«طالبان» تحاصر وادي بنجشير وتخسر منطقة في ولاية بغلان

الحركة متهمة باستهداف أفغان ساعدوا القوات الأجنبية

آليات لبقايا الجيش الأفغاني في وادي بنجشير أول من أمس (أ.ف.ب)
آليات لبقايا الجيش الأفغاني في وادي بنجشير أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«طالبان» تحاصر وادي بنجشير وتخسر منطقة في ولاية بغلان

آليات لبقايا الجيش الأفغاني في وادي بنجشير أول من أمس (أ.ف.ب)
آليات لبقايا الجيش الأفغاني في وادي بنجشير أول من أمس (أ.ف.ب)

شهدت كابل، في يوم الجمعة الأول بعد سقوطها في أيدي حركة «طالبان»، ظهوراً لافتاً لعدد من قياديي الحركة في عدد من مساجد العاصمة الأفغانية، فيما ساد غموض الوضع في وادي بنجشير شمال كابل، حيث تتمركز مجموعات مسلحة مناوئة لـ«طالبان» لكنها محاصرة من كل جانب.
وأفادت معلومات على مواقع إخبارية في منطقة وادي بنجشير، أمس، بأن «طالبان» أوفدت وفداً للتفاوض مع قادة المعارضة المتمركزين هناك، وعلى رأسهم أحمد مسعود، نجل القائد التاريخي أحمد شاه مسعود. ولم يتضح فحوى العرض الذي يحمله وفد «طالبان»، لكن تقارير أفادت بعد ظهر أمس بوقوع مواجهات بين معارضين للحركة ومقاتليها في ولاية بغلان المجاورة. وأظهرت مقاطع مصورة على شبكات التواصل الاجتماعي مقاتلين معارضين لـ {طالبان} يرفعون العلم الأفغاني في منطقة صلاح ببغلان بعد انتزاعها من أيدي مقاتلي الحركة.
وفي إطار مرتبط، أشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن المقاومة المسلحة ضد «طالبان» تنظم صفوفها في وادي بنجشير حول شخصيتين بارزتين هما نائب الرئيس السابق أمر الله صالح وأحمد مسعود. وحض مسعود في مقالات نُشرت في الأيام الأخيرة، على المقاومة، مطالباً بدعم دولي لا سيما أسلحة وذخائر من الولايات المتحدة. أما أمر الله صالح فتعهد بعدم الرضوخ لـ«طالبان» وانسحب بدوره إلى وادي بنجشير.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الأولى «بانتيون سوربون» جيل دورونسورو المتخصص في أفغانستان والذي صدر له كتاب عام 2021 بعنوان «حكومة أفغانستان العابرة للحدود الوطنية - هزيمة متوقعة»، إن «المقاومة لا تزال شفهية في الوقت الحاضر لأن (طالبان) لم تحاول دخول بنجشير». أما عبد السيد الخبير السياسي في جامعة «لوند» في السويد، فأشار إلى أن «(طالبان) تحاصر بنجشير من كل جانب».
وأفادت المنظمة غير الحكومية الإيطالية «إيميرجنسي» الأربعاء، عن استقبال «عدد متزايد من جرحى الحرب» في المستشفى الذي تديره في وادي بانشير.
لكنّ فرنسياً يعرف المنطقة جداً وقاتل في بنجشير إلى جانب القائد أحمد شاه مسعود في أواخر التسعينات أوضح لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم كشف اسمه «ليس هناك معارك حالياً في بنجشير، لكنّ بعض الاشتباكات وقعت ربما على طريق الوادي في سهل شمالي».
وأكد بيل روجيو من مركز «إف دي دي» الأميركي للدراسات أن وادي بنجشير خارج عن سيطرة «طالبان» لكن الوضع في ولاية بروان المجاورة «غير واضح، يبدو أن قوات صالح حاولت توسيع سيطرتها إليها انطلاقاً من بنجشير».
ولفت دارونسورو إلى أن مقاتلي «(طالبان) بنوا انتصارهم على الحرب الخاطفة والاستسلام، وفي نهاية المطاف تمكنوا من الانتصار دون كثير من العنف» مضيفاً أن «هجوماً مباشراً اليوم مع كل ما لبنجشير من وزن رمزي، سيكون مخالفاً لعزمهم على تطبيع صورتهم». وأوضح دورونسورو أن «العلاقات بين أحمد مسعود وأمر الله صالح معقدة بعض الشيء، ثمة عدم تناغم بينهما منذ البداية». ورأى الباحث أن «أحمد مسعود ليس له موقع رسمي في النظام، إنه شخص لا يحظى بدعم قوي في أفغانستان خارج بنجشير».
وشدد الباحث الفرنسي على أن مشروع المقاومة «في طريق مسدود» على الصعيد العسكري، مضيفاً: «كل ما يتحتم على (طالبان) القيام به هو إحكام الحصار على بنجشير ويكون الأمر قُضي. لا حاجة حتى لدخول الوادي فعلياً».
في غضون ذلك، تزداد المخاوف من عدم تنفيذ «طالبان» وعودها بالتسامح بعد نشر وثيقة سرية للأمم المتحدة كشفت أن الحركة كثفت ملاحقة الأفغان الذين عملوا مع القوات الأجنبية في بلدهم. وأفاد التقرير الذي وضعته مجموعة خبراء في تقييم المخاطر لحساب الأمم المتحدة، بأن «طالبان» وضعت «قوائم ذات أولوية» للأفراد الذين تريد توقيفهم رغم وعود المتمردين بعدم الانتقام من المعارضين.
والأكثر عرضة للخطر هم الذين كانوا يشغلون مناصب مسؤولية في صفوف القوات المسلحة الأفغانية وقوات الشرطة ووحدات الاستخبارات، وفق التقرير.
منذ سيطرتها على الحكم (الأحد) إثر هجوم عسكري خاطف، حاولت حركة «طالبان» إقناع العالم والأفغان بأنها لا تسعى للانتقام من أعدائها السابقين وأنها تنوي العمل على مصالحة وطنية. ووعدت بأنه ستكون هناك «اختلافات كثيرة» في طريقة حكمها مقارنةً بفترة حكمها السابق بين 1996 و2001 عندما فرضت رؤيتها المتشددة للشريعة الإسلامية، فمنعت النساء من العمل والتعليم وفرضت عقوبات فظيعة على اللصوص والقتلة.
لكن تقرير الأمم المتحدة يوضح أن الحركة تقوم بـ«زيارات هادفة لمنازل» الذين تريد توقيفهم كما لمنازل أفراد عائلاتهم.
وجاء في التقرير أن الحركة تدقق في الأشخاص الراغبين في الوصول إلى مطار كابل، وأقامت نقاط تفتيش في المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة كابل وجلال آباد. وأوضح مدير المجموعة كريستيان نيلمان لوكالة الصحافة الفرنسية: «نتوقع أن يتعرض الأفراد الذين تعاملوا مع القوات الأميركية والأطلسية وحلفائها وكذلك أفراد عائلاتهم للتعذيب والإعدام».
وظهر أمس قادة من «طالبان» في عدد من مساجد العاصمة الأفغانية حيث ألقوا خطب الجمعة من على منابرها. وكان من بين أبرز هؤلاء خليل الرحمن حقاني، شقيق جلال الدين حقاني الزعيم التاريخي المعروف خلال الجهاد الأفغاني ضد السوفيات في الثمانينات. وخليل الرحمن موضوع على قوائم الإرهاب الأميركية، لكنه يقوم منذ دخوله إلى كابل بلقاءات مع قادة في الحكومة السابقة بينهم عبد الله عبد الله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة في أفغانستان.
وقبيل صلاة الجمعة دعت «طالبان» إلى الوحدة، وطالبت الأئمة بإقناع السكان بعدم مغادرة البلاد في ظل الفوضى في المطار واحتجاجات وأنباء عن عنف، حسب «رويترز».
وذكر تقرير إعلامي، أمس، أن الكثير من أعضاء الحكومة الأفغانية المخلوعة اختفوا. وذكر العديد من الأقارب أن مشرعين سابقين اختفوا أو ربما تم احتجازهم من المتشددين الإسلاميين. وكان عبد الولي وحيد زاي، الحاكم السابق لإقليم لغمان ولطف الله كمران، قائد الشرطة السابق بالإقليم قد استسلما لحركة «طالبان» قبل خمسة أيام، لكنهما ما زالا في السجن، طبقاً لما ذكره أقارب، حسب قناة «طلوع نيوز» التلفزيونية الأفغانية. وأضاف التقرير الذي أوردته وكالة الأنباء الألمانية أن محمد هاشم جلجي، قائد الشرطة السابق بإقليم غزني، مفقود أيضاً.
إلى ذلك، قام عناصر من حركة «طالبان» يبحثون عن صحافي يعمل لحساب «دويتشه فيله» ويقطن حالياً في ألمانيا، بقتل أحد أفراد عائلته بالرصاص (الأربعاء) في أفغانستان وإصابة فرد آخر بجروح بالغة، وفق ما ذكرت هذه الوسيلة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني.
في غضون ذلك، حذّرت ممثلة برنامج الأمم المتحدة في أفغانستان ماري - إيلين ماكغرورتي في مقابلة أجرتها معها وكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف في كابل، من أن «الوضع كارثي. تشير التحليلات الأخيرة إلى أن 14 مليون شخص يواجهون خطر الجوع الشديد أو الحاد، أي شخص من كل ثلاثة أشخاص. فيما مليونا طفل معرّضون لخطر سوء التغذية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».