالضرورة القدرة على شراء باقات وسعات للاستخدام، خاصة بالنسبة للأسر الفقيرة، ولديها أبناء في مراحل تعليمية متعددة».
ومع إقراراه بأحقية الأسر في القلق الصحي على مستقبل أولادها، فإن وزير التعليم المصري، الدكتور، طارق شوقي، قال إن «الوزارة تجاهد لاستكمال العام الدراسي، وتوفير كل الوسائل الممكنة مع الأخذ في الاعتبار خوف الأهالي المشروع من تأثير الجائحة»، وأشار إلى أنه «في حين حرم فيروس (كورونا المستجد) مليار ونصف المليار طفل من التعليم، فإن مصر لم تشهد حرمان أي طفل لنفس السبب».



المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

TT

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية، دفعت أنقرة بمرتزقة ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد»، الذي غالبية عناصره من تركمان سوريا، إلى ليبيا. وبعد اقتتال دام 14 شهراً، نجحت القوات التابعة لحكومة فايز السراج، في إجبار قوات «الجيش الوطني» على التراجع خارج الحدود الإدارية لطرابلس.

وفي تحقيق لـ«الشرق الأوسط» تجري أحداثه بين ليبيا وسوريا والسودان وتشاد ومصر، تكشف شهادات موثقة، كيف انخرط مقاتلون من تلك البلدان في حرب ليست حربهم، لأسباب تتراوح بين «آيديولوجية قتالية»، أو «ترغيب مالي»، وكيف انتهى بعضهم محتجزين في قواعد عسكرية بليبيا، وأضحوا الحلقة الأضعف بعدما كان دورهم محورياً في بداية الصراع.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

مرتزقة الحرب الليبية.. وقود المعارك وعبء الانتصارات والهزائم