هل ينهي انتخاب رئيس لليبيا ويلات الانقسام؟

جدل واسع حول تقديم الاستحقاق البرلماني أولاً

الدبيبة لدى مشاركته في مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا في 23 يونيو 2021 (إ.ب.أ)
الدبيبة لدى مشاركته في مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا في 23 يونيو 2021 (إ.ب.أ)
TT

هل ينهي انتخاب رئيس لليبيا ويلات الانقسام؟

الدبيبة لدى مشاركته في مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا في 23 يونيو 2021 (إ.ب.أ)
الدبيبة لدى مشاركته في مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا في 23 يونيو 2021 (إ.ب.أ)

رغم موافقة مجلس النواب الليبي على مشروع قانون انتخاب رئيس الدولة مباشرة من قبل الشعب، فإن المشهد السياسي ما زال منقسماً، ويطرح أسئلة عدة بينها ما إذا الانتخابات الرئاسية، إذا ما أجريت بموعدها، قادرة على إنهاء ويلات الانقسام، خصوصاً أن هناك من يرى الاكتفاء بانتخاب الرئيس أولاً، في مواجهة من يتمسك ضرورة إجراء البرلمانية، أو الاثنين معاً.
تضارب الآراء حول أي استحقاقات أولى، الرئاسية أم التشريعية، وصفته عضو مجلس النواب ربيعة أبو رأس، بكونه «محاولة كل طرف الاحتفاظ بمقعده للنهاية بما يحقق مصالحه ومصالح حلفائه الإقليميين والدوليين دون النظر إلى مصلحة البلاد». 
وقالت أبو رأس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات التشريعية «لن تكون إلا قفزة في الهواء غير مضمونة العواقب»، ولفتت إلى أنه «في ظل حالة التحفز للآخر والرغبة في إقصائه وعدم وجود مصالحة حقيقية لن يقبل أي نائب بخسارة مقعده والتنازل عنه خاصةً إذا ذهب المقعد لأي لتيار وخصم سياسي آخر، وعلى الفور ستخرج الاتهامات باستخدام المال».
وتابعت أبو رأس: «بدلا من أن ننهي ازدواجية السلطة التشريعية بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة كما يردد مؤيدو هذا الاقتراح، سيكون لدينا جسم ثالث، هو البرلمان الجديد الذي قد  يقبله البعض ويرفضه البعض الآخر، كل حسب مصالحه». 
وترى أبو راس، وهي عضو «ملتقى الحوار السياسي» أن  «البلاد تحتاج إلى  قيادة مركزية ممثلة في رئيس منتخب بشكل مباشر من الشعب، واعتمادا على شرعيته سيكون قادرا على إنهاء كافة الأجسام الموازية التي تنافس الرئاسة في صلاحيتها، كما أنه  سيكون قادراً أيضاً على فتح حوار مجتمعي حول مشروع الدستور وبدء مصالحة جماعية»، مبرزة أن «تمترس كل طرف بموقعه ورفض مغادرته، والمناداة بالتمديد للحكومة الراهنة كحل لأصحاب المصالح، يعني باختصار أن الفوضى باتت خياراً».
ولم تبتعد النائب السيدة اليعقوبي، عن الطرح السابق، حول أن وجود رئيس للبلاد «سينهي عشوائية إصدار القرارات من كيانات ومؤسسات وسياسية وعسكرية واقتصادية، دون أن يمتلك أحدها بمفرده القدرة على تنفيذ قراراته بعموم البلاد، أو حتى يحظى بالقبول والشرعية من جميع الليبيين».  
وقالت اليعقوبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نريد رئيساً واحداً منتخباً من الشعب ينهي التدخل في صنع القرار، ويخاطب المجتمع الدولي ويضعه أمام مسؤولياته في تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بخروج كافة القوات الأجنبية من بلادنا، ويعمل على ترتيب الملف الأمني وتوحيد المؤسسات السيادية». 
وفي إطار تعديدها للأطراف صاحبة المصلحة في عرقلة الانتخابات وخاصةً بشقها الرئاسي، سلطت  اليعقوبي الضوء أولا على فئة  المستفيدين من حكومة «الوحدة الوطنية»، وكذلك على الحالمين بمقعد الرئيس من أصحاب الجنسيات المزدوجة، ممن يرون في تأجيل الانتخابات الرئاسية لحين وضع الدستور أولا   فرصة كبيرة ربما يتم فيها تخفيف الشروط ويسمح لهم بالترشح خاصةً إذا كونوا شبكة علاقات قوية مع أعضاء البرلمان المقبل. 
وحذرت اليعقوبي، وهي عضو بـ«ملتقى الحوار السياسي» من أن عدم تزامن الاستحقاقين  الرئاسي والتشريعي معاً، ومحاولة  تقديم الأخير، من شأنه «فتح الباب للطعن في شرعية خريطة الطريق برمتها، خاصةً أنه لم يتم تضمينها دستوريا». 
واتهم عضو مجلس النواب الليبي سعيد أمغيب، تيار الإسلام السياسي  وتحديدا تنظيم «الإخوان» بالوقوف وراء مقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التيار لا يريد إجراء أي استحقاق انتخابي لأنهم يعلمون جيداً أنهم قد فقدوا أي شعبية لهم بالشارع الليبي»، لافتاً إلى ما حدث في تونس «جعلهم يخافون أكثر».
وذهب أمغيب إلى أن تسويق التنظيم لمقترح الاكتفاء بالانتخابات التشريعية لحين وضع الدستور هو جزء من مخطط إثارة العراقيل في وجه الانتخابات بشكل عام، أو ليقللوا سقف تطلعات الشعب ويحاولوا تنفيذ مخططهم بانتخاب الرئيس عبر أعضاء هذا البرلمان بالمستقبل، تعويلا على أنهم قد ينجحون عبر عقد الصفقات في تشكيل كتلة مؤثرة بهذا البرلمان».
ويراهن أمغيب على وعي الليبيين في رفض أي إغراءات مالية قد يحاول هذا التيار تقديمها، موضحا «الليبيون باتوا يدركون أن المال لن يكون قادرا على حل مشاكلهم ومعاناتهم اليومية جراء انقطاع كهرباء ونقص سيولة وتدهور الوضع الصحي».
وتابع أمغيب: «تركيا هي من تخشى انتخاب رئيس للبلاد، كونها تعرف ما سيتبع ذلك من إلغاء للاتفاقيات التي أبرمتها معها حكومة «الوفاق» نهاية عام 2019».
في المقابل، رفض عضو مجلس الدولة عبد القادر أحويلي، الطرح السابق، وأرجع تفضيل تيار (الإسلام السياسي) والقوى بالغرب الليبي تأجيل الانتخابات الرئاسية «لتخوفهم من احتمالية تغول الرئيس القادم إذا ما تم انتخابه قبل وضع الدستور». وأضاف أحويلي لـ«الشرق الأوسط»: «قد يستغل هذا الرئيس ما يراه دعماً وشرعية شعبية ويتحول تدريجيا إلى ديكتاتور، خاصةً في ظل عدم النص على صلاحياته دستوريا»، مقللاً من مخاوف البعض التمديد لحكومة «الوحدة الوطنية»، قائلا «ستتحول مع إجراء الانتخابات التشريعية لحكومة تصريف أعمال أي لن تكون قادرة على مباشرة أي اتفاقيات».
وانتهى أحويلي إلى التأكيد على أنه رغم وجود غالبية تميل لمقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية، إلا أن الأمر قد يحسم في الجلسة المقبلة لـ«ملتقى الحوار».



تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.


الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.