من المفارقات أن المهاجم الإيفواري السابق ديدييه دروغبا كان هو من أكد الأنباء التي كان ينتظرها عشاق نادي تشيلسي بشأن انضمام النجم البلجيكي العملاق روميلو لوكاكو للبلوز، حيث كتب دروغبا في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي مصحوبة بتسعة قلوب حب باللون الأزرق: «لقد عاد إلى وطنه». لقد مر ما يقرب من عقد من الزمان منذ أن انتقل لوكاكو إلى «ستامفورد بريدج» للمرة الأولى مقابل 10 ملايين جنيه إسترليني. والآن، عاد لوكاكو، الذي يسعى دائماً للسير على خطى مثله الأعلى دروغبا، إلى البلوز قادماً من إنتر ميلان الإيطالي مقابل ما يقرب من عشرة أضعاف هذا المبلغ.
وكان يبدو حتمياً أن لوكاكو - الذي كلفت الرسوم الإجمالية لانتقاله خزينة تشيلسي 289 مليون جنيه إسترليني - سيعود يوماً ما إلى النادي الذي وصفه بأنه «حبي الأول»، رغم رفضه فرصة العودة للبلوز تحت قيادة المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي في عام 2017. لكن عودته تبدو منطقية تماماً هذه المرة. في البداية، يجب التأكيد على أن حامل لقب دوري أبطال أوروبا تشيلسي بقيادة المدير الفني الألماني توماس توخيل يختلف تماماً عن الفريق الذي انضم إليه لوكاكو، وهو في الثامنة عشرة من عمره بشكل رسمي في 18 أغسطس (آب) 2011 بعد شهور من التكهنات بشأن مستقبله.
وقال أرييل جاكوبس، الذي تولى تدريب لوكاكو في نادي إندرلخت، لصحيفة الغارديان في يونيو (حزيران) الماضي إنه حذر لوكاكو من الصعوبات التي سيواجهها في حال انضمامه لتشيلسي الذي كان يضم خط هجوم نارياً آنذاك تحت قيادة المدير الفني البرتغالي أندريه فيلاش بواش، حيث كان هجوم البلوز يضم كلاً من دروغبا ونيكولاس أنيلكا وفرناندو توريس ودانييل ستوريدج. يتذكر جاكوبس ما حدث آنذاك قائلاً: «لقد فهمت أنه كان يحب تشيلسي، لكن كان يتعين عليه أن يفكر بطريقة واقعية أيضاً».
لقد فشل لوكاكو في تسجيل أي هدف في 12 مباراة، ولم يشارك في التشكيلة الأساسية سوى ثلاث مرات فقط في أول موسم له مع تشيلسي، وكان حبيساً لمقاعد البدلاء وهو يشاهد المدير الفني المؤقت روبرتو دي ماتيو، وهو يقود النادي للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى والفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي. واعترف لوكاكو بأنه كان يشعر بأنه لم يشارك في تحقيق هذه الإنجازات. وقال لوكاكو في مقابلة مع صحيفة «دي ستاندارد» البلجيكية: «لا أحب أن يتحدث الناس معي عن دوري أبطال أوروبا. لم أساهم في تحقيق هذا الإنجاز، لكن فريقي هو الذي فاز. وعندما وضع سالومون كالو كأس الاتحاد الإنجليزي في حضني ونحن في الحافلة طلبت منه أن يأخذها بعيداً عني على الفور. لم أكن أرغب في لمسها لأنني - كما هو الحال مع دوري أبطال أوروبا، لم أساهم في الحصول عليها على الإطلاق. لقد كان تشيلسي يريدني حقاً ودفع الكثير من الأموال من أجلي، لكنني بعد فترة سألت نفسي عما إذا كنت سأكتفي بالحصول على الأموال دون أن أساهم في الحصول على البطولات»!
وكانت رغبة لوكاكو في اللعب بانتظام وراء انتقاله إلى وست بروميتش ألبيون على سبيل الإعارة في الموسم التالي. لكن بعد أن سجل هدفيه الثامن والتاسع في الدوري الإنجليزي الممتاز في مباراة فريقه ضد ريدينغ في يناير (كانون الثاني)، كان تشيلسي قد دعم خط هجومه بالتعاقد مع ديمبا با من نيوكاسل يونايتد، وهو ما كان يعني أن لوكاكو لن يكون له مكان في خط هجوم البلوز. وقال لوكاكو آنذاك: «أنا أفكر فقط في نفسي وفي ويست بروميتش ألبيون، ولا أهتم حقاً بما يفعله تشيلسي في الوقت الحالي».
وابتعد لوكاكو عن تشيلسي بشكل أكبر عندما أعلن المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو فور توليه قيادة تشيلسي من جديد أن لوكاكو ليس جزءاً من خططه للموسم الجديد وسمح له بالانضمام إلى إيفرتون على سبيل الإعارة. وبعد مرور عام كان مورينيو قد واصل تجاهله للاعب البلجيكي الذي انتقل هذه المرة بشكل دائم إلى إيفرتون مقابل 31.8 مليون جنيه إسترليني. وقال مورينيو: «لقد كان يريد أن يلعب لتشيلسي، لكنه كان يريد أن يكون الخيار الأول في خط الهجوم. من الصعب للغاية وعده بذلك».
ورفض لوكاكو فرصة اللعب تحت قيادة كونتي في تشيلسي في عام 2017. ووفقاً لصديق لوكاكو، فيني فرانس، الذي كان في لوس أنجليس مع المهاجم البلجيكي عندما فضل الانضمام إلى مانشستر يونايتد بقيادة مورينيو على العودة إلى تشيلسي، فإن لوكاكو قد اتخذ قراره لأنه كان يشعر بأنه مرغوب به في «أولد ترافورد». وقال فرانس: «ظل تشيلسي ينتظر وينتظر، لذلك رأى لوكاكو أن مانشستر يونايتد قدم له عرضاً جيداً وأن مورينيو مدير فني كبير لديه أفكار رائعة، وكان متأكداً بنسبة 100 في المائة أن مورينيو يريده. لو كان لوكاكو يريد حقاً الانتقام من مورينيو، لانتقل إلى تشيلسي. لم يكن المدير الفني فقط هو الذي أبعده عن الفريق، بل كان النادي بأكمله».
ولم يكن هناك مثل هذا الجدل عندما عاد كونتي، وهو يتولى القيادة الفنية لنادي إنتر، للاتصال مرة أخرى بلوكاكو في عام 2019. وهي الفترة التي كان فيها المهاجم الإنجليزي يشعر برغبة عارمة فيما أسماه «بداية جديدة» بعيداً عن كرة القدم الإنجليزية. ومع ذلك، لم يكن هناك أدنى شك في أنه يرغب بشدة في العودة يوماً ما إلى الدوري الإنجليزي الممتاز وإلى تشيلسي بالتحديد.
وعندما أعلن كونتي عن رحيله المفاجئ بعد أسابيع قليلة من قيادته إنتر ميلان للفوز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز بعد غياب دام 11 عاماً، أصبح من الصعب على لوكاكو البقاء مع النادي الإيطالي. ربما كان ينبغي على مسؤولي إنتر ميلان أن يدركوا مبكراً أن رحيل لوكاكو أصبح أمراً لا مفر منه عندما رد المهاجم البلجيكي على منشور غامض من دروغبا في مارس (آذار) الماضي برسالة «نحن قيد العمل»، رغم أن رغبته في اللعب تحت قيادة توخيل قد تضاعفت منذ أن قاد المدير الفني الألماني البلوز للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا بعد توليه المسؤولية خلفاً للمدير الفني الإنجليزي الشاب فرانك لامبارد في نهاية شهر يناير (كانون الثاني).
ورغم أن الفريق الحالي لتشيلسي مدجج بالنجوم في الخط الأمامي، يبدو أن وصول لوكاكو هذه المرة كان بمثابة القطعة المفقودة في هذه التشكيلة الرائعة، حيث يسعى توخيل للتغلب على مانشستر سيتي الذي فاز الموسم الماضي ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز متفوقاً على تشيلسي بفارق 19 نقطة. لقد تحسنت طريقة لعب لوكاكو تحت قيادة كونتي، لكن يعترف دائماً بأنه ليس مثل دروغبا، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتم استغلال القدرات الفنية والبدنية الهائلة للاعب البلجيكي البالغ من العمر 28 عاماً.
وقال لوكاكو عن مقارنته بمثله الأعلى دروغبا في اليوم الذي وقع فيه لأول مرة لتشيلسي: «إنه لشيء رائع أن تتم مقارنتي به، فأنا أحب ذلك كثيراً. نحن نلعب بطريقة متشابهة، لكنني أيضاً سريع جداً. أريد أن أتعلم منه كيف كان يلعب هنا في ستامفورد بريدج وكيف كان يستعد للمباريات. أعتقد أنه إذا كنت ذكياً داخل الملعب وخارجه، فسيتم قبولك وهذا هو ما أريده».
لوكاكو يعود إلى تشيلسي «حبه الأول» بعد فراق دام 10 سنوات
المهاجم البلجيكي ينضم إلى تشكيلة توخيل المدججة بالنجوم وهو في ذروة تألقه
لوكاكو يعود إلى تشيلسي «حبه الأول» بعد فراق دام 10 سنوات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة