مدير المخابرات العسكرية السابق: محور المعارك سيتحول من الجبال الى المدن

المؤدب يشرح لـ {الشرق الأوسط} أسباب الهجوم على قصر باردو

مدير المخابرات العسكرية السابق:  محور المعارك  سيتحول من الجبال الى المدن
TT

مدير المخابرات العسكرية السابق: محور المعارك سيتحول من الجبال الى المدن

مدير المخابرات العسكرية السابق:  محور المعارك  سيتحول من الجبال الى المدن

أورد أمير اللواء المتقاعد محمد المؤدب، المدير العام للمخابرات العسكرية وللجمارك التونسية سابقا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية الهجوم الإرهابي على قصر البرلمان في باردو وسط العاصمة التونسية تؤكد أن محور معارك الإرهابيين الخطرين في المدن وحول رموز السيادة الوطنية وليس في الجبال»، وأن «عمليات الإرهابيين في جبل الشعانبي وغيره من الجبال والغابات النائية على الحدود الجزائرية كانت دليلا على نجاحات قوات الجيش والأمن الوطني في طردهم من المدن».
واعتبر المسؤول السابق عن المخابرات العسكرية التونسية أن «نزول الإرهابيين إلى العاصمة واستهداف قصر البرلمان والمتحف الوطني اللذين يقعان بجانب مؤسسات سيادية وعسكرية وأمنية وطنية يمثل خطرا كبيرا على البلاد، ويؤكد جدية التحذيرات التي سبق أن وجهها قبل نحو عامين مدير عام للجمارك التونسية عند اكتشاف كميات هائلة من الأسلحة المهربة من ليبيا إلى تونس».
ونوه أمير اللواء السابق محمد المؤدب بجهود قوات الجيش والأمن الوطنيين وتضحياتهم خلال الأعوام الأربعة الماضية «إلى أن اضطر الإرهابيون للفرار من التجمعات السكينة والحضرية والإدارية إلى المناطق النائية، حيث يقومون من حين لآخر بعملية محدودة في محاولة لجلب أنظار وسائل الإعلام والرأي العام إليهم وإلى أجنداتهم». لكن مخاطبنا لفت النظر إلى كون جريمة الاعتداء على السياح والموظفين ورجال الأمن في المتحف الوطني ومحيط قصر البرلمان التونسي «منعرجا خطيرا جدا في مخططات الجماعات الإرهابية والعصابات التي نقلت المعركة مجددا من الجبال والأماكن النائية إلى قلب العاصمة ومقر رموز السيادة الوطنية».
وردا على سؤال حول أوجه التشابه بين جريمة أمس في باردو والاعتداء على السياح بالقرب من الكنيس اليهودي في افريل 2011، أورد أمير اللواء المتقاعد محمد المؤدب، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفوارق كثيرة جدا.. فالهجوم الإرهابي على السياح في الكنيس اليهودي تضمن وقتها رسائل سياسية ودينية محدودة في علاقة بملف الصراع العربي الإسرائيلي واحتلال فلسطين. في المقابل فإن عملية باردو أخطر بكثير، وهي تستهدف تونس كلها شعبا وجولة وسياحة ومؤسسات ومصالح اقتصادية، وإعلامها». ولفت مخاطبنا إلى «كون الشباب والمقاتلين الذين ينتمون إلى مثل هذه العصابات المسلحة يريدون غالبا استقطاب اهتمام وسائل الإعلام والرأي العام والمدنيين وترويعهم، ولا يمكن تحقيق مثل هذه الأهداف إلا عبر قيام بعمليات في المدن وفي العاصمة، مثل الهجوم الذي وقع أمس.. والذي تفوق رسائله بعشرات المرات رسائل هجوم على عربة عسكرية أو أمنية في الجبال».
وسجل المدير العام السابق للمخابرات العسكرية والديوانة التونسية، في حواره مع «الشرق الأوسط»، أن جريمة باردو أمس كانت «أخطر عمل إرهابي عرفته تونس منذ عقود، لأنها «استهدفت في الوقت نفسه رموز السيادة السياسية (البرلمان والدولة والقيادات الحزبية) والمصالح الاستراتيجية لتونس اقتصاديا سياحيا (من خلال محاولة تدمير الموسم السياحي)، كما اختارت ترويع الشعب والنخب وتوظيف وسائل الإعلام المحلية والدولية في (حرب نفسية) للإيهام بأن الجماعات الإرهابية لم تعد هاربة في الجبال، لكنها نزلت إلى المدن وعادت إلى ضرب أهدافها الأصلية، وهي حضرية مدنية وليست عسكرية أمنية في الصحاري والمناطق الجبلية الحدودية».
وحول كون قتل الإرهابيين اللذين نفذا هذا الجرم خطأ استراتيجيا وأمنيا وسياسيا، لأنه سيحرم قوات الأمن والمحققين من معرفة الأطراف التي تقف وراءهما، أورد المسؤول العسكري والأمني السابق أن «أولوية المسؤولين الأمنيين والعسكريين في حروبهم مع الإرهابيين تكون غالبا اعتقال المجرمين أحياء لمعرفة من يقف وراءهم وللتحقيق معهم، بهدف الكشف عن خيوط أخرى وعصابات سيؤدي الكشف عنها واعتقال رموزها إلى إنقاذ البلاد من اعتداءات جديدة». لكنه استطرد قائلا «في حالة استحالة إنقاذ حياة الرهائن دون القضاء على الإرهابيين أحياء يصبح قتلهم ضرورة بهدف منع سقوط مزيد من القتلى من المحتجزين في شكل (دروع بشرية).. وهو ما حصل أمس بعد أن ارتفع عدد القتلى من بين السياح الأبرياء وإصابة آخرين بجراح، إلى جانب سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.