«القوات» يحضر عريضة اتهام نيابية لرئيس الوزراء بسبب الأزمة المعيشية

TT

«القوات» يحضر عريضة اتهام نيابية لرئيس الوزراء بسبب الأزمة المعيشية

أعد تكتل «الجمهورية القوية» (نواب «القوات») عريضة اتهام بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وبعض الوزراء تحملهم المسؤولية عن الأزمة المعيشية التي يعاني منها اللبنانيون.
وتحتاج هذه العريضة إلى توقيع 26 نائبا لكي تسلك مسارها القانوني، الأمر الذي وصفه رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «حزب القوات» اللبنانية شارل جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «ليس صعبا».
واستندت الكتلة، بحسب بيان، لأحكام المادتين 70 و80 من الدستور، والمادتين 18 و19 من القانون رقم 13/90، الخاص بأصول المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لـ«إخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم، والذي أدى إلى الأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها الشعب اللبناني على مختلف الأصعدة، لا سيما أزمة المحروقات والكهرباء والدواء».
وأوضح النائب عن تكتل «الجمهورية القوية» جورج عقيص أن «هذه العريضة تحتاج لكي تسلك مسارها القانوني إلى توقيع 26 نائبا يشكلون خمس أعضاء المجلس، وهو ما سيملي علينا التواصل مع بعض الكتل النيابية لعرض الموضوع عليها لأخذ موافقتها على العريضة وتواقيع نوابها عليها».
وتعصف بلبنان أزمة اقتصادية خطيرة بعد انهيار قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي، لم يشهد مثلها في تاريخه الحديث، وطالت القطاعات الحياتية كافة من محروقات وكهرباء ودواء. كما يشهد البلد أزمة سياسية تحول دون توافق الأطراف المختلفة منذ العام الماضي على تشكيل حكومة يضغط المجتمع الدولي لتشكيلها لكي يكون في إمكانها إجراء إصلاحات أساسية في البلاد تمهد لتسلم مساعدات دولية.
وقال عقيص: «في خضم الهموم التي يعاني منها الشعب اللبناني يجب ألا يغيب عن بالنا مبدأ المحاسبة الذي لا تحسب له هذه السلطة أي حساب، وتستمر في سياساتها المدمرة دون رادع، حيث تأتي عريضة الاتهام بمثابة تحميل الحكومة مسؤولية فشلها الذي أدى إلى كوارث، وإرساء مبدأ الثواب والعقاب على كل متول للمسؤولية العامة».
وأضاف أن «التكتل سيمضي قدما في مشاورته لجمع التواقيع النيابية المطلوبة حتى ولو تشكلت حكومة جديدة، لأن مسؤولية الحكومة الحالية لا تنقضي إلا بمرور الزمن على الأخلال بالواجبات الوظيفية».
وتحتاج العريضة إلى موافقة 26 نائباً، ما يعني حشد نحو 10 نواب آخرين يضافون إلى تواقيع أعضاء كتلة «الجمهورية القوية». وقال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور إن «القوات ستبدأ بجولة سياسية على الكتل التي ما زالت موجودة في البرلمان اللبناني، على سبيل المثال كتلة حزب «الاشتراكي» وكتلة «تيار المستقبل»، للحصول على التواقيع اللازمة ولاستطلاع آرائها، ومعرفة الأسباب الموجبة التي تحول دون توقيعها في حالة الرفض».
ويضم تكتل «الجمهورية القوية 15 نائباً، في حين تضم كتلة «المستقبل» التي يتزعمها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري 20 نائباً، أما كتلة الحزب «التقدمي الاشتراكي فتضم 8 نواب.
وقال جبور: «لم نكشف على مضمون العريضة وحيثياتها القانونية لإفساح المجال أمام الكتل النيابية للنقاش أو اقتراح بعض التعديلات على بعض النصوص وإدخال بعض الأمور عليها».
وأضاف: «نعتبر أن الحصول على 26 توقيعا ليس بالأمر الصعب، فالعدد ليس كبيرا، ولسنا بحاجة إلى الذهاب إلى تعديل دستوري يتطلب توقيع الثلثين بل يكفي كتلة إضافية إلى جانب «الجمهورية القوية» لاستيفاء العدد المطلوب، لنفترض أن كتلة المستقبل وافقت أو كتلة الاشتراكي نكون قد حصلنا على التواقيع. المهم أن يكون هناك قناعة لدى القوى السياسية الأخرى بوجوب الذهاب للمحاسبة».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».