العراق يضع خطة جديدة لتعزيز حماية أرتال التحالف الدولي

مع استمرار هدنة الفصائل وقرب انعقاد قمة «دول الجوار الإقليمي»

TT

العراق يضع خطة جديدة لتعزيز حماية أرتال التحالف الدولي

أعلن العراق أنه في صدد وضع خطط جديدة تستهدف تأمين أرتال الدعم اللوجستي للتحالف الدولي التي تسلك في الغالب الطريق الرابط بين موانئ العراق الجنوبية في البصرة إلى أماكنها شمال وشمال غرب العراق. وفيما تستمر هدنة الفصائل العراقية الموالية لإيران منذ تسلم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي بعدم استهداف المصالح الأميركية في العراق، فإن المكالمة الهاتفية التي أجراها مصطفى الكاظمي مؤخراً معه حول قمة بغداد المرتقبة كانت بمثابة الضوء الأخضر لعلاقة جديدة دشنها الكاظمي مع رئيسي، يجمع بخلاف سلفه (حسن روحاني) كلا الطرفين المتناقضين (الحرس الثوري) وجناح الإصلاحيين معاً وهو ما يعني أن أوامره تكون ملزمة للجميع.
الكاظمي الذي يستعد لعقد قمة الجوار الإقليمي نهاية الشهر الحالي بمؤازرة فرنسية واضحة بات يتنفس الصعداء حيال ما يجده من دعم معلن لعقد القمة من واشنطن التي تواصل سحب الذرائع من الفصائل المسلحة بسحب قواتها من مواقعها في العراق إلى الكويت، فيما تؤكد العديد من المؤشرات والتسريبات من داخل الأوساط السياسية العراقية أن رئيسي سوف يحضر القمة بنفسه.
وبينما يجري الإعداد للقمة سياسياً وعلى أعلى المستويات داخل أروقة الحكومة، فإن الأجهزة العسكرية والأمنية العراقية تعمل من جهتها على وضع الخطط الخاصة بتأمين القمة عبر سلسلة إجراءات داخل العاصمة بغداد وبالذات المنطقة الخضراء، حيث مكان الانعقاد، وتعمل من جانب آخر على تحصين الوضع الأمني على مستويين؛ الأول هو تأمين الطرق الخارجية الخاصة بأرتال دعم التحالف الدولي التي كانت تتعرض إلى سلسلة من الهجمات بالعبوات الناسفة والقنابل الموقوتة وغيرها، والثاني مواصلة مطاردة عناصر تنظيم داعش في أخطر حاضنة لهم لا تزال عصية على التأمين الكامل وهي منطقة الطارمية شمال غرب بغداد.
وفي هذا السياق، أعلن قائد «عمليات سومر»، الفريق الركن سعد حربية، أن «قاطع سومر هو  المحصور بين الحدود الإدارية لمحافظتي المثنى والديوانية، إلى ما بين الحدود الفاصلة بين محافظتي ذي قار والبصرة، وهو ما يجري تأمينه لصد أي تعرضات يمكن أن تتعرض لها هذه الأرتال». وأضاف حربية أنه في الفترة الماضية «حدث اعتداء واحد فقط على أرتال الدعم اللوجستي المارة ضمن هذه الرقعة، ولم يتسبب بأي أضرار»، مشيراً إلى أن «القوات الأمنية مستمرة بنشر مكافحة المتفجرات على طول الطريق». وتابع: «وجدنا قبل ثلاثة أيام عبوتين ناسفتين تمت معالجتهما من قبل محافظة المثنى». وأوضح حربية أن «الخطة الجديدة القادمة هي نصب كاميرات حرارية، وفي الوقت نفسه، دوريات لمساعدة مديرية الطرق وشؤون السيطرات للحفاظ على الأرتال باتجاه الحدود الدولية».
إلى ذلك، تستمر محاولات المؤسسة الأمنية العراقية لتمشيط منطقة الطارمية من عناصر تنظيم داعش خشية أن يشكلوا مصدر قلق خلال الأيام المقبلة مع قرب انعقاد القمة. وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت، أمس (الجمعة)، أن القوات العراقية تمكنت من إلقاء القبض على «إرهابي» خلال عمليات تطهير الطارمية شمال بغداد. وأضافت الخلية، طبقاً لبيان، أن «قيادة عمليات بغداد تمكنت من إلقاء القبض على إرهابي وتدمير مضافتين لعصابات داعش الإرهابية».
وعلى الصعيد ذاته، فإنه وفقاً لمفارز شعبة استخبارات الفرقة 20 واستناداً إلى معلومات دقيقة، فإنه تم التأكد من وجود عبوات وصواريخ وقنابل في مخبأ بناحية القحطانية في محافظة الأنبار. ووفقاً لبيان مديرية الاستخبارات، فإنه تم العثور على «قنبلة هاون عيار 120 ملم و13 عبوة ناسفة على شكل أسطوانة غاز و10 صواريخ كاتيوشا، بالإضافة إلى قذيفة عيار 155 ملم».
من ناحية ثانية، ذكر بيان أمني، أمس، أنه تم اعتقال المسؤول الإعلامي في تنظيم داعش في محافظة الأنبار الغربية. وأوضح بيان لخلية الإعلام الأمني في قيادة العمليات المشتركة أوردته وكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» أن مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع «تمكنت من اعتقال المسؤول الإعلامي لـ(داعش) الإرهابي، فيما يسمى قاطع الكرمة بمحافظة الأنبار». ولم يقدم البيان أي تفاصيل أخرى.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.