ارتفاع المقاتلين الأجانب مع الأكراد إلى 150.. والنظام تسيطر على «حندرات»

«العفو الدولية»: أدلة جديدة عن ارتكاب النظام السوري جرائم حرب

مقاتلون أجانب مع قوات حماية الشعب الكردية لدى توجههم إلى مدينة رأس العين شمال سوريا لمحاربة «داعش» (رويترز)
مقاتلون أجانب مع قوات حماية الشعب الكردية لدى توجههم إلى مدينة رأس العين شمال سوريا لمحاربة «داعش» (رويترز)
TT

ارتفاع المقاتلين الأجانب مع الأكراد إلى 150.. والنظام تسيطر على «حندرات»

مقاتلون أجانب مع قوات حماية الشعب الكردية لدى توجههم إلى مدينة رأس العين شمال سوريا لمحاربة «داعش» (رويترز)
مقاتلون أجانب مع قوات حماية الشعب الكردية لدى توجههم إلى مدينة رأس العين شمال سوريا لمحاربة «داعش» (رويترز)

سيطر الجيش السوري على قرية حندرات إلى الشمال من حلب، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان والإعلام السوري الرسمي، مما يعزز هيمنة قوات النظام على منطقة تستخدمها الجماعات المسلحة كطريق إمداد للمدينة. في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة العفو الدولية عن أدلة جديدة تؤكد ارتكاب النظام السوري جرائم حرب.
وبينما نشرت وحدات حماية الشعب الكردية صورا لمقاتلين، قالت إنهم من الجيش السويدي يشاركون الوحدات في المعارك ضد «داعش»، أعلن جهاز الأمن السويدي، أمس، أن 150 شخصا على الأقل توجهوا إلى سوريا للانضمام إلى جماعات متطرفة.
وقال نائب رئيس الجهاز، يوهان سجو، إن عدد المقاتلين الأجانب يمكن أن يكون نحو 250 شخصا، بينما عاد نحو 50 فردا إلى الدولة الإسكندنافية. وأضاف سجو في تصريح له: «لا توجد إشارة إلى تراجع عدد الذين توجهوا إلى سوريا للالتحاق بالجماعات مثل تنظيم داعش».
وأوضح ريدود خليل، الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب، أن الصور التي نشرت هي لشباب من السويد أتوا إلى سوريا للمشاركة في القتال إلى جانب الأكراد، كانوا قد خدموا في صفوف الجيش السويدي، وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يوميا يصل شباب أجانب من بلدان أوروبية عدة للالتحاق بالوحدات، وقد تجاوز عددهم اليوم الـ150 مقاتلا، عدد قليل منهم من النساء».
وكانت الوحدات قد أعلنت قبل أيام قليلة عن مقتل 4 مقاتلين أجانب قتلوا على أرض المعركة، كان آخرهم شابة ألمانية.
وقال المرصد السوري إن الجيش سيطر بدعم من مسلحين على قرية حندرات بعد اشتباكات عنيفة على مدى 10 أيام مع «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية أخرى. وكان الجيش قد حاصر حندرات ومناطق أخرى إلى الشمال من حلب أواخر العام الماضي في محاولة لقطع خطوط الإمداد، واستمرت يوم أمس الاشتباكات في القرية وحولها على وقع تنفيذ الطيران الحربي كثيرا من الهجمات.
وتنقسم مدينة حلب بين الجيش السوري مدعوما بمسلحين وبين مجموعة من الجماعات المسلحة منها «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية ومجموعات معارضة. وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن «الجيش سيطر على حندرات ومحيطها سيطرة كاملة بعد أن قضى على آخر العناصر الإرهابية». وأظهر تقرير لوكالة الأنباء الرسمية صورة لجنود سوريين وهم يرفعون بنادقهم وقبضات أيديهم احتفالا.
في سياق آخر، أكد الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب، أن الأكراد تمكنوا من السيطرة على تلتين استراتيجيتين بين منطقتي «المناجير» و«رأس العين» بريف الحسكة. كذلك، أشار المرصد إلى تجدد الاشتباكات بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي مدعمة بقوات حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر في محيط بلدة تل تمر بريف الحسكة. ونقل عن مصادر موثوقة أن وحدات حماية الشعب الكردي تمكنت من الاستيلاء على عربة مدرعة في ريف رأس العين (سري كانيه)، عقب هجوم عنيف لمقاتلين من الوحدات الكردية، تمكنوا خلالها من قتل 7 عناصر من تنظيم داعش والاستيلاء على كمية من الأسلحة وسحب جثث معها.
وذكر «مكتب أخبار سوريا» أن الفصائل المنضوية في غرفة علميات بركان الفرات بريف حلب الشرقي سيطرت على منطقة قرة قوزاق الواقعة على نهر الفرات مال شرق مدينة حلب بنحو 110 كلم، وذلك بعد معارك لأيام مع تنظيم داعش تزامنت مع غارات لطيران التحالف الدولي على مواقع التنظيم في المنطقة.
وأفاد أحد القادة الميدانيين بأن القوات المشتركة في الغرفة التي تضم وحدات حماية الشعب الكردية وفصائل من الجيش السوري الحر، سيطرت على منطقة قرة قوزاق «بالكامل» بعد أن أخرجت التنظيم من آخر قريتين فيها، وهما الشيخ صالح وكي كدده، وجاء ذلك بعد اشتباكات «عنيفة ومتواصلة» استمرت قرابة 8 ساعات.
وفي دمشق، تصدى مقاتلو المعارضة السورية، أمس، لمحاولة العناصر النظاميين اقتحام حي جوبر من جهة حاجز عارفة شرقي دمشق، مصحوبين بالدبابات والعربات الثقيلة، وفق ما ذكر «مكتب أخبار سوريا».
وأكد قائد ميداني في «جيش الإسلام» للمكتب أن عناصر المشاة النظاميين حاولوا التقدم باتجاه الحي مستفيدين من «تغطية نارية كثيفة» أمنتها القوات النظامية بالرشاشات، بينما شن طيران قوات النظام 4 غارات «لتسهيل» اقتحام الجنود للحي، ولفت المصدر إلى أن فصائل المعارضة تمكنت من صد الهجوم وقتل مقاتل من المعارضة و3 جنود نظاميين وإصابة نحو 13 مقاتلا من الطرفين.
على المستوى الدولي، أعلنت منظمة العفو الدولية أنها توصلت إلى أدلة جديدة، حول ارتكاب النظام السوري جرائم حرب في البلاد. وأشار تقرير نشرته المنظمة إلى أن قوات نظام الأسد شنت هجوما بغاز الكلور على قريتين في ريف إدلب شمالي سوريا، أسفر عن مقتل أفراد أسرة كاملة، بينهم 3 أطفال دون الثالثة من العمر.
وبينما أكد التقرير أن الهجومين قدما أدلة جديدة على أن قوات الحكومة السورية ترتكب جرائم حرب مستمرة، قال فيليب لوثر، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «إن من الواجب إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية». وأفاد بأن هناك مقاتلين من الجيش السوري الحر بين المصابين، إلا أن المدنيين يشكلون الغالبية بين المتأثرين من الهجوم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.