حركة مناهضة للنسوية تجتاح كوريا الجنوبية

TT

حركة مناهضة للنسوية تجتاح كوريا الجنوبية

رغم التقدم في مستويات المعيشة في كوريا الجنوبية، التي يعد اقتصادها الثاني عشر على الصعيد العالمي ورائداً في مجال التكنولوجيا الحديثة، فإن مجتمعها ما زال تتجذر فيه القيم الذكورية، ولا يولي اهتماماً كبيراً لحقوق النساء. وهذه الأيام يشهد الجزء الجنوبي من شبه القارة الكورية موجة واسعة مناهضة للحركة النسوية تطالب بحل وزارة المساواة بين الجنسين والتخلي عن نظام الحصص.
وتعد كوريا الجنوبية، البلد الذي يشهد أكبر فارق بين رواتب النساء والرجال ضمن بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وتدافع وزيرة المساواة بين الجنسين تشونغ يونغ – آي، من جهتها، عن حصيلة أعمالها، مؤكدة أن حقوق النساء تقدمت بفضل هذه الوزارة.
وركب أبرز المسؤولين السياسيين المحافظين موجة عدم المساواة، وأبرزهم مرشحان إلى الرئاسة، للمطالبة بحل وزارة المساواة بين الجنسين. ودعا النائب ها تاي - كونغ، المرشح للرئاسة عن حزب السلطة للشعب (بي بي بي) المحافظ إلى إلغائها للحد من «التكلفة الاجتماعية الباهظة الناجمة عن التباينات بشأن المسائل الجندرية». وعارض لي جون - سيوك (36 عاماً) زعيم الحزب في أكثر من مناسبة اعتماد نظام حصص لتوسيع نفاذ النساء إلى بعض المناصب، مطالباً بإلغاء وزارة المساواة بين الجنسين.
ويعتبر لي الذي غالباً ما يشبه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الشابات لم يعدن ضحايا التمييز لا على الصعيد التعليمي ولا على الصعيد المهني في بداية المسيرة. وقطعت الناشطات الأكثر تشدداً وعوداً بعدم الزواج أو إنجاب الأطفال أو إقامة علاقات جنسية مع رجال، في حين نشرت أخريات صوراً لهن وهن يتلفن مستحضرات التجميل تنديداً بالصور النمطية للجمال. لكن ومنذ بضعة أشهر، يجتاح تيار معادٍ لمفاهيم المساوات مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بعد أن أسهمت في السنوات الأخيرة حركة «مي تو» المناهضة للانتهاكات الجنسية في دفع النساء إلى الكشف عما يواجهنه من مضايقات. ولم تعد النساء يترددن في المشاركة في مظاهرات للمطالبة بتشريع الإجهاض والتنديد بممارسات التقاط صور إباحية بكاميرات مخفية. وقد انتقد أشخاص من حركات مناهضة للنسوية، هي يمينية في أغلب الأحيان، البطلة الأولمبية الحاصلة على ثلاث ذهبيات في رماية القوس والسهم آن سان (20 عاماً) خلال الدورة الأخيرة للألعاب الأولمبية في طوكيو. واستهزأوا بقصة شعرها القصيرة ولم يتوانوا عن أن يطلبوا منها أن ترد ميدالياتها وتتقدم بالاعتذار. وباتت قناة أنشأتها على «يوتيوب» إحدى هذه الحركات في فبراير (شباط) تضم 300 ألف مشترك. وطالبوا أخيراً باعتذارات من شركات وحتى من إحدى الوزارات استندت في أحد الإعلانات إلى «مفاهيم نسوية فيها كره للرجال». وهم يتهمونها بـ«تأجيج» التوترات الاجتماعية في البلد. وفي أوساط الذكور الشباب، ترتفع الأصوات للتنديد بالخدمة العسكرية الإلزامية التي تمتد على قرابة سنتين وتؤخر انخراطهم في الحياة النشطة، في حين أن النساء معفيات منها. وتقول الأستاذة المحاضرة في الدراسات الكورية في جامعة «نوتردام» في الولايات المتحدة شارون يون: «نشهد انقلاباً على كل التقدم الذي أحرزته الحركات النسوية في كوريا خلال السنوات الأخيرة».
وترى الباحثة في جامعة بنسيلفانيا جينسوك كيم، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية، أن المسؤولين السياسيين يستغلون استياء بعض الرجال لضمان أصواتهم. وتلفت إلى أن «بعض الرجال يعتبرون أنفسهم اليوم ضحايا الحركة النسوية»، لا سيما بسبب ممارسات التمييز الإيجابي. وتندرج ردة الفعل هذه في سياق تفاوت اجتماعي متزايد وارتفاع في أسعار المساكن، ما يصعب على كوريين كثيرين شراء منزل. ويلفت أو جاي - هو من معهد «غييونغي» للأبحاث، إلى أن نسبة النساء في سوق العمل ارتفعت خلال العقود الأخيرة، في حين أن الخدمة العسكرية بقيت محصورة بالرجال. ويقول: «يشعرن بأن المطلوب منهن عن غير حق التعويض عن المزايا المحابية للرجال التي استفاد منها الجيل السابق».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.