«الثلاثي الأوروبي» يطالب طهران بالعودة إلى مفاوضات فيينا «من دون إبطاء»

لندن وباريس وبرلين عبرت عن قلقها العميق من زيادة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %

وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب يتوسط نظيره الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس بلندن في سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب يتوسط نظيره الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس بلندن في سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)
TT

«الثلاثي الأوروبي» يطالب طهران بالعودة إلى مفاوضات فيينا «من دون إبطاء»

وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب يتوسط نظيره الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس بلندن في سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب يتوسط نظيره الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس بلندن في سبتمبر 2020 (أ.ف.ب)

عبرت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان مشترك، عن قلقها العميق من مضاعفة إيران إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، لتقترب من النسبة المطلوبة لصنع أسلحة، قائلة إن هذا يشكل انتهاكاً خطيراً لتعهداتها، ودعت الأطراف الأوروبية الثلاثة طهران إلى استئناف المفاوضات في فيينا «دون إبطاء».
وكتب وزراء خارجية الدول الثلاث في بيان مشترك: «نحن؛ حكومات ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، أخذنا، بقلق بالغ، علماً بالتقارير الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تؤكد أن إيران أنتجت للمرة الأولى اليورانيوم المعدني المخصب عند نسبة 20 في المائة، وضاعفت بشكل ملحوظ أيضاً قدرتها على إنتاج اليورانيوم المخصب إلى مستوى 60 في المائة». وأضافت أن هاتين الخطوتين أساسيتان في تطوير سلاح نووي، بحسب «رويترز».
ويمكن استخدام معدن اليورانيوم في صنع القنبلة النووية، لكن إيران تزعم أن أهدافها سلمية وأنها تنتج وقوداً لمفاعل. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت الثلاثاء أن إيران وضعت آلية جديدة لتسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، في وقت تراوح فيه بمكانها المحادثات الدبلوماسية لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم في عام 2015.
وقالت الحكومات الثلاث: «نجدد تأكيدنا أنّ (الخطوة) انتهاك خطير لالتزامات إيران وفق الاتفاق النووي المبرم في فيينا». وأضاف البيان أن القدرات الجديدة «تعكس خطوات حاسمة نحو تطوير سلاح نووي، وليس لدى إيران أي حاجة مدنية موثوقة» تجبرها على تطوير هذه التكنولوجيات. وأكدوا أنّ «القلق مضاعف؛ خصوصا أنّ إيران قيّدت بشدّة وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إلى منشآتها، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويتوجب أساساً دفع التخصيب إلى نسبة 90 في المائة من أجل صناعة قنبلة نووية، ولو أنّ مراحل أخرى ينبغي أيضاً استكمالها.
وكانت الولايات المتحدة انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق في ظل إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2018، بهدف إجبار إيران على إطالة أمد الاتفاق ومعالجة الأنشطة الإقليمية والباليستية. ورداً على ذلك؛ بدأت إيران مسار التراجع بصورة تدريجية عن اتفاق فيينا لضبط برنامجها في مقابل رفع عقوبات غربية وأخرى أممية. وتسريع التخصيب هو أحدث خطوة من جانب إيران تنتهك القيود.
ويبدي الرئيس الأميركي جو بايدن عزمه على العودة إلى الاتفاق، فيما انطلقت مفاوضات غير مباشرة بين الدولتين بوساطة أوروبية في العاصمة النمساوية في أبريل (نيسان) الماضي، غير أنّ الدبلوماسيين تفرّقوا في 20 يونيو (حزيران) الماضي من دون التوصل إلى الاتفاق المنشود.
وقال البيان الثلاثي المشترك: «يتوجب على إيران وقف كل أنشطتها» التي تنتهك اتفاق 2015 «على الفور». وتابعت الدول الثلاث: «ندعو إيران بشدّة إلى استئناف المفاوضات في فيينا من دون إبطاء، بهدف إنهائها سريعاً وبنجاح. شددنا مراراً على أن الوقت ليس في صالح أحد».
وكان الاتحاد الأوروبي لفت إلى احتمال استئناف المفاوضات في مستهل شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. وقالت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إن مثل هذه الخطوات تهدد محادثات إحياء الاتفاق المتوقفة في الوقت الراهن.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.