ليبيا: حفتر يطلق سراح 17 أسيراً

تزامناً مع احتفال طرابلس بالذكرى العاشرة لتحريرها من نظام القذافي

المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» (أ.ب)
المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» (أ.ب)
TT

ليبيا: حفتر يطلق سراح 17 أسيراً

المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» (أ.ب)
المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» (أ.ب)

أطلق «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، سراح 17 أسيراً بمنطقة الخمسين غرب مدينة سرت، تزامناً مع احتفال أقامته سلطات العاصمة طرابلس بمناسبة الذكرى العاشرة لإعلان تحريرها من نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بينما أحبطت السلطات في شرق البلاد ما وصفته بمحاولة تمرد من سجن قرنادة.
وبموازاة هذه التطورات، أكد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، على دور الولايات المتحدة الأميركية في حل الأزمة الليبية، والمساهمة في إعادة الاستقرار للبلاد. ونقلت نجوى وهيبة، المتحدثة باسم المجلس، عن المنفي عقب اتصاله الهاتفي مع ريتشارد نورلاند، السفير الأميركي والمبعوث الخاص لدى ليبيا، حديثه عما وصفه بالخطوات الواسعة، التي قطعها في تحقيق المصالحة الوطنية، وتهدئة الأوضاع بين الفرقاء السياسيين، كطرف يعمل بمسافة واحدة مع الجميع، من خلال المشاورات واللقاءات المتواصلة مع كل الأطراف، وصولاً إلى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المحدد.
وأوضحت وهيبة في بيان لها مساء أول أمس، أن المنفي ونورلاند طلبا من جميع الأطراف الامتناع عن أي تعبئة، أو تصعيد قد يقوض تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
إلى ذلك، شهدت احتفالية للجنة العسكرية المشتركة (5 + 5)، بحضور قادة عسكريين من الجيش الوطني والقوات الموالية لحكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أمس، تسليم 17 أسيراً من المنطقة الغربية كانوا موقوفين في المنطقة الشرقية، إلى رئيس وأعضاء مجلس وحكماء مدينة مصراتة.
وأعلن اللواء أحمد أبو شحمة، عضو وفد قوات الحكومة باللجنة، في كلمة له بالمناسبة، أنه سيتم الإفراج عن كل المحتجزين لدى الشرق والغرب، لكنه لم يحدد موعداً لذلك، مدرجاً هذه الخطوة ضمن الخطوات التي تسعى اللجنة لتحقيقها، بعد فتح الطريق الساحلية الرابطة بين شرق البلاد وغربها.
من جانبه، قال الهادي دراه، الناطق باسم غرفة عمليات سرت - الجفرة التابعة لقوات الحكومة، أمس، إن الأسرى المعتقلين لدى الجيش الوطني، الذين وصلوا إلى مدينة مصراتة «سيتم تسليمهم إلى ذويهم عقب إخضاعهم لفحوصات طبية»، لكنه نفى قيام قوات الوحدة بتسليم أي أسرى لديها.
واعتقل الجيش الوطني العشرات من العناصر المنخرطة في قوات الحكومة، خلال الحرب التي شنها في أبريل (نيسان) عام 2019 للسيطرة على العاصمة طرابلس.
من جهة أخرى، أعلن مسؤولون أمنيون في شرق ليبيا منع «فرار العشرات من سجناء قرنادة، إثر محاولة تمرد قاموا بها في وقت متأخر من مساء أول أمس». وأكد توفيق بقر، آمر إدارة العمليات والأمن القضائي، «السيطرة على محاولة التمرد التي استمرت لوقت قصير، وفرض الأمن داخل السجن»، مؤكداً أن الأمور «باتت تحت السيطرة بالكامل، بالتعاون مع كل الأجهزة الأمنية بمنطقة الجبل الأخضر، بعدما تم ضبط عدد من المجرمين، والمتهمين بقضايا قتل حاولوا الفرار».
وقال وكيل وزارة الداخلية، فرج اقعيم، إن مجموعة سجناء حاولت الهرب عبر إثارة شغب، وافتعال حريق في السجن قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من السيطرة عليهم، نافياً ما أشيع حول هروب بعض السُجناء، موضحاً أن «ما حدث هو عبارة عن تمرد قام به بعض الأشخاص لإثارة الشغب داخل أحد الأقسام».
لكن مذكرة مسربة تحمل توقيع عبد ربه عبد الوهاب، مسؤول جهاز الشرطة القضائية بالبيضاء، كشفت في المقابل النقاب عن هروب 29 سجيناً، وطالبت بإعادة تسليمهم للسجن. من جهة ثانية، احتفت السلطات في العاصمة طرابلس بإعلان المجلس الوطني الانتقالي السابق قبل عشر سنوات، تحرير المدينة من قبضة نظام القذافي بإيقاد الشعلة بميدان الشهداء وسط المدينة بمشاركة شعبية محدودة، وفقرات قدمتها فرق الفنون الشعبية وموسيقى الشرطة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.