لبنان: حوار المستقبل ـ حزب الله يترنح.. وقيادة الجيش خلاف جديد يفاقم التأزيم

مصادر لـ («الشرق الأوسط») : الحزب ممتعض ويدفع باتجاه وضع ضوابط جديدة في جلسة الغد

التقى رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أمس في مكتبه بالعاصمة بيروت وفدا من حزب الكتائب للتباحث في المسجدات القائمة (دلاتي ونهرا)
التقى رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أمس في مكتبه بالعاصمة بيروت وفدا من حزب الكتائب للتباحث في المسجدات القائمة (دلاتي ونهرا)
TT

لبنان: حوار المستقبل ـ حزب الله يترنح.. وقيادة الجيش خلاف جديد يفاقم التأزيم

التقى رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أمس في مكتبه بالعاصمة بيروت وفدا من حزب الكتائب للتباحث في المسجدات القائمة (دلاتي ونهرا)
التقى رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام أمس في مكتبه بالعاصمة بيروت وفدا من حزب الكتائب للتباحث في المسجدات القائمة (دلاتي ونهرا)

اهتز قبل أيام مناخ التوافق السياسي اللبناني المستمر منذ مطلع العام الجديد، بعد تصعيد ملحوظ بمواقف قوى 14 آذار وحزب الله، دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الدخول على الخط لضبط الإيقاع منعا لتفجير جلسات الحوار القائمة بين الحزب وتيار المستقبل، التي يبدو أنه يتم الدفع باتجاه وضع ضوابط جديدة تضمن استمراريتها.
وأدى الاستعجال بطرح موضوع تمديد ولاية قائد الجيش جان قهوجي، التي تنتهي في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى تفاقم الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد مع إصرار فريق الزعيم المسيحي رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على وجوب تعيين قائد جديد، وتمسك فرقاء آخرين بخيار التمديد لقهوجي خوفا من فراغ موقع قيادة المؤسسة العسكرية، في ظل استمرار الشغور الرئاسي منذ مايو (أيار) الماضي.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مطلعة على الاتصالات الحالية في هذا الخصوص أن «3 سيناريوهات يجري التباحث فيها، السيناريو الأول يقول بإقرار التمديد لقهوجي بالتزامن مع تمديد ولاية رئيس الأركان اللواء وليد سلمان ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص. أما السيناريو الثاني فيقوم على تجديد ولاية القيادات الـ3 السابق ذكرهم بالإضافة إلى 15 ملازما بينهم قائد فوج المغاوير وصهر عون، شامل روكز. ويقوم السيناريو الثالث الذي يتبناه عون على إجراء تعيينات جديدة في كل المواقع المذكورة، أملا بتعيين صهره قائدا للجيش».
وقبل أيام من انعقاد الجلسة الثامنة الحوارية بين «المستقبل» وحزب الله، برز تصعيد في المواقف بين الطرفين بعيد كلمة ألقاها رئيس كتلة «المستقبل» النائب فؤاد السنيورة في ذكرى 14 آذار 2005، انتقد فيها وبشدة قتال حزب الله في سوريا، ما استدعى أكثر من رد «عالي النبرة» من قياديي الحزب.
فاعتبر رئيس المجلس السياسي في حزب الله إبراهيم السيد أن «قوى 14 آذار فرحت حينما سيطرت (داعش) على الموصل وكركوك»، وقال: «هم يكذبون إذا قالوا إنهم ضد الإرهاب، إنهم يشعرون بالحزن والألم والفشل والسقوط كلما سقطت (داعش) في أي مكان، هؤلاء أسميهم الداعشية السياسية في لبنان».
ورأى السيد خلال مشاركته في احتفال تأبيني شرق البلاد أنه على قوى 14 آذار أن «تشكر حزب الله لأنه يبقيها على قيد الحياة السياسية»، وأضاف: «المنحى الموجود الآن بين حزب الله وتيار المستقبل، ومنحى الحوار العام والتفاهم والتعاون والبحث عن المشاركة في لبنان، هي السبل التي تجعلنا قادرين على مواجهة التهديد، وهذا ما يناسب المعركة الكبرى الموجودة في المنطقة، أما اللغة التي تسمعونها من هنا وهناك فهي غير نافعة بدليل أنهم بالأمس كانوا يتحدثون، ويوم الأربعاء هناك جلسة حوار». وأشار إلى أنه يمكن وضع الكلام التصعيدي «في إطار الحقد والخصومة والبغض السياسي والمصالح الشخصية السياسية، ويمكن أن نضعه في إطار تخريب الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل».
وكان رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد أطلق في وقت سابق مواقف تصعيدية، شدد فيها على أن «الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه»، متوجها إلى تيار المستقبل بالقول: «إما أن تلتزموا بالحوار وإما دعونا نذهب، كل واحد منا في حال سبيله».
ونفت مصادر معنية بالحوار بين الطرفين ومطلعة على أجواء حزب الله أن يكون التصعيد الحاصل في المواقف سيؤثر على جلسات الحوار القائمة، لافتة إلى أن «السنيورة وبكلمته في ذكرى 14 آذار ذهب في استفزاز مبالغ فيه، فأتى الرد من رعد ليضع النقاط على الحروف». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله لا يزال متمسكا بهذا الحوار حتى النهاية، لكنه من غير المقبول الاستمرار بلغة السنيورة وفتفت والضاهر التحريضية».
في المقلب الآخر، استغرب تيار المستقبل رد فعل حزب الله على بيان قوى 14 آذار الأخير الذي تلاه السنيورة يوم السبت الماضي. وقال النائب في التيار عمار حوري لـ«الشرق الأوسط»: «نحن قلنا منذ انطلاقة الحوار أننا في حالة ربط نزاع بـ3 ملفات أساسية، القتال في سوريا، سلاحه في الداخل، والمحكمة الدولية، ولم يتغير شيء في هذا الإطار».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.