قمة فلسطينية ـ مصرية ـ أردنية مرتقبة «لتنسيق المواقف»

تهيئة دعم عربي قبل توجه عباس للأمم المتحدة

جدارية في رام الله للطواقم التي تعمل خلال تفشي «كورونا» (وفا)
جدارية في رام الله للطواقم التي تعمل خلال تفشي «كورونا» (وفا)
TT

قمة فلسطينية ـ مصرية ـ أردنية مرتقبة «لتنسيق المواقف»

جدارية في رام الله للطواقم التي تعمل خلال تفشي «كورونا» (وفا)
جدارية في رام الله للطواقم التي تعمل خلال تفشي «كورونا» (وفا)

قال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، إنه من المتوقع أن تعقد قمة ثلاثية فلسطينية مصرية أردنية في أقرب وقت، قبل توجه الرئيس محمود عباس إلى الأمم المتحدة، من أجل تنسيق المواقف.
وأضاف الأحمد: «ستكون هذه القمة في القاهرة»، مؤكداً حاجة القيادة الفلسطينية للتنسيق المستمر مع الجانبين المصري والأردني.
ويعمل الفلسطينيون مع مصر والأردن منذ شهور طويلة، من أجل وضع خطة تحظى بدعم عربي ثم أميركي من أجل إطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة تقود إلى مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يتم خلالها فرض تهدئة واسعة في كل المناطق؛ الضفة والقدس وقطاع غزة، بما يشمل بدء إعمار القطاع.
وقد بدأ هذا التنسيق قبل وصول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للحكم واستمر لما بعد ذلك، لكنه تكثف وأخذ منحى متسارعاً بعد الحرب على قطاع غزة، وإبداء الإدارة الأميركية رغبة في إيجاد حل شامل يقوم على حل الدولتين، وليس مجرد حل جزئي في قطاع غزة.
من جهتها، تسعى القيادة الفلسطينية للانخراط في مسار سياسي تحت إشراف اللجنة الرباعية الدولية، ومن أجل ذلك تريد أكبر دعم عربي ممكن. لهذا، شدد الأحمد على ضرورة تنسيق المواقف مع جميع الدول العربية والإسلامية في هذا الوقت، وقال أيضا إن «اتصالات بدأت تجري» لعقد قمة عربية برئاسة الجزائر، وإن القيادة الفلسطينية تعمل على توحيد الجهد العربي الذي انقسم بسبب ممارسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بما يعارض مبادرة السلام العربية التي أطلقت عام 2002 بغرض حل القضية الفلسطينية.
وأكدت مصادر في السلطة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس الفلسطيني منفتح على إنهاء كل الخلافات مع المحيط العربي، واتفق سابقاً مع العاهل الأردني الملك عبد الله والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على خلق أجواء جديدة. وتأثرت علاقة السلطة بدول في الإقليم، من بينها دول خليجية، بسبب تباين المواقف حول مسائل فلسطينية داخلية، والعلاقة مع الإدارة الأميركية القديمة والتطبيع مع إسرائيل، ووصل ذلك إلى حد تبادل الاتهامات بشكل رسمي.
لكن مع وصول الإدارة الأميركية الجديدة، تغير كل شيء في رام الله.
وتعول السلطة الفلسطينية على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لدفع عملية سلام جديدة في المنطقة. واعتبر الأحمد أن المطلوب من الإدارة الأميركية أن «تمارس ضغطاً حقيقياً على إسرائيل»... وأضاف: «لدينا معلومات أن الإدارة الأميركية أبلغت رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بنيت، بأن يأتي إلى أميركا ولديه شيء بخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بينما استبق هو الأمور وصرح بأنه لا يوافق على إقامة دولة فلسطينية، وأنه سيواصل الاستيطان»، مشدداً على أن السلطة الفلسطينية لا تقبل الآن ولا في المستقبل أن تتولى أميركا إدارة عملية السلام وحدها، «ومتمسكون بما طرحه الرئيس محمود عباس حول مؤتمر دولي للسلام بمشاركة الرباعية الدولية، ودول أخرى، على أساس قرارات الشرعية الدولية».
في شأن آخر، أوضح الأحمد أن اجتماع مركزية «فتح» الأخير، تناول كل القضايا التنظيمية والتطورات السياسية ومنها موضوع الوحدة الوطنية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال على الأرض ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية. وقال: «خلال الأسبوع المقبل، سيكون هناك اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من أجل ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي».
واتفاق وحدة وطنية مع «حماس» إحدى القضايا على أجندات عباس الذي يريد، ويسعى لمخاطبة العالم من منبر الأمم المتحدة كقائد لكل الفلسطينيين وليس لبلد منقسم ومتفرق. ومن المتوقع أن يلقي عباس، الشهر المقبل، خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفيه سيطرح مبادرة سياسية من أجل صنع السلام تتضمن رؤية للتقدم في هذا المسار، بما يشمل توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».