حمدوك وسلفاكير يبحثان اتفاقيتي السلام في البلدين

ركزا على فتح الحدود وقضايا النقل النهري والسكك الحديدية

TT

حمدوك وسلفاكير يبحثان اتفاقيتي السلام في البلدين

أجرى رئيس الوزراء السوداني رئيس الدورة الحالية لمجموعة دول «إيغاد»، عبد الله حمدوك، جلسة مباحثات مع رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت، في العاصمة جوبا التي وصل إليها أول من أمس (الخميس)، في زيارة تستمر عدة أيام، وبرفقته وفد رفيع من الوزراء والمسؤولين.
وتناولت المباحثات بين الرجلين، تنفيذ اتفاق السلام المنشط في جنوب السودان، والتعاون الثنائي، بالإضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية، في وقت اشتدت فيه حدة الخلافات داخل معسكر النائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان رياك مشار، ووصلت إلى حد الاشتباكات المسلحة في منطقة مقينص قرب الحدود مع السودان (الشمالي).
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية السودانية (سونا) لوزير التجارة والاستثمار في جمهورية جنوب السودان، ديو ماتوك دينق، قوله إن الرئيس سلفاكير ميارديت التقى ظهر الخميس رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والوزراء والمسؤولين عن التعاون الاقتصادي بين السودان وجنوب السودان.
كما شهدت زيارة حمدوك لجوبا عقد اجتماعات ثنائية بين الوزراء النظراء في البلدين، ركزت على قضايا التجارة والنقل النهري والسكك الحديدية والبنوك وفتح الحدود بين الدولتين. وقال ماتوك: «يجب فتح الحدود بين السودان وجنوب السودان لتنشيط التبادلات التجارية، وأن هناك قضايا تتعلق بإنشاء المناطق الحرة، التي من المفترض أن تكون على حدود الولايات الحدودية، بحيث تسهل التجارة».
وأوضح ماتوك أن الاجتماعات تناولت افتتاح بنوك تجارية سودانية في جنوب السودان، وقال: «هناك قضايا تتعلق بافتتاح بنوك تجارية سودانية في جنوب السودان»، وتابع: «هذا ستتم مناقشته بين بنك السودان المركزي وجنوب السودان لمعرفة كيفية تنفيذه».
وبرغم أن حمدوك اجتمع مطولاً مع نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار، لكن التقارير الصحافية الصادرة من هناك لم تتناول النقاشات التي دارت بين الرجلين بشأن الصدامات المسلحة بين قوات مشار والمنشقين عنها، والصدامات التي دارت بينها عند منطقة مقينص قرب الحدود السودانية الجنوبية، وإعلام قادة عسكريين موالين له عزله، وهو «الهدف الرئيسي» للزيارة، بحسب تقارير صحافية سابقة.
وقال ماتوك إن زيارة حمدوك ووفده تهدف لمناقشة عدد من الملفات، على رأسها مناقشة تنفيذ اتفاقية السلام التي أُعيد تنشيطها في جنوب السودان، لا سيما أن السودان وأوغندا هما ضامنا تنفيذ الاتفاقية. وأضاف: «الاجتماع الأخير لمجلس وزراء (إيغاد)، اتخذ عدة قرارات كانت محل النقاش بين الرجلين»، وتابع: «الملف الثاني هو اتفاق السلام السوداني الذي تتوسط فيه جنوب السودان برئاسة الرئيس سلفاكير ميارديت»، أما الملف الثالث الذي جرى بحثه فهو ملف التعاون الثنائي بين البلدين، واتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين في سبتمبر (أيلول) 2012، كما تطرق الاجتماع لكيفيات تعاون البلدين لمعالجة الأزمات في الإقليم.
وقال ماتوك إن الاجتماع ناقش باستفاضة دور السودان وجنوب السودان، في معالجة القضايا الرئيسية في المنطقة، وتابع: «نحن نعلم أن هناك الكثير من المشاكل التي تتعلق بمنطقة الإيغاد. ونعلم أن هناك مشكلة في إثيوبيا وتشاد ودول أخرى في المنطقة، وهذه دول مجاورة للسودان وجنوب السودان، وأن البلدين يمكن أن يساعدا في حل تلك القضايا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم