شبح الانقسام يُهدد مسار التسوية السياسية في ليبيا

دعوات لـ«إحياء إقليم طرابلس»... وتصاعد نبرة الكراهية

TT

شبح الانقسام يُهدد مسار التسوية السياسية في ليبيا

تُخيم على ليبيا هذه الأيام «أجواء سلبية» ساهمت في إخراج خلافات الأفرقاء السياسيين إلى العلن للمرة الأولى منذ تولى السلطة التنفيذية الجديدة الحكم قبل نحو خمسة أشهر، وسط مخاوف من إعادة الانقسام السياسي، والإطاحة بـ«اتفاق جنيف» لوقف إطلاق النار، الذي قد يفتح الباب أمام بارونات الحرب ثانيةً، ثم تعطيل المسار السياسي.
يدعم هذه المخاوف حالة التلاسن وتصاعد نبرة الكراهية، فضلاً عن حملات التشكيك والتندر المتبادلة بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي راهناً، وما واكبها من تمسك مجلس النواب الليبي بضرورة إخضاع حكومة «الوحدة الوطنية» التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، للاستجواب، عن الأشهر الخمسة التي أمضتها في إدارة البلاد، ومدى قيامها بالتعاطي مع أزمات البلاد.
ووسط دفاع معارضين للحكومة عن حق مجلس النواب في مساءلتها، وتلويح عقيلة صالح رئيس البرلمان، عبر الفضائيات بأنه سيسحب «الثقة» من حكومة الدبيبة، التي وصفها بـ«الفاشلة»؛ إن لم تحضر جلسة الاستجواب المقررة غداً (الاثنين)، تخل الأخير عن ابتسامته المعهودة، وقال بنبرة غاضبة إن حكومته تواجه «حرباً من قبل البرلمان والأحزاب والخاسرين»، قبل أن يشير إلى أنه سيكون خارج ليبيا في الموعد المحدد لمثول حكومته أمام مجلس النواب.
هذه التجاذبات دفعت عضو مجلس النواب صالح قلمة، للقول إن «ملامح فقدان الثقة بالحكومة بدأت تظهر على السطح، حتى من قبل المواطن البسيط». ورأى أن «الحكومة لم توفر الخدمات الأساسية كالكهرباء والسيولة والدواء؛ وللأسف نرى الدبيبة يجتمع بالنواب، ويحاول رفض الاستجواب، وهناك من يشجعه ويصفق له لكي يجعل منه طرفاً أساسياً آخر في الصراع، وفي أي تسوية قادمة».
وفيما أبدى قلمة أسفه لعدم امتثال الدبيبة لجلسة المساءلة، وصف الكاتب الصحافي محمد بعيو التهديد بسحب الثقة من الحكومة بـ«مناورة ذكية خلطت الأوراق، ونقلت الحكومة من حالة الهجوم الشعبوي والإعلامي إلى حالة الدفاع الفئوي والجهوي، والانكماش السياسي». وتساءل: «هل سيتصرف عبد الحميد الدبيبة بحِكمة تُنجيه، أم بتهور سيؤذيه»؟
وذهب سياسيون ليبيون إلى أن هذه الأجواء تلقي بظلالها حتماً على المسار السياسي، وتقلل فرص اتجاه البلاد لإجراء الاستحقاق الانتخابي المرتقب قبل نهاية العام.
نذر الانقسام التي لاحت بوادرها ثانية بين «معسكري» غرب البلاد وشرقها، وصلت مداها إلى تبني مجموعة من الشخصيات الليبية في العاصمة فكرة إحياء «إقليم» طرابلس التاريخي، وهي الدعوة التي لاقتاً رفضاً واسعاً حتى داخل طرابلس نفسها؛ ووصفها بعض المراقبين بأنها تدفع البلاد دفعاً نحو «التقسيم والتفتيت»، علماً بأن ليبيا كانت مقسمة تاريخياً إلى ثلاثة أقاليم هي «برقة» بنغازي في الشرق، و«فزان» جنوباً، بالإضافة إلى «طرابلس».
وذهب مالك أبو شهيوة، أستاذ العلوم السياسية في ليبيا، إلى أن «الذين يدعون ويعملون من أجل تحقيق ما يسمى (إقليم) طرابلس، بدعم من بعض الدول التي ترى ليبيا إماراتها التاريخية لا يمثلونني (...) يمثلني فقط من يصدح ويعمل من أجل تكريس وحدة التراب الليبي ووحدة الدولة الليبية».
وتداولت وسائل إعلام محلية ومنصات إلكترونية، تفاصيل اجتماع ضم عشرات الشخصيات الليبية بينهم عمداء بلديات وقيادات عسكرية بغرب ليبيا، الاثنين الماضي، بمقر مكتب دعم السياسات برئاسة الوزراء، وتناقشوا حول آليات إحياء «الإقليم».
وبدا أن الدعوة، وإن كانت تستهدف التأكيد على مطالب «الإقليم» السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفقاً لـ«ضرورات المرحلة»، بحسب محضر الاجتماع المُسرب، فإن الفكرة نفسها لاقت رفضاً واسعاً، وهو ما حذر منه أبو القاسم قزيط عضو المجلس الأعلى للدولة، الذي تخوف من دعوات تهدف إلى «تفتيت الوطن الليبي وتمزيق هويته الواحدة».
وقال قزيط في إدارج له عبر صفحته على «فيسبوك»: «أي دعوة للهويات الفوق وطنية العابرة للحدود والأوطان هي إضعاف للهوية الوطنية الجامعة»، مستطرداً: «ليبيا، وليبيا فقط، هي الأرض الطيبة التي تنغرس فيها أقدامنا، وهي سماؤنا التي نتطلع لها بأبصارنا وبصيرتنا».
وانتهى قزيط قائلاً: «أي دعوة للهويات التحت وطنية، سواء لقبائل أو مدن أو جهات، أو أقاليم، هي دعوات لتفتيت الوطن الليبي (...) ليبيا اليوم نحن أحوج ما نكون فيها للبحث عن المشتركات التي هي كثيرة، والبعد عن التمترس الجهوي والمناطقي والقبلي».
واستكمالاً لمعارضة فكرة إحياء (إقليم) طرابلس، وصف محمد عامر العباني عضو مجلس النواب عن مدينة ترهونة (غرب ليبيا)، هذه الدعوات بأنها «عمل غير صالح». وقال: «وحدة التراب الوطني دونها الموت، ومن يدعون لتفكيك الوطن بأي صورة فهم يسعون لتسفيه تضحيات من وحدوه».



بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.