استبق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاجتماع المرتقب لمجموعة الدول السبع المفترض أن ينعقد «عن بعد» الأسبوع المقبل بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بسلسلة من الاتصالات رفيعة المستوى، تناولت الرئيسين الروسي والأميركي، ورئيسي الوزراء الإيطالي والبريطاني، إضافة إلى المستشارة الألمانية ومسؤولين أوروبيين آخرين. وفيما التأم أمس اجتماع افتراضي لوزراء خارجية الحلف الأطلسي بدعوة من أمينه العام في أجواء مشحونة بسبب الانتقادات العنيفة أحياناً لأداء الطرف الأميركي في ملف الانسحاب العسكري من أفغانستان، فإن باريس تسعى، وفق مصادرها، إلى تخطي هذه المرحلة والنظر فيما يتعين أن يقوم به الغربيون، إن في إطار الحلف الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي أو مجلس الأمن الدولي. وكان لافتاً الاتصال المطول الذي أجراه إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي حمل في طياته ما يمكن تسميته «دفتر شروط» يتعين التقيد بها في طريقة التعامل المستقبلي مع النظام «الطالباني» الجديد، علماً بأن روسيا أبدت استعداداً للانفتاح على كابل. ووفق البيان الذي صدر عن قصر الإليزيه عقب الاتصال مع بوتين، فإن الرئيسين حددا «أولى الأولويات» التي يفترض أن تتقيد بها حركة «طالبان» وهي ثلاثة: محاربة تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، والقطيعة مع التنظيمات الإرهابية العالمية، واحترام حقوق النساء. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأولويات يفترض التعامل معها في المرحلة اللاحقة، بينما الاهتمام الآني منصب في الوقت الحاضر على إجلاء المواطنين الأجانب من أفغانستان والأفغان الذين عملوا لصالح الغربيين في السنوات العشرين الماضية.
ويسعى ماكرون للاستفادة من كافة المحافل المتوافرة من أجل بناء موقف موحد من التطورات الأفغانية، ومفتاح ذلك العمل بمبدأ «التنسيق» الذي يركز عليه في كافة اتصالاته، في الوقت الذي تظهر فيه بعض التشققات لجهة التعاطي مع «طالبان». من هنا، تشديده مع بوتين على «التنسيق» الثنائي من جهة والجماعي من جهة ثانية، والإطار المقصود به، حسب الإليزيه، مجلس الأمن الدولي ومجموعة العشرين. ونقطة الانطلاق الفرنسية أن القدرة في التأثير على سياسات «طالبان» الداخلية والخارجية تكمن في التوصل إلى موقف دولي منسجم. والحال أن التمايزات ظهرت منذ اليوم الثاني لسيطرة «طالبان» على كابل، بحيث أبدت روسيا والصين وإيران وتركيا مواقف «متفهمة» للتعاطي مع النظام الجديد فيما ربط الآخرون انفتاحهم على «طالبان» بالسياسات التي ستنتهجها، من بينها العناصر الثلاثة التي توافق حولها الرئيسان الفرنسي والروسي.
ويدفع ماكرون باتجاه تفعيل دور مجموعة السبع. ومن هنا يأتي اتصاله المبكر الثلاثاء الماضي مع بوريس جونسون باعتبار أن بريطانيا ترأس المجموعة المذكورة للعام الحالي، وتشديده على هذا المحفل في حديثه ليل أول من أمس إلى الرئيس بايدن. وجاء في بيان الإليزيه أن الرئيسين «شددا على ضرورة التنسيق المطلقة السريعة والميدانية بين الحلفاء»، واتفقا على «تعزيز العمل المشترك الإنساني والسياسي ومحاربة الإرهاب، خصوصاً في إطار مجموعة السبع». وتلتزم باريس موقفاً حذراً إزاء تركيا التي دلت تصريحات مسؤوليها على سياسات تفترق عن التوجه العام لأعضاء الحلف الأطلسي. وعادت تركيا تقترح التكفل بالمحافظة على أمن مطار كابل ما يعني عملياً التفاهم مع «طالبان».
وأفيد بأن ماكرون شدد، في اتصاله مع رئيس الوزراء الإيطالي، على «ضرورة التعاون الوثيق» في إطار الاتحاد الأوروبي، ليس فقط بالنسبة لإتمام عملية إجلاء المواطنين الأوروبيين وغيرهم من الأفغان، لكن خصوصاً من أجل «تدارك النتائج المترتبة على الأزمة الأفغانية»، في إشارة واضحة لموضوع الهجرات الذي كان ماكرون أول من قرع ناقوس خطره. وسبق لماكرون أن أعلن عن إطلاق «مبادرة» أوروبية لاستباق تدفق الهجرات الأفغانية على حدود أوروبا الخارجية تشاور بشأنها مع المستشارة أنجيلا ميركل وقادة أوروبيين آخرين، بيد أن تفاصيلها ما زالت مجهولة.
ماكرون يراهن على التنسيق الدولي لاستيعاب تبعات الأزمة الأفغانية
ماكرون يراهن على التنسيق الدولي لاستيعاب تبعات الأزمة الأفغانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة