إسرائيل أخطرت أميركا قبل ساعتين فقط بهجومها على «نطنز»

«سي آي إيه» تطالب بإجابات وتفسير

منشأة "نطنز" النووية في إيران استهدفت في ابريل الماضي (إ.ب)
منشأة "نطنز" النووية في إيران استهدفت في ابريل الماضي (إ.ب)
TT

إسرائيل أخطرت أميركا قبل ساعتين فقط بهجومها على «نطنز»

منشأة "نطنز" النووية في إيران استهدفت في ابريل الماضي (إ.ب)
منشأة "نطنز" النووية في إيران استهدفت في ابريل الماضي (إ.ب)

كشفت مصادر أميركية وإسرائيلية أن تل أبيب أعطت واشنطن تحذيراً قبل ساعتين فقط من مهاجمة منشأة «نطنز» النووية الإيرانية في أبريل (نيسان) الماضي، ما عكس سياسة رئيس الوزراء آنذاك، بنيامين نتنياهو، بإبقاء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الظل بشأن الإجراءات الإسرائيلية في إيران. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، التي نقلت تصريحات المصادر، أن الهجوم على منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية - والتي لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها - يعكس عدم ثقة نتنياهو في إدارة بايدن.
وبحسب ما أوردت الصحيفة، فقد تبنى نتنياهو هذه السياسة لأنه لم يثق في الإدارة الأميركية الجديدة التي اختارت مخالفة سياسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بعد قرارها الشروع في محادثات مع طهران حول عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 مع إيران، والتي كانت إدارة ترمب قد تخلت عنها في عام 2018. وذكرت مصادر البيت الأبيض أن الخطوة الإسرائيلية انتهكت سياسة غير مكتوبة ظلت سارية لسنوات عديدة للتشاور مع الولايات المتحدة حول عمليات مثل تلك التي نفذتها في «نطنز».
ودفع ذلك التصرف واشنطن للتعبير عن معارضتها باعتبار أن مهلة الإشعار التي قدمها نتنياهو قبل الهجوم على «نطنز» كانت قصيرة للغاية وحرمت وكالات المخابرات الأميريكية الـ(سي آي إيه) من الوقت الكافي للرد. وبعد أيام من الهجوم، ذكرت مصادر صحافية أميركية أن واشنطن لم تشارك في العملية ولم ترد على الإشعار الإسرائيلي. واتصل بيرنز بنظيره يوسي كوهين رئيس الموساد معرباً عن قلقه بشأن الازدراء وفقاً للأشخاص الذين اطلعوا على المكالمة.
من جانبها، قالت المصادر الإسرائيلية إنهم أخفوا معلومات عن زملائهم الأميركيين بسبب وجود تسريبات بشأن عمليات سابقة، وهو ما نفاه المسؤولون الأميركيون. وذكرت مصادر أخرى في القدس أن إدارة بايدن لم تكن منتبهة للمخاوف الإسرائيلية بشأن إيران وركزت أكثر من اللازم على إحياء الاتفاق النووي مع إيران. وأكدت مصادر في واشنطن أنه عندما دخل بايدن البيت الأبيض، عاد نتنياهو إلى موقفه تجاه إدارة باراك أوباما السابقة التي استاء منها لتوقيعها على الاتفاق النووي الإيراني الذي عارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، بشدة.
وبعد هجوم «نطنز»، اتصل مدير الـ«سي آي إيه»، ويليام بيرنز، بالرئيس السابق لوكالة التجسس الإسرائيلية «الموساد» آنذاك، يوسي كوهين، للتعبير عن قلقه بشأن تلك المعاملة، ورد كوهين بأن تحذير اللحظة الأخيرة كان بسبب القيود التشغيلية وعدم اليقين حول موعد تنفيذ الهجوم بالضبط. وبعد نحو أسبوعين، زار كوهين واشنطن، حيث التقى بايدن وبيرنز فيما وصفته المصادر بأنه استقبال حار.
وتردد أن هجوم 11 أبريل دمر النظام الكهربائي لمنشأة تخصيب اليورانيوم «نطنز»، فيما أكد مسؤولون استخباراتيون إيرانيون وغربيون أن إسرائيل كانت وراء الهجوم، لكن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها رسمياً. وقال الخبراء إن الهجوم عطل المشروع النووي الإيراني، لا سيما قدرته على تخصيب اليورانيوم. ووقع الهجوم بعد أقل من أسبوع من بدء المحادثات الأولى، غير المباشرة، بين الأميركيين والإيرانيين لإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015. وفي الأشهر الخمسة التي كان خلالها بايدن ونتنياهو في المنصب في نفس الوقت، لم يلتق الزعيمان مطلقاً.
وعلى صعيد متصل، كشفت برقية أرسلتها وكالة المخابرات المركزية هذا العام، نقلاً عن الضابط المسؤول عن بناء شبكات تجسس في إيران وترددت أصداؤها في جميع أنحاء مقر وكالة الاستخبارات «أن شبكة المخبرين الأميركية ضعفت إلى حد كبير بسبب عمليات مكافحة التجسس الوحشية التي نفذتها طهران، والتي أعاقت جهود إعادة بنائها». وقال مسؤولون إن إسرائيل ساعدت في سد العجز، حيث زودت عملياتها القوية في إيران الولايات المتحدة بكميات كبيرة من المعلومات الاستخبارية الموثوقة حول الأنشطة النووية الإيرانية وبرامج الصواريخ ودعمها للميليشيات في جميع أنحاء المنطقة، وفقاً لـ«نيويورك تايمز».
وتتمتع أجهزة المخابرات في البلدين بتاريخ طويل من التعاون وتوسعت خلال إدارة الرئيس دونالد ترمب التي وافقت أو كانت طرفاً في العديد من العمليات الإسرائيلية في حرب الظل ضد إيران. لكن ذلك تغير بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، الذي وعد باستعادة الاتفاق النووي مع إيران الذي عارضته إسرائيل بشدة. وتفضل إدارة بايدن النهج الدبلوماسي، وإحياء الاتفاقية النووية لعام 2015 والبناء عليها، بينما يقول المسؤولون الإسرائيليون إن القوة وحدها هي التي يمكن أن تمنع إيران من بناء قنبلة نووية.



تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع مباحثات مع رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وجاءت زيارة بارزاني لأنقرة، الثلاثاء، بدعوة من إردوغان، في وقت يجري فيه التلويح بتحرك عسكري تركي لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وكذلك مع انطلاق عملية جديدة في تركيا تهدف إلى حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابية.

وفي هذه الأجواء، زار بارزاني أنقرة للمرة الثانية في أقل من 3 أشهر، حيث زارها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى إردوغان، قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية في كردستان التي أجريت في الـ20 من الشهر ذاته.

جانب من لقاء إردوغان وبارزاني بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الرئاسة التركية)

وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات مع بارزاني سبقت لقاءه مع إردوغان.

وبالتزامن مع مباحثات بارزاني مع إردوغان وفيدان، التقى نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية، عبر حسابها في «إكس»، عن انعقاد اللقاء دون ذكر أي معلومات عما دار فيه.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ خلال استقباله رئيس حزب «حراك الجيل الجديد» شاسوار عبد الواحد (الخارجية التركية)

ويتزعم عبد الواحد، وهو رجل أعمال من السليمانية، حزب «حراك الجيل الجديد»، أكبر أحزاب المعارضة في إقليم كردستان العراق، وحل الحزب في المركز الثالث بعد حزبي «الديمقراطي الكردستاني»، و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وحصل على 15 مقعداً من أصل 100 في برلمان الإقليم.

موقف حكومة أربيل

وبحسب مصادر تركية، تناولت مباحثات إردوغان وبارزاني، التي حضرها فيدان أيضاً، العلاقات بين أنقرة وأربيل، والوضع في كردستان، والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التي أجريت في أكتوبر الماضي، إلى جانب التعاون في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني.

وفقد الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، الأغلبية، التي كان يتمتع بها سابقاً، رغم حصوله على 39 مقعداً، فيما حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برئاسة بافل طالباني، على 23 مقعداً.

ولم يتم تشكيل حكومة جديدة في كردستان، حتى الآن، ويواجه الحزبان صعوبة في عقد تحالفات مع المعارضة التي أعلنت رفضها المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية.

ويتطلب تشكيل الحكومة تنازلات متبادلة بين الأحزاب، في ظل سعي كل حزب لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مباحثاته مع بارزاني (الخارجية التركية)

وتقول أنقرة، إن حزب «العمال الكردستاني» قاد حملة لدعم «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بقيادة بافل طالباني، في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقبلة.

كما تتهم طالباني، بدعم وجود «العمال الكردستاني» في محافظة السليمانية وفي سوريا، بعد توليه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأغلقت في 3 أبريل (نيسان) 2023 مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى مطار «السليمانية»، متهمة حزب «العمال الكردستاني» باختراق المطار، وتهديد الأمن الجوي، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية التركية وقتها.

ومددت تركيا، الاثنين، حظر الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية، للمرة الثالثة. وقال مدير المطار، هندرين هيوا، إن تركيا مددت حظر الرحلات الجوية لـ6 أشهر إضافية، قبل يوم من انتهاء الحظر.

وكان يعمل في السليمانية نحو 176 مكتباً سياحياً تعلن عن رحلات يومية إلى تركيا اضطر معظمها لتعليق عمله، بعد قرار الحظر التركي.

وبينما تشيد تركيا بموقف أربيل، تهدد بفرض مزيد من الإجراءات ضد السليمانية، إذا لم يوقف طالباني دعمه لـ«العمال الكردستاني».

وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (الخارجية التركية)

واتفقت أنقرة وبغداد على التنسيق ضد حزب «العمال الكردستاني»، عبر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقعها وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي، في ختام الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى بين البلدين، عُدّت جزءاً من استكمال التفاهمات التركية - العراقية بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، والتعاون في تحييد حزب «العمال الكردستاني» ومقاتليه.

موقف ضد «العمال الكردستاني»

وأعلنت بغداد «العمال الكردستاني» «تنظيماً محظوراً»، بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لبغداد وأربيل في أبريل (نسيان) الماضي، إلا أن تركيا لا تزال تنتظر من بغداد إعلانه «منظمة إرهابية»، كما هو الحال في تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا.

وعشية زيارة بارزاني لأنقرة، هدد إردوغان بدفن المسلحين الأكراد بأسلحتهم إن لم يقوموا هم بدفن هذه الأسلحة، ملوحاً بعملية عسكرية تركية خارج الحدود، إذا كان هناك تهديد لحدود تركيا. وقال إن على جميع الأطراف أن تجري حساباتها على هذا الأساس.

كما انتقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي حضر لقاء إردوغان وبارزاني، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي عقب مباحثاتهما في أنقرة، الاثنين، السماح بوجود عناصر حزب «العمال الكردستاني» في سنجار، قائلاً إنه ربما يتغير الوضع قريباً.

حوار مع أوجلان

وجاءت زيارة بارزاني في أجواء عملية جديدة بمبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي، تضمنت دعوة زعيم «العمال الكردستاني»، السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، للحديث في البرلمان وإعلان حل الحزب، والتخلي عن أسلحته، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إطلاق سراحه، مبرراً ذلك بالتطورات في المنطقة.

وأيد إردوغان دعوة حليفه، لكنه تجنب تماماً الإشارة إلى إمكانية إطلاق سراح أوجلان، الذي سمح لوفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا، بلقائه في سجنه في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب البلاد، واختتم «وفد إيمرالي»، الذي يضم كلاً من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر، وبروين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الثلاثاء، جولة على الأحزاب السياسية، عقب اللقاء الذي تم مع أوجلان في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للتباحث حول ما جاء، والتصور المروح لحل المشكلة الكردية في تركيا، وإنهاء الإرهاب وحل حزب «العمال الكردستاني».

جانب من لقاء رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزال مع وفد إيمرالي (موقع الحزب)

وبدأت الجولة بلقاء رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الخميس الماضي، ثم لقاءات مع رئيسي حزبي «المستقبل» أحمد داود أوغلو، و«السعادة» محمود أريكان، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله غولر، وعدد من نواب رئيس الحزب، الاثنين، ثم لقاء رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، و«الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان، الثلاثاء.

واستثني من اللقاءات حزب «الجيد» القومي، الذي رفض أي مفاوضات مع أوجلان.

ورحبت الأحزاب التركية بالعملية الجديدة، مشترطة أن تتسم بالشفافية، وأن تجرى من خلال البرلمان، وأن تحظى بأكبر مشاركة مجتمعية في كل مراحلها.

وشهدت تركيا في الفترة بين عامي 2013 و2015 عملية مماثلة استهدفت حل المشكلة الكردية، حظيت بدعم من مسعود بارزاني، الذي زار مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، بصحبة إردوغان الذي كان رئيساً للوزراء في 2013، قبل أن يعلن إردوغان نفسه في 2015 عدم الاعتراف بعملية الحل، قائلاً إنه لا يوجد مشكلة كردية في تركيا.