حكومة رئيسي تنال ثقة البرلمان وتعد بـ«انفراجة معيشية»

تعقد أول اجتماعاتها اليوم... ووزير الخارجية يبدأ مشواره الدبلوماسي باستقبال نظيره الباكستاني

مشرعون إيرانيون يقفون لحظة التصويت على منح الثقة للحكومة أمس (أ.ب)
مشرعون إيرانيون يقفون لحظة التصويت على منح الثقة للحكومة أمس (أ.ب)
TT

حكومة رئيسي تنال ثقة البرلمان وتعد بـ«انفراجة معيشية»

مشرعون إيرانيون يقفون لحظة التصويت على منح الثقة للحكومة أمس (أ.ب)
مشرعون إيرانيون يقفون لحظة التصويت على منح الثقة للحكومة أمس (أ.ب)

في خطوة متوقّعة، منح البرلمان الإيراني الثقة لـ18 من أصل 19 مرشحاً اقترحهم الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، لدخول تشكيلة الحكومة الجديدة، الذي وعد الإيرانيين بانفراجة معيشية، والتصدي لجائحة «كورونا».
جاء منح الثقة للحكومة بعد دفاع أخير للرئيس الإيراني عن آلية تسمية الوزراء، واستراتيجيته لإدارة الجهاز التنفيذي. وقال رئيسي إنه «أصر» في تسمية الوزراء على معايير «الفاعلية والاختصاص، ومراعاة الناس، ومكافحة الفساد، والمؤهلات العلمية والعملية»، موضحاً أن التشكيلة مطابقة لوعود حملته الرئاسية.
وأدلى 286 من أصل 290 نائباً في البرلمان الإيراني بأصواتهم. وحصل مرشح حقيبة العدل، أمير حسين رحيمي، على أعلى نسبة تأييد من النواب، بحصوله على 277 صوتاً موافقاً، وعارضه خمسة نواب، وسط امتناع 3 من التصويت.
واحتل وزير الدفاع، العميد محمد رضا آشتياني، على الرتبة الثانية، بحصوله على 274 صوتاً، مقابل معارضة 4، وامتناع 4. وجاء وزير الخارجية، أمير حسين عبد اللهيان، في المرتبة الثالثة، بحصوله على تأييد 270 نائباً، ومعارضة 10 نواب، وامتناع 6 آخرين.
أما وزير الداخلية أحمد وحيدي، ووزير الطرق والتنمية الحضرية رستم قاسمي، ووزير السياحة عزت الله ضرغامي، وهم ثلاثة من جنرالات «الحرس الثوري»؛ فقد حصلوا على أقل من 270. وعارضهم أكثر من 13 نائباً. وللمرة الثانية، يتولى وحيدي وقاسمي مناصب وزارية بعد عضويتهم في الحكومة الثانية لأحمدي نجاد.
ويرث رئيسي وضعاً صعباً، في ظل نظام يتمتع فيه الرئيس بصلاحيات تنفيذية ويشكّل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العليا، بما فيها الملف النووي، تعود للمرشد علي خامنئي.

- الخط الأحمر
وقبل التصويت، تعهّد رئيسي، القاضي السابق، بالتصدي للفساد في المؤسسات الخاضعة للجهاز التنفيذي، دون الخطوط الحمراء، منوهاً بأن «الاتهامات غير المستندة الخط الأحمر الوحيد»، وقال: «إذا وصل إلينا تقرير متقن عن تورط مسؤول حكومي في الفساد، فلن نتردد في التصدي له».
ورد كذلك على الانتقادات التي اعتبرت الحكومة فاقدة للخبرة، وقال: «الوزراء الشباب الذين لديهم خبرة أقل، لو لم تتم المصادقة على مؤهلاتهم العلمية والعملية لما قدمتهم إلى البرلمان».
ونفي رئيسي في الوقت ذاته وجود «اتهامات مؤكدة» ضد أي من الوزراء. وأشار إلى أنه أجرى اتصالات بجهاز استخبارات «الحرس الثوري»، بعدما أثارت بعض الاتهامات «حساسيته»، في تلميح لاتهامات طالت الوزراء المقترحين، وكشف عن تلقيه رداً يؤكد «عدم وجود ملاحظات».
ومن الأسماء الذين طاردتهم اتهامات بالفساد، وزير الطرق قاسمي، الذي شغل منصب وزير النفط في فترة أحمدي نجاد، ويواجه تهماً في قضية التاجر بابك زنجاني، الذي تتهمه السلطات باختلاس أموال من بيع النفط خلال عملية الالتفاف على العقوبات الأميركية حينذاك.
وأعلن رئيسي أن الحكومة أطلقت موقعاً إلكترونياً يتضمن معلومات عن الوزراء، باستثناء وزير الأمن والدفاع، بسبب المعلومات العسكرية والأمنية. وكان لافتاً تركيزه في الرد على الانتقادات التي طالت حكومته فيما يخص الخبرة، وقال إن الحكومة «مزيج من التجربة والشباب». وقال: «شباب التشكيلة الحكومية مطلعون على العمل»، وأعاد الحكومة إلى «متابعة التغيير». وأضاف: «أنا والسيد قاليباف تخطينا العشرين بقليل، حين دخلنا العمل، هو أصبح قائد لواء وفيلق».
ويقول المدافعون عن الحكومة إنها تمتثل لمعايير حددتها «المرشد» الإيراني علي خامنئي ضمن سياسة «الخطوة الثانية للثورة»، التي يوصي فيها بتولي حكومة «ثورية» و«شابة» في مطلع العقد الخامس للنظام.
ووعد رئيسي بتغيير الظروف المعيشية و«كورونا»، مع استقرار حكومته ومتابعة متبادلة مع البرلمان، من «أجل حل هاجس ومشكلات الناس». وقال: «سنعقد أول اجتماع للحكومة منذ صباح الغد، إذا حصلت الحكومة على ثقة البرلمان»، مضيفاً أن إدارته «ستباشر العمل دون إهدار دقيقة واحدة، وستواصل العمل على مدار الساعة لصون حقوق الشعب وتحسين ظروفه المعيشية الراهنة». وقال إن «فيروس (كورونا) وضرورة تلقيح الجميع هما أولويتنا الأولى»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

- انفراجة في الأصول المجمدة
وأبلغ رئيسي المشرعون بـ«انفراجة جادة» في الأصول الإيرانية المجمدة. وقال إن حكومته «ستعدّ أول اجتماع غداة منح الثقة من البرلمان». ولم يتطرق رئيسي إلى محادثات إحياء الاتفاق النووي الرامية إلى رفع العقوبات الأميركية، التي توقفت بعد ست جولات على انطلاقتها في أبريل (نيسان) في فيينا.
واكتفى بالقول إن سياسته الخارجية ستركز على التعامل مع جميع الدول، ورفع العقوبات».
وقبل ذلك بيومين، قال مرشح وزير الخارجية، أمير عبد اللهيان، إن الوزارة الخارجية «لن تكون وزارة الاتفاق النووي»، ورفض «استنزاف الوقت» في المفاوضات، لكن قال إن الوزارة لن تهرب من طاولة المفاوضات في فيينا.
وتلقى عبد اللهيان، المحسوب على «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، أمس، التهاني من سلفه، محمود جواد ظريف، بعد لحظات من تلقيه أول تهنئة خارجية من نظيره الروسي، سيرغي لافروف. وسيجري عبد الليهان أول لقاءاته الدبلوماسية، عندما يستقبل اليوم نظيره الباكستاني، شاه محمود قريشي، لإجراء مباحثات حول الأزمة الأفغانية.
وكان رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، قد اعتبر، أول من أمس، أن «الصحة والاقتصاد أهم هاجسين لدى الإيرانيين»، وأصر على ضرورة تأكّد البرلمان من قدرة مرشحي الحكومة على التعامل مع الملفين.
وفي شأن متصل، أفادت مواقع إيرانية، أمس، نقلاً عن محمد مخبر، النائب الأول للرئيس، بأن رئيسي «أجرى عدد من الاتصالات، وحصلت انفراجة في الأموال الإيرانية المجمدة».
وقبل ساعات من التوجه إلى البرلمان، أصدر إبراهيم رئيسي مرسوماً بتعيين منافسه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الجنرال محسن رضائي، نائباً له في الشؤون الاقتصادية، ومنسقاً عاماً للجنة الاقتصادية العليا، وأمين اللجنة الاقتصادية في الحكومة.
ويشغل رضائي منصب أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام منذ 1997 بمرسوم من «المرشد» على خامنئي. وذلك بعدما تولى قيادة «الحرس الثوري» لفترة 16 عاماً.
وترشح رضائي أربع مرات للانتخابات الرئاسية، انسحب في المرة الأولى من السباق، وانهزم ثلاث مرات، كان آخرها في يونيو (حزيران) الماضي أمام رئيسي. وهو صاحب الرقم القياسي في الانتخابات الرئاسية. وخرج مهزوماً في المرة الوحيدة التي خاض فيها الانتخابات التشريعية لتمثيل طهران في البرلمان السادس، عام 2000.
ويقدم الجنرال المتشدد وصاحب التوجه القومي نفسه على أنه خبير اقتصادي، ويحمل شهادة الدكتوراه من كلية الاقتصاد في جامعة طهران.
وفي الانتخابات الأخيرة، أثار منافسه ورئيس البنك المركزي السابق، عبد الناصر همتي، شكوكاً حول المؤهلات العملية لرضائي. وبعد سجال حول الوضع الاقتصادي، قال همتي: «يا سيد رضائي… أنا أعلم كيف درست الاقتصاد، وطريقة حصولك على الشهادة العلمية. لقد كنتَ تجبر أساتذة الجامعات على القدوم إلى مكتبك لأخذ الاختبار منك».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.