الأمم المتحدة تعرض نتائج تحقيق بجرائم حرب سورية على سلطات أوروبية

دول مجلس التعاون الخليجي تعبر عن الاستياء من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية للشعب السوري

الأمم المتحدة تعرض نتائج تحقيق بجرائم حرب سورية على سلطات أوروبية
TT

الأمم المتحدة تعرض نتائج تحقيق بجرائم حرب سورية على سلطات أوروبية

الأمم المتحدة تعرض نتائج تحقيق بجرائم حرب سورية على سلطات أوروبية

كشف محققون تابعون للأمم المتحدة أمس أنهم بدأوا يعرضون تفاصيل من قاعدة بياناتهم السرية بشأن ما يشتبه أنها جرائم حرب في سوريا على سلطات أوروبية تعمل على إعداد قضايا داخلية. وقد تمهد الخطوة الطريق أمام محاسبة مرتكبي عمليات القتل والتعذيب وغيرها من الفظائع من كل الأطراف. والهدف هو تفادي مجلس الأمن الدولي حيث رفضت روسيا والصين إحالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية.
وحث باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة السلطات الوطنية على التواصل مع المحققين المستقلين الذين وضعوا 5 قوائم سرية على مدى نحو 4 أعوام.
وكان فريق بينيرو، الذي يضم ممثلة الادعاء السابقة في الأمم المتحدة لجرائم الحرب كارلا ديل بونتي قال الشهر الماضي إنه يعتزم نشر أسماء المشتبه بهم والدفع في سبيل أساليب جديدة لمحاكمتهم.
لكن اللجنة لم تصل إلى حد إعلان القوائم أمس. وقال بينيرو أمام مجلس حقوق الإنسان أمس: «يمكننا أن نقدم أفضل مساعدة في تحقيق العدالة في هذا الوقت من خلال الكشف المستهدف. سوف نقدم الأسماء والمعلومات عن جناة مشتبه بهم محددين لسلطات الادعاء الحكومية التي تعد القضايا لطرحها أمام قضاء مختص ونزيه»..
وبدورها، قالت كارين كونينج أبو زيد، وهي خبيرة أميركية في لجنة الأمم المتحدة للصحافيين: «استجبنا - على سبيل المثال - لطلبات بشأن وقائع باستخدام قاعدة بياناتنا. بالطبع هي قاعدة بيانات كبيرة.. وأكثر أهمية بكثير في الحقيقة من قائمة».
وذكرت أن 3 دول أوروبية سعت للتعاون حتى الآن لكنها رفضت الخوض في تفاصيل. ولم تشارك لجنة الأمم المتحدة معلومات عن أي فرد ارتكب جرائم. وقالت ديل بونتي إن طلبات التعاون تتعلق بالأساس «بالمقاتلين الأجانب».
وقتل أكثر من 220 ألف سوريا في الصراع السوري الذي اندلع عام 2011 باحتجاجات سلمية ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد ثم تحول إلى حرب أهلية تسببت في تشريد 3.9 مليون سوريا.
ويقول محققون إن قوائمهم المحفوظة في خزانة تتبع الأمم المتحدة تشمل أسماء قاعدة عسكريين وأمنيين وقادة جماعات متشددة وأنه تم تجميعها من خلال مقابلات مع 3800 ضحية وشاهد. وأوضح حسام الدين ألا مندوب سوريا لدى مجلس حقوق الإنسان أن النهج المنحاز والانتقائي للجنة تجاهل جرائم جماعات «إرهابية» كجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا.
من جهة اخرى أعربت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن بالغ القلق والاستياء من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية للشعب السوري، الذي أشار إليه تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا وناقشه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وشددت دول المجلس، في بيان مشترك، على أهمية تضافر الجهود من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2165 الذي نص على تيسير وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية لجميع المناطق المحاصرة والمتضررين من المدنيين، ومختلف الجهود الهادفة لمساعدة وحماية النازحين واللاجئين السوريين والدول المستضيفة لهم.
ودعت دول مجلس التعاون جميع الدول إلى المشاركة بصورة فاعلة في مؤتمر المانحين «الكويت 3» الذي يعقد في 31 مارس (آذار) الحالي، للإسهام في التخفيف من المعاناة الإنسانية التي يعانيها الشعب السوري على مدى السنوات السابقة.
وأدان سفير قطر لدى الأمم المتحدة في جنيف فيصل بن عبد الله آل حنزاب، في بيان نيابة عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مواصلة الحكومة السورية رفضها السماح للجنة الدولية للتحقيق بالدخول إلى الأراضي السورية لتنفيذ ولايتها بها بشكل كامل، مؤكدا أهمية دعوة اللجنة الدولية الواردة في التقرير بخصوص الحاجة الملحة لعمل دولي منسق ومتواصل لإيجاد حل سياسي للنزاع، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق بما يتوافق مع بيان «جنيف 1»، وما نص عليه بخصوص تشكيل هيئة حكم انتقالية تمارس مختلف السلطات التنفيذية بما يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، معربا عن أمل دول مجلس التعاون في نجاح المساعي والجهود المبذولة على كل الصعد لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وفي ضوء فشل مجلس الأمن في الاستجابة للنداءات المتكررة بضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، طالبت دول مجلس التعاون اللجنة الدولية للتحقيق بتقديم توضيح أكثر حول آلية إنشاء المحكمة الخاصة بسوريا التي ورد ذكرها في التقرير، وسلبياتها وإيجابياتها من وجهة نظر اللجنة الدولية، مؤكدة أهمية اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمساءلة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا وتقديمهم إلى العدالة الجنائية الدولية.
وأكدت دول مجلس التعاون في بيانها المشترك ضرورة الحفاظ على سيادة واستقلال سوريا، وخروج القوات الأجنبية كافة من الأراضي السورية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.