معتقلون سياسيون لدى رام الله يضربون عن الطعام

انتقادات للسلطة على خلفية اعتقالات بسبب «التجمهر»

معتقلون سياسيون لدى رام الله يضربون عن الطعام
TT

معتقلون سياسيون لدى رام الله يضربون عن الطعام

معتقلون سياسيون لدى رام الله يضربون عن الطعام

بدأ معتقلون سياسيون لدى السلطة الفلسطينية إضراباً عن الطعام بعد يوم من اعتقالهم، على خلفية تنظيمهم مظاهرة مطالبة بمحاسبة المتورطين في وفاة الناشط المعارض نزار بنات أثناء اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
وقال رئيس قائمة «طفح الكيل» الانتخابية زياد عمرو، إن غالبية المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية وعددهم 23، اعتقلوا قبل انطلاق مسيرة على دوار المنارة في مدينة رام الله في وقت سابق من مساء السبت، للمطالبة بمحاسبة قتلة الناشط السياسي نزار بنات، أعلنوا إضرابهم عن الطعام، أعلنوا إضرابهم عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم».
وقمعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية مساء السبت محاولة تنظيم مظاهرة في رام الله واعتقلت ناشطين بارزين وزجتهم في السجن، ما أثار موجة من الانتقادات الواسعة. وأدانت حركة حماس بشدة، أمس، «سياسة القمع وتكميم الأفواه والاعتقالات السياسية التي تمارسها أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، والتي طالت، السبت، عدداً من النشطاء والمثقفين والأسرى المحررين، بعد الدعوة لمظاهرة وسط المدينة للمطالبة بالقصاص وتحقيق العدالة في ملف اغتيال الناشط السياسي نزار بنات». وقالت حماس في بيانها: «إن هذه السياسات المشينة للسلطة الفلسطينية بمثابة خطيئة وطنية وإساءة لمسيرة النضال الفلسطيني الطويلة». كما هاجمت الجبهة الشعبية، إقدام الأجهزة الأمنية للسلطة على القيام بحملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من المناضلين والأسرى المحررين والناشطين، داعية للإفراج الفوري عن كافة المعتقلين ومُحاسبة المعتدين.
وبالإضافة إلى الفصائل، أدانت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية «قمع واعتداء، واعتقال نشطاء في مدينة رام الله»، قائلة، إنها «المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال المواطنين بسبب الاشتباه بوجود نية للتظاهر».
ونظرت الشبكة بخطورة لما جرى، لما يمثل من «إمعان في سلوك السلطة وأجهزتها تجاه قضايا المواطنين، واحترام الحريات العامة، وهي منهجية مقلقة لتغول السلطة التنفيذية، وإحكام قبضتها على سير الأمور، والمخاوف من التحول لنظام بوليسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وطالبت المنظمات الأهلية، «بالإفراج الفوري عن النشطاء الذين تم اعتقالهم وبالتوقف الفوري عن التعامل مع الجمهور عبر المدخل الأمني لمعالجة قضاياه، والعمل على صون الحريات العامة، والحقوق المدنية المكفولة في القانون الأساسي، وبضمنها حق التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، انسجاماً مع وثيقة إعلان الاستقلال، والمواثيق والأعراف الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين مؤخراً».
كما طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان «ديوان المظالم» في بيان صحافي، بالإفراج الفوري عن جميع الأشخاص الذين تم توقيفهم من قبل الشرطة في مدينة رام الله، على خلفية نيتهم المشاركة في تجمع سلمي دعت إليه عدة حراكات مطالبة بمحاسبة المتهمين بقضة نزار بنات. وقالت، إن المنظمين تقدموا بالإشعارات المطلوبة للتجمع لدى الجهات المختصة، فيما أشارت الهيئة إلى أنها تتابع قضية الموقوفين وعددهم نحو 15 مواطناً، وطالبت الجهات الرسمية باحترام حقهم في التجمع السلمي وتوفير الحماية لهم.
لكن الشرطة الفلسطينية نفت وقالت إنه لم يكن هناك أي تصريح وإذن رسمي من الجهات الرسمية بإقامة التجمهر، ورفضت مجموعة من الحراك التوقيع على شروط التجمهر. وأكد الناطق باسم الشرطة لؤي أرزيقات أنه «تم القبض على 24 شخصاً وتوقيفهم وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني وفقاً لأحكام المادة 12 من قانون الاجتماعات العامة لسنة 1998».
ولم تقف الأمور عند اعتقال المتظاهرين يوم السبت، بل اعتقلت الشرطة القيادي في الجهاد الإسلامي خضر عدنان أمس الأحد بعدما جاء للتضامن مع المعتقلين. واعتبر الناطق الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق سلمي، أن اعتقال عدنان «إمعان من السلطة وأجهزتها في الاعتداء على الحريات العامة والمساس بالرموز الوطنية».
وطالبت الجهاد السلطة «بالإفراج عن كافة المعتقلين والكف الفوري عن هذه السياسات».
هذا وقد كثفت السلطة من اعتقالاتها لمعارضين منذ وفاة بنات، وهي الحادثة التي جرت أكبر مسيرات معارضة للسلطة منذ تأسيسها، وقالت مجموعة «محامون من أجل العدالة»، الأحد، إن أكثر من مائة وعشرين مواطناً تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، على خلفية حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والانتماء السياسي منذ مايو (أيار) الماضي.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».