النظام وحلفاؤه يحشدون لهجوم ضد «داعش» وسط سوريا

مدنيون يتفقدون أغراضهم في ريف إدلب بعد قصف من قوات النظام في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
مدنيون يتفقدون أغراضهم في ريف إدلب بعد قصف من قوات النظام في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT

النظام وحلفاؤه يحشدون لهجوم ضد «داعش» وسط سوريا

مدنيون يتفقدون أغراضهم في ريف إدلب بعد قصف من قوات النظام في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
مدنيون يتفقدون أغراضهم في ريف إدلب بعد قصف من قوات النظام في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)

حشد النظام السوري وحلفاؤه مجدداً، لمعركة مرتقبة ضد تنظيم «داعش» في بادية حمص وسط البلاد، بعد ارتفاع وتيرة هجمات الأخير ضد مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام و«الحرس» الإيراني واستهداف قوافل عسكرية بالقرب من منطقة السخنة شرق حمص.
وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «قاعدة السخنة العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني شرق حمص، أرسلت خلال اليومين الماضيين، تعزيزات عسكرية ضخمة، تضم آليات عسكرية بينها 15 دبابة وعدد من المدرعات والسيارات العسكرية المصفحة، ومدافع ميدانية ثقيلة، ونحو 550 عنصراً ينتمون إلى لواء القدس الفلسطيني والحرس الجمهوري السوري وميليشيا لواء فاطميون (الأفغانية)، بالإضافة إلى أكثر من 70 عنصراً من (حركة النجباء) العراقية».
ويضيف أن «الهدف من هذه التعزيزات هو الاستعداد لإطلاق عملية عسكرية جديدة خلال الأيام المقبلة ضد تنظيم (داعش) وملاحقة فلوله وتمشيط البادية السورية، انطلاقاً من بادية حمص وسط شرقي البلاد، بعد فشل قوات النظام والفرقة 25 المدعومة من روسيا وميليشيات ما يسمى الدفاع الوطني (المحلية) في تحقيق أي تقدم على حساب التنظيم، لا سيما أن سحب النظام لأعداد كبيرة من قواته والميليشيات المحلية إلى محافظة درعا جنوب البلاد، أسهم في ارتفاع وتيرة هجمات تنظيم «داعش» واستهدافه للقوافل العسكرية والمنشآت، وآخرها الأحد، عندما هاجمت مجموعات تابعة للتنظيم حقل (شريفة 6) للغاز بالقرب من منطقة السخنة شرق حمص ومقتل 4 من قوات النظام وتوقف الحقل عن العمل».
وقال مصطفى خطابي وهو مسؤول وحدة الرصد والمتابعة في محافظة حماة أمس، إن تنظيم «داعش» استطاع خلال الأيام الماضية تنفيذ سلسلة من الهجمات المباغتة على مواقع تابعة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية، بدءاً من منطقة أثريا شرق حماة، مروراً بمنطقة شاعر وطيبة وصولاً إلى منطقة السخنة شرق حمص، وتمكن خلالها من قتل 13 عنصراً من قوات النظام والميليشيات المساندة لها، بينهم ضابط برتبة مقدم، الأمر الذي دفع بالحرس الثوري الإيراني إلى تسلم مهام ملاحقة التنظيم في بادية حمص وحماة واستعداده لإطلاق عملية عسكرية واسعة بإسناد جوي روسي خلال الأيام القريبة المقبلة، بحسب المعلومات الواردة عبر وسائل التنصت، وتهدف العملية إلى ملاحقة فلول تنظيم داعش إلى بادية دير الزور والحدود العراقية شرق سوريا، لافتاً إلى أن «المعركة المرتقبة ستعتمد على خبراء عسكريين إيرانيين ومستشارين عسكريين من الحشد الشعبي العراقي».
وكانت قوات النظام السوري والميليشيات المساندة لها أطلقت عملية عسكرية بإسناد جوي روسي في شهر مارس (آذار) الماضي، ضد تنظيم «داعش»، في البادية السورية، عبر مناطق دير الزور والرقة وحمص وحماة، تهدف إلى تمشيط البادية السورية التي باتت مركز انطلاق عمليات التنظيم، إلا أن العملية لم تحقق أي تقدم على الأرض، بسبب التكتيك المتبع من قبل مقاتلي التنظيم في اعتمادها على العمليات الخاطفة واستخدامها صواريخ موجهة قادرة على استهداف الآليات العسكرية الثقيلة المهاجمة.
وفي سياق منفصل، قتل وجرح 20 عنصراً من فصيل «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) بانفجار مجهول يعتقد قذيفة مدفعية، في معسكر للتدريب شمال إدلب.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن انفجاراً وقع في أحد المعسكرات التدريبية التابعة لهيئة تحرير الشام في مركز البحوث العلمية قرب قرية رام حمدان شمال إدلب، ما أسفر عن مقتل 9 عناصر، وجرح أكثر من 10 آخرين، فيما هرعت سيارات الإسعاف إلى مكان الانفجار وعملت على إسعاف المصابين.
من جهته، قال أبو أمين وهو مسؤول المراصد العسكرية في إدلب إن سبب الانفجار في المعسكر التابع لهيئة تحرير الشام، ناجم عن انفجار قذيفة هاون عن طريق الخطأ من قبل أحد المدربين، أثناء إخضاع مجموعة من العناصر للتدريب على سلاح الهاون، ونفى أنه استهداف من قبل طائرة تابعة لـ«التحالف الدولي»، كانت تحلق في الأجواء، لحظة وقوع الانفجار.
وفي سياق آخر، أصدرت اللجان الأمنية والعسكرية في محافظة حماة وسط البلاد قراراً يقضي بمصادرة الأراضي الزراعية التي تعود ملكيتها لأشخاص تهجروا قسراً إلى مخيمات الشمال السوري وأخرى لأشخاص متهمين بالانتماء لفصائل المعارضة السورية المسلحة، واستثمارها لصالح النظام، استناداً للقانون رقم 10 الذي أقره النظام، والذي يتيح للأخير السيطرة على أملاك الغائبين والمتهمين بعمليات إرهابية على حد قوله، ونقل ملكيتها لأشخاص آخرين.
وقال الحاج أديب كشيمة من مدينة اللطامنة بريف حماة الشمالي، إن قوات النظام والمخابرات العسكرية قامت مؤخراً بإحصاء المساحات الزراعية العائدة ملكيتها لنازحين فروا من هجمات النظام خلال السنوات الماضية، وتقدر بنحو 400 ألف دونم، في كل من مدن اللطامنة ومورك وكفرزيتا وحلفايا وتسليمها لأشخاص مقربين من النظام لاستثمارها، ومنع أقارب المالكين الأصليين من استثمارها، لافتاً إلى عمليات بيع بالمزاد العلني بصورة غير قانونية تجري على الأراضي التي تعود ملكيتها لشخصيات قيادية في صفوف المعارضة السورية.
من جهته، قال أحد أبناء مدينة مورك إنه «من عشرات المواطنين الذين أبلغتنا الجهات الأمنية التابعة للنظام في مدينة مورك بعدم الاقتراب أو العمل أو جني محصول هذا العام من ثمار الفستق الحلبي في أرضي التي تعود ملكيتها لي وبمساحة تقدر بنحو مائة دونم، بحجة أن أحد أبنائي ينتمي لأحد فصائل المعارضة المسلحة».
ويضيف: «وبالرغم من كل المحاولات والوساطات مع الجهات الأمنية بالسماح بجني المحصول، فإن القرار بقي نافذاً وحرمت هذا العام من جني موسم الفستق الحلبي الذي يؤمن قوت أفراد أسرتي أمام الظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها ضمن مناطق النظام».
أما الحاج مدين الدامس من مدينة كفرزيتا شمال حماة وهو نازح في مخيم اطمة، فقال إنه أرسل «إلى أحد أقاربي توكيلاً خطياً بحرية العمل في أرضي الزراعية وزراعتها واستثمارها مناصفة بيني وبينه، إلا أن أرضي تمت مصادرتها، أما التوكيل فقوبل بالرفض، بحجة أنني فار من وجه عدالة النظام، وأنني أنتمي للفصائل، علماً بأنني لم أكن يوماً منتمياً لأي فصيل وكان الدافع الرئيسي في هروبي وأسرتي من مدينتي بسبب القصف والغارات الجوية التي استهدفت المدينة على مدار 5 سنوات».
وكان النظام السوري قد أصدر قانون ملكية جديداً في 2 أبريل (نيسان) 2018 يحمل رقم 10، ويقضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر في المناطق التي دمرتها الحرب، بينما رأى ناشطون في المجال الحقوقي أن «هذا القرار سيئ، يجيز للنظام التصرف بعودة الملكية للعقارات والأراضي الزراعية كما يرغب، وحرمان أصحابها الحقيقيين منها، لا سيما أن القرار ترافق مع إعلان النظام منح اللاجئين فرصة العودة إلى سوريا لإثبات ملكيتهم حول العقارات والأراضي الزراعية، الأمر الذي رفضه اللاجئون والمهجرون، خوفاً من الملاحقات الأمنية، وبالتالي اعتبر النظام أن أملاك اللاجئين من حق الدولة ولها حرية التصرف بهذه الأملاك».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.