تصاعد أرباح «منصات القرصنة» يهدد صناعة الترفيه حول العالم

تقرير اقتصادي يشير إلى تحقيقها 1.3 مليار دولار سنوياً

فيلم «صاحب المقام» من بين الأعمال الفنية التي تعرضت للقرصنة خلال الشهور الأخيرة
فيلم «صاحب المقام» من بين الأعمال الفنية التي تعرضت للقرصنة خلال الشهور الأخيرة
TT

تصاعد أرباح «منصات القرصنة» يهدد صناعة الترفيه حول العالم

فيلم «صاحب المقام» من بين الأعمال الفنية التي تعرضت للقرصنة خلال الشهور الأخيرة
فيلم «صاحب المقام» من بين الأعمال الفنية التي تعرضت للقرصنة خلال الشهور الأخيرة

تتزايد بشكل لافت معدلات قرصنة المحتوى الترفيهي عالمياً، ما يشير إلى أن جميع الجهود التي بُذلت على مدار الأعوام الماضية لم تؤتِ ثمارها، فقد أشارت دراسة نُشرت نتائجها في «بلومبرغ»، في منتصف الشهر الجاري، إلى أن مواقع وتطبيقات قرصنة المحتوى الترفيهي تحقق أرباحاً سنوية تتخطى 1.3 مليار دولار بسبب الإعلانات.
وهو ما يشير إلى أن خطر مواقع القرصنة لا يهدد صناعة الترفيه فحسب، ولكن يمتد كذلك إلى الأشخاص الذين ربما يمسهم الضرر، فحسب التقرير الذي نشرته «بلومبرغ» وأجرته منظمة «ديجيتال سيتزنز أليانس» غير الربحية بالتعاون مع شركة مكافحة القرصنة «وايت بوليت سولوشنز»، فإن بعض الإعلانات الموضوعة على مواقع القرصنة تحوي روابط يستخدمها المتسللون لسرقة المعلومات الشخصية أو شن هجمات إلكترونية، كما أشار التقرير إلى أن عدد هذه المواقع يصل إلى 84 ألف موقع ترفيه غير قانوني.
ويعلق المنتج السينمائي المصري أيمن يوسف على ذلك، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «السيطرة على مواقع قرصنة المحتوى تتعقد يوماً بعد يوم، لا سيما مع تضخم أرباحها، وهذا من شأنه تهديد صناعة الترفيه بشكل عام والسينما بشكل خاص».
ويربط المنتج السينمائي بين ارتفاع أرباح مواقع عرض المحتوى الترفيهي المقرصن وبين جائحة كورونا، قائلاً: «تداعيات الجائحة التي أبقت العالم عالقاً داخل حجرات خاوية من التواصل الاجتماعي المباشر، جعلت الملايين حول العالم يتوقون إلى مشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية عبر الإنترنت، فهي وسيلة مجانية تحقق الترفيه، وتلبي نمط الإنفاق الحذر الذي يعيشه العالم منذ ظهور الوباء، ما أتاح الفرصة لقراصنة المحتوى الترفيهي للوصول إلى عدد أكبر من المتابعين، ومن ثم زيادة الإعلانات وعوائدها».
وعن الخسائر التي تتكبدها صناعة الترفيه، يقول يوسف: «بعد سنوات من محاولات دحض القرصنة دون جدوى، لم يعد أمام الصناع سوى تقليص ميزانية الإنتاج ما ينعكس بلا جدال على مستوى العمل الفني، ولا أنكر أننا كمنتجين نحاول خفض الميزانية المخصصة لأي عمل فني ربما إلى النصف، لأننا نعلم جيداً أن الفيلم، على سبيل المثال، سيسرق ويصبح متاحاً عبر الإنترنت عشية عرضه الأول في دور السينما»، مشيراً إلى أن «ثمة ثلاثة روافد يعتمد عليها منتج العمل الفني، الأول هو السينما التي باتت مكلفة للبعض بسبب تكلفة تقنيات العرض، والثاني هي القنوات المفتوحة التي كانت قبل سنوات تلهث للحصول على حق العرض الأول للعمل الفني، بينما الآن اختفى هذا الرافد تماماً، فالقنوات تعلم أنه لن يكون العرض الأول من ثم لن تتمكن من استقطاب المعلنين لتغطية التكلفة، أما الرافد الثالث هي المنصات الرقمية المشفرة التي باتت تشتري الأعمال الفنية بمقابل مادي أقل كثيراً بسبب إتاحته على الشبكة العنكبوتية، وصاحب العمل لا يجد أمامه خياراً سوى القبول وإلا تكبّد مزيداً من الخسائر».
ثمة متهم آخر يشير إليه تقرير «بلومبرغ»، وهو العلامات التجارية البارزة التي تعرض إعلاناتها عبر مواقع وتطبيقات القرصنة، ما يمنح هذه المواقع طابعاً شرعياً، بينما تواجه العلامات الكبرى مخاطر تتعلق بالسمعة عند ظهور إعلاناتها على المواقع غير المشروعة، وحسب التقرير، فقد استحوذت العلامات التجارية الكبرى على نحو 4 في المائة من الإعلانات على مواقع القرصنة و24 في المائة من الإعلانات على تطبيقات القرصنة. وكان الجزء الأكبر من الإعلانات بشكل عام في شكل «محتوى برعاية».
وحسب الخبراء، مجرد وجود جزء صغير من إجمالي الإعلانات لشركات كبرى، تمثل عائقاً في السيطرة على مواقع المحتوى المقرصنة من الانتشار لأنها تجعل الموقع يبدو أكثر شرعية، من ثم تزيد من احتمالية قيام المستخدمين بالنقر فوق الإعلانات الاحتيالية التي تظهر بجانب المحتوى.
ويرى يوسف أن منصات شهيرة، مثل «فيسبوك» و«غوغل»، هي عماد الأزمة، بسبب الإعلانات التي تتيحها هذه المنصات لمواقع المحتوى المسروق، ويقول: «ثمة تحركات عدة قام بها صُناع المحتوى خلال السنوات الماضية للحد من انتشار هذه المواقع، مثل التشريعات التي صدرت للتصدي لأي شخص يقوم بتصوير عمل فني داخل قاعة السينما، لكن التطور التقني يسير بسرعة يصعب ملاحقتها، لذلك الحل حتماً يجب أن يأتي من منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها (فيسبوك)، كذلك محرك البحث (غوغل)، بمنع ظهور مثل هذه المواقع المحتالة أو على الأقل منع الإعلانات، ومن ثم لن يجد هؤلاء الدافع للاستمرار». ويردف: «الواقع يشير إلى العكس تماماً، فثمة تضخم في مكاسب القائمين على القرصنة تقابلها خسائر لصُناع المحتوى قد تدمر سوق الإنتاج الفني».


مقالات ذات صلة

فعالية «بلاك هات» تعود في نسختها الثالثة بالرياض بجوائز تفوق مليوني ريال

تكنولوجيا فعالية «بلاك هات 2024» تهدف لتمكين خبراء الأمن السيبراني عالمياً عبر ورش وتحديات تقنية مبتكرة (بلاك هات)

فعالية «بلاك هات» تعود في نسختها الثالثة بالرياض بجوائز تفوق مليوني ريال

بمشاركة عدد كبير من الشركات السعودية والعالمية والشخصيات الرائدة في المشهد السيبراني.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد الهجمات الإلكترونية تكلف الشركات 1.9 % من إيراداتها في المتوسط (رويترز)

الهجمات الإلكترونية تكلف الشركات البريطانية 55 مليار دولار في 5 سنوات

قالت شركة «هاودن» لوساطة التأمين، إن الهجمات الإلكترونية كلفت الشركات البريطانية نحو 44 مليار إسترليني (55.08 مليار دولار) في السنوات الخمس الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا حذّرت شركة «فورتينت» من تهديدات سيبرانية متزايدة استهدفت انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أدوبي)

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

بيّن التقرير تسجيل أكثر من 1000 نطاق وهمي جديد يحمل محتوى انتخابياً منذ بداية عام 2024، يستهدف خداع الناخبين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تظهر دراسة جديدة لشركة «سايلزفورس» تراجع الثقة بالشركات لدى 72 في المائة من العملاء حول العالم.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)

تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

حذر خبير دولي في إدارة صناديق الثروة السيادية، من التحديات المخاطر التي تمثلها عمليات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (مسقط)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».