ماكرون يراهن على التنسيق الدولي لاستيعاب تبعات الأزمة الأفغانية

لاجئون أفغان في مخيم على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في 19 أغسطس الحالي (د.ب.أ)
لاجئون أفغان في مخيم على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في 19 أغسطس الحالي (د.ب.أ)
TT

ماكرون يراهن على التنسيق الدولي لاستيعاب تبعات الأزمة الأفغانية

لاجئون أفغان في مخيم على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في 19 أغسطس الحالي (د.ب.أ)
لاجئون أفغان في مخيم على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في 19 أغسطس الحالي (د.ب.أ)

استبق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاجتماع المرتقب لمجموعة الدول السبع المفترض أن ينعقد «عن بعد» الأسبوع المقبل بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بسلسلة من الاتصالات رفيعة المستوى، تناولت الرئيسين الروسي والأميركي، ورئيسي الوزراء الإيطالي والبريطاني، إضافة إلى المستشارة الألمانية ومسؤولين أوروبيين آخرين. وفيما التأم أمس اجتماع افتراضي لوزراء خارجية الحلف الأطلسي بدعوة من أمينه العام في أجواء مشحونة بسبب الانتقادات العنيفة أحياناً لأداء الطرف الأميركي في ملف الانسحاب العسكري من أفغانستان، فإن باريس تسعى، وفق مصادرها، إلى تخطي هذه المرحلة والنظر فيما يتعين أن يقوم به الغربيون، إن في إطار الحلف الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي أو مجلس الأمن الدولي. وكان لافتاً الاتصال المطول الذي أجراه إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي حمل في طياته ما يمكن تسميته «دفتر شروط» يتعين التقيد بها في طريقة التعامل المستقبلي مع النظام «الطالباني» الجديد، علماً بأن روسيا أبدت استعداداً للانفتاح على كابل. ووفق البيان الذي صدر عن قصر الإليزيه عقب الاتصال مع بوتين، فإن الرئيسين حددا «أولى الأولويات» التي يفترض أن تتقيد بها حركة «طالبان» وهي ثلاثة: محاربة تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، والقطيعة مع التنظيمات الإرهابية العالمية، واحترام حقوق النساء. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأولويات يفترض التعامل معها في المرحلة اللاحقة، بينما الاهتمام الآني منصب في الوقت الحاضر على إجلاء المواطنين الأجانب من أفغانستان والأفغان الذين عملوا لصالح الغربيين في السنوات العشرين الماضية.
ويسعى ماكرون للاستفادة من كافة المحافل المتوافرة من أجل بناء موقف موحد من التطورات الأفغانية، ومفتاح ذلك العمل بمبدأ «التنسيق» الذي يركز عليه في كافة اتصالاته، في الوقت الذي تظهر فيه بعض التشققات لجهة التعاطي مع «طالبان». من هنا، تشديده مع بوتين على «التنسيق» الثنائي من جهة والجماعي من جهة ثانية، والإطار المقصود به، حسب الإليزيه، مجلس الأمن الدولي ومجموعة العشرين. ونقطة الانطلاق الفرنسية أن القدرة في التأثير على سياسات «طالبان» الداخلية والخارجية تكمن في التوصل إلى موقف دولي منسجم. والحال أن التمايزات ظهرت منذ اليوم الثاني لسيطرة «طالبان» على كابل، بحيث أبدت روسيا والصين وإيران وتركيا مواقف «متفهمة» للتعاطي مع النظام الجديد فيما ربط الآخرون انفتاحهم على «طالبان» بالسياسات التي ستنتهجها، من بينها العناصر الثلاثة التي توافق حولها الرئيسان الفرنسي والروسي.
ويدفع ماكرون باتجاه تفعيل دور مجموعة السبع. ومن هنا يأتي اتصاله المبكر الثلاثاء الماضي مع بوريس جونسون باعتبار أن بريطانيا ترأس المجموعة المذكورة للعام الحالي، وتشديده على هذا المحفل في حديثه ليل أول من أمس إلى الرئيس بايدن. وجاء في بيان الإليزيه أن الرئيسين «شددا على ضرورة التنسيق المطلقة السريعة والميدانية بين الحلفاء»، واتفقا على «تعزيز العمل المشترك الإنساني والسياسي ومحاربة الإرهاب، خصوصاً في إطار مجموعة السبع». وتلتزم باريس موقفاً حذراً إزاء تركيا التي دلت تصريحات مسؤوليها على سياسات تفترق عن التوجه العام لأعضاء الحلف الأطلسي. وعادت تركيا تقترح التكفل بالمحافظة على أمن مطار كابل ما يعني عملياً التفاهم مع «طالبان».
وأفيد بأن ماكرون شدد، في اتصاله مع رئيس الوزراء الإيطالي، على «ضرورة التعاون الوثيق» في إطار الاتحاد الأوروبي، ليس فقط بالنسبة لإتمام عملية إجلاء المواطنين الأوروبيين وغيرهم من الأفغان، لكن خصوصاً من أجل «تدارك النتائج المترتبة على الأزمة الأفغانية»، في إشارة واضحة لموضوع الهجرات الذي كان ماكرون أول من قرع ناقوس خطره. وسبق لماكرون أن أعلن عن إطلاق «مبادرة» أوروبية لاستباق تدفق الهجرات الأفغانية على حدود أوروبا الخارجية تشاور بشأنها مع المستشارة أنجيلا ميركل وقادة أوروبيين آخرين، بيد أن تفاصيلها ما زالت مجهولة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».