استمرار إغلاق معبر «رأس جدير» يُعمق معاناة الليبيين

مرضى يتكدسون على أبوابه أملاً في تلقي العلاج بتونس

TT

استمرار إغلاق معبر «رأس جدير» يُعمق معاناة الليبيين

اضطرت عائلات ليبية كثيرة إلى العودة مرة أخرى إلى ديارها بعد يوم من الانتظار على أبواب معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، بسبب استمرار إغلاق المنفذ من الجانب التونسي.
وكانت حكومة «الوحدة الوطنية» أقد علنت عن إعادة فتح حركة الملاحة الجوية والمعابر البرية بين ليبيا وتونس، اعتباراً من الخميس الماضي، بعد قرابة شهر من الإغلاق. ووجه وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء، عادل جمعة، خطابين إلى وزيري المواصلات محمد سالم الشهوبي، والداخلية خالد المازن، بشأن إعادة فتح المعابر البرية والجوية.
واشتكت عائلات ليبية عديدة من ذهابها إلى معبر «رأس جدير» منذ صباح أول من أمس، لكن عوض السفر أمضت ليلتها أمام أبواب المنفذ، وعندما استفسرت السلطات الأمنية التونسية أبلغتهم بعدم علمها بصدور أي قرار بفتح المعبر.
وقال الليبي محمد بوعياد، الذي ينتمي إلى مدينة الزاوية بغرب ليبيا، إنه ذهب مع والده، الذي يتلقى العلاج في تونس، إلى المعبر بعد تصريحات الحكومة، لكنه اضطر للعودة إلى الزاوية مرة ثانية بعد 24 ساعة من الانتظار في أجواء شديدة الحرارة. محملاً المسؤولية لحكومة «الوحدة الوطنية»، التي أغلقت المعبر منذ السابع من يوليو (تموز) الماضي، «دون سابق إنذار، وتسببت في معاناة مئات الليبيين، ثم قررت فتحه دون تنسيق مع الجانب التونسي، الذي اعتذر لنا عن انتظار المرضى طويلاً دون عبورهم».وقالت فضائية «218» الليبية إن «سيارات الإسعاف اصطفت، واحتشد عشرات المرضى الليبيين على جانبي المنفذ الحدودي، في انتظار أن تسمح السلطات التونسية باستئناف حركة العبور بين البلدين، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب سوء التنسيق بين الجانبين».
وناشد العالقون في المعبر سلطات البلدين معالجة الأزمة، وفتح المعابر للسماح بدخول الحالات المرضية وسيارات الإسعاف، للحد من المعاناة الإنسانية، الناتجة عن إقفال المعبر طوال الشهر الماضي.
وتسود حالة من الاستياء والغضب بين المواطنين بسبب «سوء التنسيق»، الذي أدى إلى انتظار المرضى داخل سيارات الإسعاف لساعات طويلة. وكان مدير إدارة الصحة الدولية ببوابة عبور المعبر، الدكتور مختار المنصوري، قد قال لوكالة «الأنباء الليبية» إن الإجراءات اللازمة اتُّخِذت بشأن فتح المعبر أمام حركة عبور المسافرين بين البلدين، لكن شيئاً لم يحدث.
وفي وقت متأخر من مساء أمس، أخبرت إدارة المعبر أنه لا يزال مغلقاً إلا في وجوه المسافرين التونسيين والليبيين العائدين إلى بلدهم، على أن يكون أجروا تحليل الكشف عن فيروس «كورونا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.