اعتراف حوثي بخطف 140 مدنياً خلال أسبوع... بينهم نساء

TT

اعتراف حوثي بخطف 140 مدنياً خلال أسبوع... بينهم نساء

اعترفت الميليشيات الحوثية قبل أيام باختطاف 140 مدنياً، بعد أن وجهت لهم تهماً ملفقة بالتخابر مع الحكومة الشرعية، في حين أكدت مصادر يمنية مطلعة أن الميليشيات وسعت من عمليات الاختطاف لتطال أعداداً من النساء في عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وذكرت حقوقيون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي الجماعة نفذوا، منذ مطلع الشهر الحالي، حملة اعتقالات واسعة طالت مدنيين رجالاً ونساء من مختلف الأعمار والتوجهات السياسية في العاصمة ومدن أخرى خاضعة لقبضتهم.
وقال الحقوقيون إن «حملات الانقلابيين غير المبرَّرة التي استهدفت المنازل والأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمعاهد ومساكن الطلبة والأسواق والمتنزهات والحدائق والمقاهي ومقار الأعمال الحكومية والخاصة ونقاط التفتيش، أسفر عنها اعتقال المئات من المدنيين».
وفي سياق اعتراف الميليشيات بشن الحملات القمعية، أكد موقع الإعلام الأمني التابع للحوثيين خطف مسلحي الجماعة أكثر من 140 مواطناً في صنعاء ومدن يمنية أخرى، خلال الأسبوع الثاني من أغسطس (آب).
وأرجعت الجماعة الحوثية ذلك إلى ما تسميه «التخابر» مع الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها، وهي ذريعة كيدية كثيراً ما تنسبها الجماعة لكل الرافضين لفسادها وعبثها وجرائمها بحق المدنيين ومن يعارضون مشاريعها الإيرانية الدخيلة على اليمنيين بحسب مراقبين.
ولم يتطرق إعلام الميليشيات إلى أي تفاصيل أو معلومات تتعلق بهوية المختطفين المدنيين وأماكن خطفهم ومصيرهم بالوقت الحالي.
وترجح مصادر حقوقية أن أعداد المدنيين المعتقلين مؤخراً على يد الجماعة يفوق أضعاف ما أعلنته في وسائل أعلامها، وتعتقد أن «مئات السجون الحوثية، بينها السرية في صنعاء، ومدن تحت قبضتها باتت اليوم نتيجة تكثيف الجماعة حملات الملاحقة والاختطاف تعج بآلاف المعتقلين من الرجال والنساء».
ويُتهم انقلابيو اليمن بالزج بآلاف اليمنيين بسجون وأقبية سرية تابعة لها بسبب مواقفهم وآرائهم المعارضة لها. ويتحدث سكان في صنعاء المصادر عن مواصلة الحوثيين استخدام تُهم «الارتزاق والعمالة والانتماء للتنظيمات الإرهابية» وغيرها للبطش والتنكيل بمن تعتقد أنهم مناهضون لها ورافضون لمشاريعها، في حين تسخر سلطات القضاء والأمن وغيرها من السلطات الأخرى تحت قبضتها، في سبيل ممارسة أبشع الانتهاكات والتعسفات بحق المدنيين الأبرياء.
وعلى مدى السنوات القليلة المنصرمة توالت كثير من الاعترافات الحوثية بممارسة جرائم اختطاف متعددة بحق يمنيين، رافقها أيضاً تبادل للاتهامات بين قادة ومشرفي الجماعة بالوقوف وراء ارتكابها.
وفي أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، اعترفت الجماعة بأنها خطفت أكثر من 6 آلاف شخص بمناطق سيطرتها، بعد أن وجهت لهم تهماً بمساندة الحكومة اليمنية الشرعية وتحالف دعم الشرعية في اليمن، وذلك في معرض تباهيها بما أنجزته أجهزتها الأمنية من أعمال قمعية خلال 3 سنوات من الانقلاب. واقتصر ذلك العدد من المخفيين قسراً لدى الجماعة، كما ورد في اعترافها، على الذين خطفتهم الأجهزة الأمنية التابعة لداخليتها في حكومة الانقلاب، ولا يشمل، بحسب حقوقيين يمنيين تحدثوا في وقت سابق مع «الشرق الأوسط»، المعتقلين الآخرين الذين اختطفتهم الجماعة عبر أجهزتها المخابراتية الأخرى، الذين تُقدّر أعدادهم بالآلاف، وأغلبهم من المنتمين حزبياً والناشطين المدنيين.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية اتهمت خلال السنوات القليلة الماضية الميليشيات الحوثية بتصعيد جرائم الملاحقة والاختطاف بحق المدنيين بمدن سيطرتها، بينهم نساء وأطفال.
وكشف تقرير حديث صادر عن وزارة حقوق الإنسان اليمنية عن تعرض نحو 1635 من المعتقلين اليمنيين لعمليات تعذيب نفسية وجسدية جسيمة، بينما تُوفي نتيجة التعذيب نحو 350 سجيناً بينهم 33 امرأة.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».