اتهامات للحكومة الإسرائيلية بـ«تبييض» المال الأسود للجيش

وزير الأمن الإسرائيلي غانتس من المدافعين عن زيادة مخصصات التقاعد لضباط الجيش (رويترز)
وزير الأمن الإسرائيلي غانتس من المدافعين عن زيادة مخصصات التقاعد لضباط الجيش (رويترز)
TT

اتهامات للحكومة الإسرائيلية بـ«تبييض» المال الأسود للجيش

وزير الأمن الإسرائيلي غانتس من المدافعين عن زيادة مخصصات التقاعد لضباط الجيش (رويترز)
وزير الأمن الإسرائيلي غانتس من المدافعين عن زيادة مخصصات التقاعد لضباط الجيش (رويترز)

في أول وقفة موحدة للمعارضة الإسرائيلية ووسائل الإعلام العبرية، تمت، أمس الاثنين، مهاجمة حكومة نفتالي بنيت على القرار الذي اتخذته في جلستها، أول من أمس، وقررت فيه منح زيادة مخصصات التقاعد لضباط الجيش النظامي، بمبلغ 1.1 مليار شيكل (310 ملايين دولار).
ووصف ذلك القرار بأنه عملية تبييض للمال الأسود، الذي اعتاد رؤساء أركان الجيش على دفعه بشكل غير قانوني للضباط. وكشف عن أن النظام في الجيش، يتيح لرؤساء الأركان منح زيادة في مخصصات التقاعد، بنسبة تصل إلى 16 في المائة، في حالات استثنائية. وتبين أن رؤساء الأركان، بمن فيهم الرئيس الحالي أفيف كوخافي، والسابقون، مثل غادي ييزنكوت وبيني غانتس، منحوا هذه الزيادة لأكثر من 98 في المائة من الضباط بشكل جارف، وهو أمر غير قانوني. وقامت الحكومة الآن، بطلب وإصرار من وزير الأمن غانتس، بتحويل هذه الزيادة إلى بند قانوني في قانون الموازنة العامة. وأعلن غانتس أنه لن يؤيد قرارات أخرى، مثل المصادقة على خفض سن تجنيد الشبان الحريديين للجيش الإسرائيلي من 24 إلى 21 عاماً، إلا إذا وافق الوزراء على زيادة المخصصات. وقد رضخ الوزراء فعلاً لهذا الإملاء، باستثناء سبعة وزراء صوتوا ضد القرار.
وادعى غانتس أنه جاء بهذا الموقف لأنه لا يريد أن يذهب ذوو الخبرات التكنولوجية في الجيش، إلى القطاع الخاص الذي يمنحهم رواتب أعلى بكثير. وقال كوخافي، من جهته، إن هذا القرار هو حول كيف تتعامل الدولة مع جيشها، وكيف تتعامل مع المدافعين عنها، ومع الأشخاص الذين بإمكانهم تطوير مستقبل مهني خارج الجيش ويقررون البقاء فيه، ودعم الدولة من خلال جيشها، براتب أقل مما يمكن تقاضيه خارج الجيش. ولفت إلى أن «70 في المائة من قدراتنا التي استخدمت في عملية (حارس الأسوار) العسكرية (العدوان الأخير على غزة)، استندت عليهم».
ودعم رئيس الحكومة، نفتالي بنيت، غانتس، وقال: نحن في عصر تزايد الطلب على أشخاص موهوبين، خاصة في مجال «الهاي تك» المتعطش لأي شخص. والتفوق الحقيقي للجيش الإسرائيلي ليس بالقادة الميدانيين فقط، وإنما بين جنود الجبهة الداخلية الذين يعملون على مدار الساعة. «والقول لأبناء 30 عاماً إننا سنلغي هذه التسوية هي ضربة شديدة لأمن إسرائيل».
لكن هذه التبريرات لم تقبل في الشارع الإسرائيلي، خصوصاً لدى المعارضة، ولا حتى داخل وسائل الإعلام، فاعتبروا قرار الحكومة تبييض مال أسود، وتستراً على الجيش الذي يدفع رواتب أعلى من كل الدوائر الحكومية.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.