ارتياح وسط الليبيين بعد الإعلان عن استئناف ضخ مياه النهر الصناعي

TT

ارتياح وسط الليبيين بعد الإعلان عن استئناف ضخ مياه النهر الصناعي

أعلن «جهاز النهر الصناعي» الليبي رفع الإيقاف القسري عن الإمداد المائي بمنظومة الحساونة - سهل جفارة، والسماح بالبدء الفوري بضخ المياه عبر أنابيب المسارين الشرقي والأوسط، موجها في بيان له الشكر لعقلاء وحكماء قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي والرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات الليبية، على ما وصفه بـ«وقفتهم الجادة وتقديرهم لمعاناة الشعب»، وهو ما خلف ارتياحا كبيرا وسط السكان.
وطبقا لما نقلته وكالة الأنباء الليبية عن مصادر بالمجلس الرئاسي فقد أبلغته قبيلة المقارحة، وأفراد عائلة السنوسي فتح صِمَام مشروع النهر، والسماح بتدفق الماء إلى العاصمة بعد فترة من الانقطاع، والاعتذار لسكانها عما سببه الإغلاق من صعوبات. وقالت إن «المجلس الرئاسي أكد أن مطالب أهل الجنوب هي محل عناية في جميع الظروف، وأن المطالب الأخيرة، الخاصة بأوضاع الموقفين لدى أجهزة السلطة، كانت محل نقاش منذ فترة». مشيرة إلى أنه يتابع مع رئيس الحكومة ومع وزيرة العدل، ومع النائب العام هذا الملف، وسرعة الإفراج عمن قضوا مدة العقوبة، ومن تستدعي حالتهم الصحية ذلك. وقبل ساعات من هذا الإعلان، غازل الجيش الوطني قبيلة المقارحة، حيث قال خيرى التميمي، مدير مكتب حفتر وعضو وفد الجيش بلجنة (5+5)، إنه يثق في هذه القبيلة، وأنها «لن تكون سببًا في عطش سكان طرابلس، أو أي اقتتال بين الناس». ولفت في بيان لإدارة التوجيه المعنوي بالجيش، مساء أول من أمس، إلى أن اللجنة تؤكد على مشروعية مطالب القبيلة، فيما يخص مراعاة الظروف الصحية للسنوسي، محذرا من وجود «متربصين يهمهم اغتنام فرص تقويض السلام، وتقسيم الوطن، واستغلال مثل هذه الأحداث، مما يستلزم تفويت الفرصة عليهم، ومنعهم من تحقيق مآربهم».
في غضون ذلك، أعلنت سلطات المياه الليبية أن التغذية بالمياه ستعود إلى غرب ليبيا، بعد انقطاع استمر أسبوعا، نجم عن تهديدات بالتخريب أطلقها موالون لعبد الله السنوسي، المسؤول السابق في عهد معمر القذافي، والمسجون في طرابلس.
وأمس أعلن جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي «بدء التشغيل لحقول الآبار وضخ المياه»، معلنا «انفراج الأزمة». كما أعلن أن مياه النهر ستصل «تباعا إلى المدن».
وأدى هذا الإعلان إلى ارتياح لدى سكان حرموا من المياه على مدى أسبوع في خضم موجة حر يشهدها شمال إفريقيا. والجهاز مسؤول عن إدارة المشروع الذي صمّمه ونفذه القذافي، قبل أكثر من 30 عاما، والذي يضخ مياه الشرب من المياه الجوفية في الجنوب، ويمد الشمال والساحل بمعظم إمدادات المياه لنحو ثلثي سكان البلاد، البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة.
ونهاية الأسبوع الماضي دفعت التهديدات سلطات منظومة النهر الصناعي إلى اتخاذ إجراء استباقي بوقف ضخ المياه عبر الصمامات، بهدف تجنب تخريب المنشآت و«ضمان سلامة موظفيها». وكان صهر القذافي عبد الله السنوسي من الدائرة المقربة للسلطة، وصدر بحقه حكم قضائي من محكمة ليبية بالإعدام قبل ستة أعوام، وذلك لضلوعه في قمع الثورة الليبية.
واقتحم مسلحون مركز السيطرة التابع لهيئة النهر الصناعي، وطالبوا بإطلاق سراح السنوسي، لكن الحكومة الليبية الجديدة ومقرها طرابلس لم تلبِّ مطالبهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.