رحل ميسي... لكن عطره ما زال يفوح في أرجاء برشلونة

قصة النادي وساحره الصغير لم تعد تدور حول إنجازاته الاستثنائية... لكنها باتت حديثاً للذكريات

عمال ينزعون صورة ميسي عن واجهة ملعب «كامب نو» (الغارديان)
عمال ينزعون صورة ميسي عن واجهة ملعب «كامب نو» (الغارديان)
TT

رحل ميسي... لكن عطره ما زال يفوح في أرجاء برشلونة

عمال ينزعون صورة ميسي عن واجهة ملعب «كامب نو» (الغارديان)
عمال ينزعون صورة ميسي عن واجهة ملعب «كامب نو» (الغارديان)

قال النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بعد الإعلان عن رحيله عن برشلونة «كانت هناك لحظات صعبة، والعديد من الهزائم، لكن في اليوم التالي كنت أذهب إلى التدريبات وتكون هناك مباراة أخرى، وفرصة أخرى. لكن الوضع لم يعد كذلك هذه المرة، فهذه المرة لن تعود الأمور كما كانت». من المؤكد أنه سيكون هناك المزيد من مثل هذه اللحظات الصعبة والمؤلمة خلال الأشهر المقبلة، بل وبدأت هذه اللحظات بالفعل عندما لعب برشلونة أمام ريال سوسيداد، وهي المرة الأولى التي يبدأ فيها برشلونة موسماً من دون ميسي منذ عام 2005. وما يزيد الأمر حزناً وألماً أن جمهور برشلونة لم يتمكن حتى من وداع أفضل لاعب في تاريخ النادي، حيث لعب ميسي مباراته الأخيرة وأحرز هدفه الأخير، والذي كان رقم 672، أمام 200 مشجع فقط!
وبعد غياب الجماهير عن الملاعب لمدة 18 شهراً، تم السماح لـ29803 مشجعين بالعودة إلى ملعب «كامب نو»، لكن كان هناك شعور بأن الملعب خاوٍ على عروشه! وحمل الجمهور قمصان ميسي وهتفوا باسم ميسي، لكن ميسي نفسه لم يكن موجوداً! وكان النجم الأرجنتيني في كل مكان ما عدا المستطيل الأخضر.
وبعد 17 موسماً مع الفريق الكاتالوني، رحل البرغوث الأرجنتيني، لكنه لم يرحل وحده، بل أخذ معه جزءاً كبيراً من كرة القدم الإسبانية، وسيترك فراغاً لا يمكن لأحد أن يملأه. لقد قضى ميسي داخل أسوار «كامب نو» 21 عاماً، منذ أن وقّع مدير الرياضة السابق تشارلي ريكساش «عقداً» معه على منديل؛ لأنه كان يدرك جيداً أن خسارته ستكون شيئاً «نندم عليه لبقية حياتنا». والآن، من المؤكد أنه سيكون هناك ندم كبير في برشلونة؛ ذلك النادي الذي لم يكن ميسي يرغب في الابتعاد عنه، على الأقل خلال الصيف الحالي.
في الحقيقة، لم يكن رحيل ميسي يعنيه بمفرده، لكنه كان يعني الكثيرين من جيل من الجمهور الذي لم يعرف أي شيء آخر سواه، والكثيرين الذين لا يستطيعون حتى الآن تخيل رحيله عن النادي الكاتالوني.
وعندما أحرز ميسي آخر هدف له بقميص برشلونة، كان ذلك يعني أنه أصبح أكثر من سجل أهدافاً بقميص نادٍ واحد عبر التاريخ، وكان هذا الهدف من صناعة بيدري غونزاليس. وفي اليوم الذي شارك فيه ميسي في أول مباراة رسمية مع الفريق الأول لبرشلونة، والتي كانت مباراة ودية أمام بورتو البرتغالي، لم يكن بيدري قد احتفل بعيد ميلاده الأول بعد!
وعلى مدار سنوات طويلة كان ميسي هو برشلونة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حتى في ظل وجود لاعبين مميزين ورائعين من حوله مثل تشافي وأندريس إنييستا ورونالدينيو.
وقال المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا ذات مرة «لم أر لاعباً مثله من قبل، ولن أرى لاعباً مثله بعد ذلك أبداً». لقد بدأ ميسي يشعر ببعض القلق عندما حصل على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في آخر مرة، حيث اعترف بأن الوقت ينفد وأن مسيرته ربما تقترب من نهايتها، لكن الحقيقة أن رحيله عن برشلونة بهذه الطريقة كان أسوأ بكثير. وعلى الأقل، كان يمكن أن يصل ميسي إلى سن الاعتزال، الذي يوصف بأنه «الوفاة الأولى للاعب كرة القدم»، في اللحظة المناسبة والطريقة الصحيحة التي تتناسب مع لاعب أمتع عشاق الساحرة المستديرة في كل أرجاء المعمورة بسحره وبريقه على مدار سنوات طويلة حتى أصبح أسطورة حية بيننا، بل وربما يكون أفضل من لمس كرة القدم على الإطلاق. إن رحيل ميسي بهذه الطريقة قد كسر شيئاً في عالم كرة القدم لا يمكن إصلاحه على الإطلاق!
لقد أظهر ميسي ولاءه لبرشلونة حتى النهاية، وظل يدافع عن ألوان النادي الذي انضم إليه وهو في الثالثة عشرة من عمره، ويبذل قصارى جهده من أجل كتابة تاريخ حافل بالبطولات والإنجازات. ولا يتعين عليك أن تكون من مشجعي برشلونة حتى تشعر بأن ارتداء ميسي قميص باريس سان جيرمان يبدو أمراً غريباً، بل وربما خاطئاً. وربما يكون السبب في ذلك هو أن ميسي قد أفنى عمره بالكامل في برشلونة ولم نره بقميص آخر غير قميص النادي الكاتالوني الذي تألق بين صفوفه وكان الأفضل دائماً.
ومؤخراً لعب برشلونة مباراة ودية استعداداً للموسم الجديد أمام يوفنتوس الإيطالي في إطار كأس غامبر الودية، وكان ذلك في اليوم نفسه الذي أعلن فيه ميسي عن رحيله عن «كامب نو» وهو يزرف الدموع. وفي الدقيقة العاشرة من عمر اللقاء، تغنت الجماهير القليلة الحاضرة باسم ميسي، وهو الأمر الذي من المرجح أن يستمر خلال مباريات برشلونة القادمة تخليداً لأهم لاعب في تاريخ النادي. بالتأكيد، هناك حالة من الجدل بشأن أفضل لاعب في التاريخ، لكن يمكن القول على الأقل إن ميسي هو أفضل لاعب كرة قدم منذ ما يقرب من 15 عاماً. نعم، 15 عاماً، وليس ثلاثة أو أربعة، أو حتى سبعة أو ثمانية أعوام. في البداية قال النجم الهولندي يوهان كرويف، إن ميسي سيفوز على الأرجح بخمس أو ست أو سبع كرات ذهبية كأفضل لاعب في العالم، وهو الأمر الذي كان يبدو سخيفاً آنذاك، لكنه اتضح أن الأسطورة الهولندية كان لديه بعد نظر وأنه كان محقاً تماماً في تقديره لقدرات وإمكانات البولغا الأرجنتيني.
والآن، هناك 10 سنوات كاملة بين أول مرة يحصل فيها ميسي على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم وآخر مرة يحصل فيها على هذه الجائزة، وقد تطول هذه المدة إلى 12 عاماً إذا ما فاز النجم الأرجنتيني بهذه الجائزة المرموقة مرة أخرى خلال العام الحالي. وقبل أن يفوز ميسي بالكرة الذهبية في عام 2009، كان قد رُشح لها مرتين وصعد على منصة التتويج أثناء الإعلان عن الجائزة. ولا يقتصر الأمر على أنه ربما كان الأفضل على مدار 15 عاماً مجتمعة، لكنه كان الأفضل في كل موسم من المواسم التي لعبها منذ بداية مسيرته الكروية وحتى الآن.
في ذلك الوقت، قدّمه النجم البرازيلي رونالدينيو ووصفه بأنه «أفضل مني»، وهو الأمر الذي كان يبدو مستحيلاً آنذاك، لكنه تحول إلى حقيقة واضحة بعد ذلك. لقد حصل ميسي على جائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني الممتاز في ثمانية أعوام من الأعوام الـ13 الماضية، وفقاً لترشحيات صحيفة «الغارديان». وحتى خلال تسليم الجائزة إلى لويس سواريز العام الماضي وكريم بنزيمة في العام السابق، جاء ذلك بعد مقدمة اعتذار قيل فيها، إن «ميسي لا يزال الأفضل»!
ويرى كثيرون أن ميسي هو أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم، ورغم كل ذلك هناك شعور بأن هذا اللاعب الفذ لم يحصل على ما يستحق من التكريم والإشادة.
وعلى مدار مسيرته الكروية الحافلة، كان لميسي العديد من الضحايا، بما في ذلك ميسي نفسه. وحتى في مواسمه «السيئة»، كان النجم الأرجنتيني يقدم مستويات استثنائية ويغرد منفرداً في عالم من السحر والجمال والمتعة الكروية بلا أي منافس أو شريك.
لقد سجل راقص التانغو 672 هدفاً وصنع 306 أهداف خلال مسيرته مع برشلونة، لكن المشكلة كانت تكمن في أننا اعتدنا على هذا التألق من جانب ميسي وكأنه شيء طبيعي ولا جديد في ذلك. وقال اللاعب الأرجنتيني السابق خورخي فالدانو «ميسي هو مارادونا كل يوم»، مشيراً إلى أن مارادونا نفسه لم يكن مثله.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن ميسي سجل أكثر من 20 هدفاً في الدوري في 13 موسماً متتالياً، وهو ما يؤكد على أن النجم الأرجنتيني لم يكن موهوباً فحسب، لكنه كان يعمل بكل قوة وشراسة من أجل الحفاظ على مستواه على مدار هذه السنوات الطويلة.
في الحقيقة، تعجز الكلمات تماماً عن وصف ما يقدمه هذا الساحر الأرجنتيني، ولا يمكن حتى للأرقام والإحصائيات أن تعطيه ولو جزءاً بسيطاً من حقه. ويحب أحد زملاء ميسي أن يقول دائماً إنه إذا اعتزل ميسي كرة القدم فإنه يتعين علينا أيضاً أن نعتزل؛ لأن رحيله عن المستطيل الأخضر سيفقد اللعبة جزءاً كبيراً من متعتها وسحرها، ويجعل كل عشاق الساحرة المستديرة يتساءلون عن كيف سيصبح حال اللعبة من دون هذا النجم الفذ.
لقد قال غوارديولا ذات مرة «لا تحاول أبداً أن تشرح ما يقوم به ميسي، ولا تحاول الكتابة عنه، استمتعوا فقط بمشاهدته». في الحقيقة، كانت هذه نصيحة جيدة؛ لأن مجرد رؤية ميسي داخل الملعب تجلب الجمال والتألق والبهجة والإلهام. ودائماً ما يخرج لنا ميسي الجديد والمثير من مستودع موهبته الذي لا ينفد، للدرجة التي تجعلك تشعر وكأنه ليس طبيعياً أو أنه قادم من كوكب آخر. ولم يكن الأمر يتعلق بالأرقام والإحصائيات بقدر ما يتعلق بالمتعة واللمحات الفنية التي يمكن أن تجعلك سعيداً خلال الأمسية بأكملها، والأهداف الاستثنائية التي لا تمل من مشاهدتها، ومراحل التطور المختلفة للنجم الأرجنتيني.
يمكنك أن تختار بعضاً من أفضل اللحظات في مسيرته – مثل الثلاثية التي أحرزها في مرمى ريال مدريد في مباراة الكلاسيكو وهو في التاسعة عشرة من عمره، أو أول هدف يحرزه بمهارة فردية فائقة على طريقة مارادونا، أو أدائه الاستثنائي أمام أتلتيك بلباو في نهائي كأس ملك إسبانيا، أو انطلاقته الصاروخية على ملعب «سانتياغو برنابيو» – لكن يمكن بسهولة لأي مشجع آخر أن يختار لحظات أخرى من التألق، نظرا لأن ميسي لم يكن يتوقف عن إبهارنا جميعاً بأشياء خارقة للعادة ولكل قوانين الطبيعة.
ومن حيث التكامل الفني، قد يكون أفضل أداء قدمه ميسي على الإطلاق في تلك المباراة التي سحق فيها برشلونة غريمه التقليدي ريال مدريد بخماسية نظيفة، رغم أن النجم الأرجنتيني لم يسجل أي هدف في تلك الأمسية التاريخية.
إن ميسي يلمس الكرة بطريقة مختلفة عن باقي اللاعبين، وكأنه يغازلها، كما أنه يمتلك رؤية خارقة ويرى زوايا للتمرير لا يراها سواه. إنه يجعلك تشعر وكأن ما يقوم به سهلاً وأنه يمكن للاعب آخر أن يمرر الكرة بهذه الطريقة، لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً. وعندما يمرر ميسي كراته البينية القاتلة فلا يمكن للمنافسين إيقافها، وعندما ينطلق بسرعته الفائقة فإن الكرة لا تبتعد عنه كثيراً وكأنه يربطها بين أقدامه.
وبعد نهاية المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا هذا العام، اصطف لاعبو برشلونة في طابور لالتقاط صورة، ليس مع الكأس، ولكن مع قائدهم وملهمهم ميسي، في مشهد ربما يكون الأكثر بلاغة على الإطلاق، حيث يغني عن أي تعليق أو إيضاح.
وعلاوة على ذلك، كان هناك الكثير من كلمات الإشادة، التي ما قيلت لن تفي هذه الأسطورة حقها، والتي كان من بينها تصريحات خورخي سامباولي عندما قال، إن مقارنة أي لاعب آخر بميسي يشبه مقارنة شرطي عادي بباتمان - لكن تلك اللحظات العفوية والصامتة هي التي تعكس بشكل أفضل تفوقه وأهميته وتاريخه ومسيرته الكروية التي تقترب من نهايتها.
إننا نتذكر جميعاً رد فعل غوارديولا عندما تلاعب ميسي بجيمس ميلنر خلال مباراة برشلونة أمام مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا عام 2015، كما نتذكر كيف وضع النجم الكاميروني صامويل إيتو رأسه بين يديه مندهشاً عندما سجل ميسي هدفاً استثنائياً في مرمى خيتافي، وكيف ظلت جماهير ريال بيتيس تتغنى باسمه ميسي وتهتف له على ملعب «بينيتو فيامارين»، وكأنهم يشعرون بالسعادة للخسارة أمامه، فضلا عن الكثير والكثير من اللحظات الاستثنائية في مسيرة هذا اللاعب الذي لن يجود الزمان بمثله مرة أخرى.
إن عشاق كرة القدم على اختلاف انتماءاتهم يشعرون بأن ميسي ينتمي إليهم جميعاً، وليس لبرشلونة فقط؛ ولذلك لم يكن من الغريب أن ترى جمهور الفرق المنافسة يصفقون له ويتغنون باسمه، في مشهد استثنائي في عالم كرة القدم.
وعندما سجل ميسي هدف الفوز في الوقت القاتل على أتليتكو مدريد على ملعب «واندا ميتروبوليتانو» عشية فوزه بالكرة الذهبية السادسة، قام المدير الفني لأتليتكو مدريد، دييغو سيميوني، بتقليد احتفال ميسي بجوار خط التماس، في إشارة إلى إعجابه الشديد بما يقدمه اللاعب الأرجنتيني.
لقد حث سيميوني لاعبيه على إيقاف ميسي، لكنه كان يعلم في قرارة نفسه أنهم لا يستطيعون ذلك، وقال بعد المباراة «كل ما يمكنك فعله هو التصفيق له».
والآن، وعندما تعود جماهير برشلونة للملاعب مرة أخرى فإنها لن تجد ميسي داخل المستطيل الأخضر. ولن يقتصر الشعور بالإحباط على جماهير النادي الكتالوني وحدها، لكنه سيمتد إلى كل جماهير الأندية الإسبانية، لأنها تشعر بأن الساحر الأرجنتيني لم يرحل بمفرده، لكنه ترك فراغا يستحيل على أحد غيره أن يملأه. وقال ميسي «لم أكن أتخيل رحيلي بهذه الطريقة.
كنت أتمنى أن أكون مع الناس هناك، وأن أسمع تصفيقا أخيراً، وأن أشعر بهذا الحب ونحتفل سوياً بإحراز هدف. لقد افتقدت الجماهير كثيراً على مدار عام ونصف العام، وسوف أرحل من دون أن أراهم. كنت أتخيل أنني سأرحل والملعب ممتلئ عن آخره بالجماهير، وأن أقول لهم وداعاً بشكل جيد».



في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
TT

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)

هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن مساعي الرياضيين الأولمبيين للحصول على الذهب، أبرزها المواظبة على التدريب وقضاء سنوات من الصرامة والشدة مع النفس، لكن عمر الرياضي أيضاً يعد أحد أهم هذه العوامل، وفق فريق بحثي من جامعة واترلو الكندية، استخدم الإحصائيات لمعرفة متى يبلغ أداء الرياضيين الأولمبيين في سباقات المضمار والميدان ذروته؟

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سيجنيفيكنس» (Significance) يتدرب معظم الرياضيين عادةً على مدار عدة سنوات للوصول إلى أفضل أداء ممكن لديهم أو ما يعرف بـ«ذروة الأداء» في سن معينة، قبل أن يتراجع مستوى الأداء تدريجياً.

قال ديفيد أووسوجا، طالب الماجستير في علوم البيانات بجامعة واترلو، والباحث الرئيسي للدراسة: «على عكس الرياضات الأولمبية الأخرى مثل كرة القدم، والتنس، التي لها منافساتها رفيعة المستوى خارج نطاق الألعاب الأولمبية، فإن دورة الألعاب الأولمبية هي أكبر مسرح يتنافس فيه رياضيو سباقات المضمار والميدان».

عبد الرحمن سامبا العدّاء القطري (الأولمبية القطرية)

وأضاف في بيان، نشر الأربعاء، على موقع الجامعة: «نظراً لأن الألعاب الأولمبية تقام مرة واحدة فقط كل أربع سنوات، يجب على الرياضيين في سباقات المضمار والميدان، أن يفكروا بعناية في متى وكيف يجب أن يتدربوا لزيادة فرص تأهلهم للأولمبياد لأقصى حد، بينما يكونون في ذروة الأداء الشخصي لهم». وتضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي.

قام باحثو الدراسة بتنظيم مجموعة بيانات الأداء الرياضي الاحترافي، سنة بعد سنة، لكل رياضي مسابقات «المضمار والميدان» الذين شاركوا ضمن المنافسات الفردية في دورات الألعاب الأولمبية، منذ دورة الألعاب التى أقيمت في عام 1996 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

حلل الباحثون البيانات التي أخذت في الاعتبار خمسة عوامل: «الجنس، والجنسية، ونوع المسابقة الرياضية، ومدة التدريب الرياضي على مستوى النخبة المتميزة من الرياضيين، وما إذا كان هذا العام هو العام الذي عقدت فيه مسابقات الأولمبياد أم لا».

ووجدوا أن متوسط ​​عمر مشاركة الرياضيين الأولمبيين في ألعاب المضمار والميدان ظل ثابتاً بشكل ملحوظ لكل من الرجال والنساء على مدى العقود الثلاثة الماضية: أقل بقليل من 27 عاماً.

وهو ما علق عليه أووسوجا: «من المثير للاهتمام أن تحليلنا أظهر أن متوسط ​​​​ العمر للوصول إلى (ذروة الأداء) لهؤلاء الرياضيين كان 27 عاماً أيضاً».

ووفق النتائج، فإنه بعد سن 27 عاماً، هناك احتمال تبلغ نسبته 44 في المائة فقط، أن تكون لا تزال هناك فرصة أمام المتسابق للوصول إلى ذروة الأداء الرياضي، ولكن ​​في الأغلب ينخفض هذا الرقم مع كل عام لاحق لهذا السن تحديداً.

وقال ماثيو تشاو، الباحث في الاقتصاد بالجامعة، وأحد المشاركين في الدراسة: «العمر ليس العامل الوحيد في ذروة الأداء الرياضي»، موضحاً أن «الأمر المثير حقاً هو أننا وجدنا أن مدى وعي الرياضي بتوقيت البطولة، يساعد على التنبؤ بأدائه الرياضي بجانب درجة استعداده لها». وبينما يؤكد الباحثون أن تحليلهم نظري في الأساس، فإنهم يأملون أن تكون النتائج مفيدة لكل من الرياضيين والمشجعين.

ووفق أووسوجا فإن أهم النقاط التي نستخلصها من هذه الدراسة، هي أن «هناك قائمة من المتغيرات تساعد في التنبؤ بموعد ذروة الأداء لدى الرياضيين الأولمبيين».

وأضاف: «لا يمكنك تغيير سنة الألعاب الأولمبية، أو تغيير جيناتك، أو جنسيتك، ولكن يمكنك تعديل أنظمة التدريب الخاصة بك لتتماشى بشكل أفضل مع هذه المنافسات الرياضية».

وأشار تشاو إلى أن هذا النوع من الأبحاث يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إلى الألعاب الأولمبية في المقام الأول، مضيفاً أنه «عندما نشاهد الرياضيين يتنافسون في سباقات المضمار والميدان، فإننا نشهد وفق الإحصائيات كيف يكون شخص ما في ذروة أدائه البدني، بينما يستفيد أيضاً من توقيت المنافسات ويكون محظوظًا للغاية».