«السلام الآن»: «القومي اليهودي» يخصص أموالاً للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين

«السلام الآن»: «القومي اليهودي» يخصص أموالاً للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين (أ.ب.ب)
«السلام الآن»: «القومي اليهودي» يخصص أموالاً للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين (أ.ب.ب)
TT

«السلام الآن»: «القومي اليهودي» يخصص أموالاً للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين

«السلام الآن»: «القومي اليهودي» يخصص أموالاً للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين (أ.ب.ب)
«السلام الآن»: «القومي اليهودي» يخصص أموالاً للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين (أ.ب.ب)

قالت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية إن «الصندوق القومي اليهودي» بصدد الموافقة على تخصيص 100 مليون شيكل (الدولار يساوي 3.24 شيكل)، لغرض تسجيل الأراضي، بما في ذلك آلاف الدونمات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
واتهمت الحركة «المؤسسة الصهيونية» بأنها «تتصرف بطرق قد تؤدي إلى إنهاء الرؤية الصهيونية»، وأن أوساطاً من اليمين «تحاول استخدام الصندوق القومي اليهودي للاستيلاء على المزيد من الأراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتحقيق الضم الذي سيؤدي إلى دولة ثنائية القومية».
وأضافت الحركة «يعني التسجيل، الاستيلاء على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية، لغرض إقامة المستوطنات، وفي حالة القدس الشرقية – يمكن أن يعني مصادرة آلاف الدونمات والبيوت من الفلسطينيين الذين عاشوا فيها منذ عقود، كما يجري في حي الشيخ جراح في عملية تطهير عرقي لصالح مجموعات استيطانية من اليمين». وقالت «السلام الآن»: «يبلغ حجم المبيعات السنوية للصندوق القومي اليهودي نحو 2.3 مليار شيكل، تأتي جميعها تقريباً من أموال دولة إسرائيل. يجب ألا يُسمح للصندوق القومي اليهودي بأن يصبح بنكاً يدعم الاستيطان والمستوطنين، وخصوصاً لغرض تحقيق الأجندة المثيرة للجدل لإسرائيل الكبرى – والتي قد تؤدي إلى نهاية الرؤية الصهيونية». وأضافت «يجب على كل أحزاب اليسار ويمين الوسط في الحكومة الإسرائيلية أن تتخذ إجراءات حاسمة الآن ضد استخدام الملايين من الصندوق القومي اليهودي لتعميق عمل مشروع الاستيطان، ونزع الملكية من المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقدس، وخصوصاً في حي الشيخ جراح، حيث تدور أوضح عملية ترحيل للمرة الثانية لشريحة من المقدسيين الفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم في القدس الغربية، وقد يفقدون منازلهم للمرة الثانية في القدس الشرقية المحتلة نتيجة السياسة الإسرائيلية».
ومر 120 عاماً على إنشاء الصندوق القومي اليهودي الذي عمل طويلاً على دعم الاستيطان.
وقالت الحركة: «إنها فرصة عظيمة لتنظيف الإسطبلات»، وأضافت «أي بناء إسرائيلي في عمق الأراضي المحتلة هو بصق في وجه الأغلبية الإسرائيلية المؤيدة للحل السياسي والجمهور العام الذي يتوسل من أجل الحياة بسلام وأمن».
واتهمت الحركة «أطرافاً في الحكومة وفي بلدية القدس بدفع الصراع نحو الهاوية وخصوصاً في الشيخ جراح، لإخلاء العائلات المقدسية من منازلها وتهجيرها مرة ثانية للبناء وإسكان المستوطنين» مشيرة إلى مشروع تم دفعه مؤخراً لإقامة «حديقة توراتية» على أرض «كرم المفتي» في حي الشيخ جراح، لصالح بؤرة استيطانية قريبة.
وبحسب بلدية الاحتلال، فإن الحديقة التوراتية ستقام على مساحة 25 دونماً بتكلفة 28 مليون شيكل، على أن يتم افتتاحها في غضون عامين.
ولفتت إلى مشروع آخر يجري تصميمه ودفعه بأقصى سرعة لتوسعة المستوطنة التي أقيمت مكان فندق «شبرد»، الذي أقيم على باحة منزل المفتي الحسيني، إضافة لمواقف سيارات لصالح البؤرة الاستيطانية أقيمت على جزء من أرض المفتي، بعدما تم تجميد إخلاء 3 عائلات من أرض «كرم الجاعوني» بالحي، ورفضها صفقات محكمة الاحتلال لإخلائها من منازلها.
وقالت «السلام الآن»، إن إقامة «الحديقة التوراتية» وتوسعة المشروع القائم في مكان فندق «شبرد» تعد جزءاً من مشروع لإقامة أكثر من 500 وحدة استيطانية، ومقر للقوات الخاصة أعلى الأرض المقامة عليها الداخلية الإسرائيلية بين وادي الجوز والشيخ جراح، ليتوسع البناء الاستيطاني من منزل المفتي حتى «كرم الجاعوني» والمنازل المهددة بالطرد والتهجير، وصولاً لربط حي الشيخ جراح بالقدس الغربية، حيث تخطط جمعية «عطيريت كوهانيم»، لمضاعفة عدد الوحدات الاستيطانية في محيط بيت المفتي التاريخي إلى 56 وحدة في المرحلة الأولى، ومضاعفتها في المرحلة الثانية لقطع التواصل بين البلدة القديمة والأحياء الشمالية للقدس بفاصل استيطاني.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.