يورغو شلهوب لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «البريئة» سبب لي كوابيس

قال إن أخطاء الإنتاج في الماضي ظلمت الممثل اللبناني

يؤكد يورغو شلهوب أن ثنائيته مع كارين رزق الله يمكن أن تتكرر
يؤكد يورغو شلهوب أن ثنائيته مع كارين رزق الله يمكن أن تتكرر
TT

يورغو شلهوب لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «البريئة» سبب لي كوابيس

يؤكد يورغو شلهوب أن ثنائيته مع كارين رزق الله يمكن أن تتكرر
يؤكد يورغو شلهوب أن ثنائيته مع كارين رزق الله يمكن أن تتكرر

يشتاق المشاهد اللبناني ليورغو شلهوب بسبب اتباعه تكتيكاً خاصاً به فيما يخص إطلالاته التمثيلية. فهو يختار أدواره بدقة المحترف، ولا يهتم للكمية بل يحرص على النوعية. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بداية مشواري التمثيلي وأنا أغيب لفترة ومن ثم أعود بعمل درامي يقنعني. وأحياناً تتأثر إطلالاتي هذه بظروف معينة تؤخرني كما غيري من الزملاء. هذه الظروف هي التي تسمح لي مرات بتقديم أدوار جديدة أو التسبب في غيابي».
يورغو الذي يعد من نجوم الصف الأول في عالم الدراما، يتسم بحضور محبب على قلوب المشاهدين. وكونه ابن بيت فني (والداه هما الممثلان السي فرنيني وجورج شلهوب)، فقد حرّك حشرية المشاهد للتعرف إلى موهبته الفنية منذ بداياته، فنجح في إثبات وجوده وحفر في ذاكرة المشاهد.
قريباً سيعرض ليورغو شلهوب على منصة «شاهد» مسلسل «البريئة»، إلى جانب بديع أبو شقرا وكارمن بصيبص وعدد من نجوم الشاشة اللبنانية. ويحكي العمل الذي يتألف من 8 حلقات، قصة شابة تتغير حياتها بسبب حادثة. وهو من إنتاج شركة «إيغل فيلمز» وكتابة مريم نعوم وإخراج رامي حنا. وعن طبيعة دوره في «البريئة» الذي يجسد فيه شخصية الشاب كامل يوضح شلهوب: «الدور غني جداً ودسم، والشخصية التي أجسدها تعاني من صراعات مع نفسها بسبب تربيتها العائلية. فكامل يتحلّى بالطيبة وكذلك بالنرجسية. مخطط من الدرجة الأولى يترشح للانتخابات النيابية. يملك علاقات قوية ويعاني في الوقت نفسه من الاضطراب». ويتابع يورغو شلهوب: «لقد تطلب مني هذا الدور طاقة كبيرة، ومررت بسبب طبيعته بصراعات كثيرة مع نفسي. وكان علي أن أتعمق بالدور، وأن أتعاطف مع الشخصية، كي أنجح في تجسيدها كما يجب. لذلك تسبب لي باضطراب، إذ كنت أعيش حالة هدوء وسلام مع النفس، وغارقاً بقراءات فلسفية وروحية، وأمارس تمارين في الطاقة الإيجابية. فجاء الدور ليقلب نفسيتي رأساً على عقب ويأخذني إلى مكان آخر لا يشبه الذي كنت فيه».
ولكن ماذا يتطلّب هذا النوع من الأدوار؟ يرد: «أي دور تقدمينه عليك أن تكوني صادقة. لذلك على الممثل الاطلاع على جميع جوانبه وعلى أعماقه والتعاطف معه، وإلا بقي منفصلا عنه. فهناك نوع من المساكنة تحدث بين الممثل والدور، وكل حركة تطبع خط الشخصية تصبح أمراً طبيعياً وعفوياً عنده. أحد الممثلين المشهورين دانييل داي لويس قرر الاعتزال بسبب هذه الصراعات التي يعيشها من جراء كل دور يتقمصه. فعندما يندمج الممثل بدوره فإنه يسكنه ويلتصق بأفكاره. أحياناً أشعر وأنا في حياتي الطبيعية، وكأني أعيد أحد المشاهد تلقائياً. إلى هذه الدرجة تبلغ قوة الاندماج بالدور، وهذا ما حصل معي في «فخامة الشك» و«حبيبي اللدود». فالتركيز بهذه القوة يجعل الشخصية جزءاً لا يتجزأ من صاحبها». ويشرح شلهوب: «بعض الممثلين يضطرون للخضوع إلى علاج نفسي بعد دور صعب يقدمونه. ولكن في المقابل يشعر الممثل بلذة ويستمتع في إجادة الدور. هو أمر خطير نعم، أحياناً يتجاوز أحلامك خلال النوم، ولكن طبيعة مهنتنا تتطلب الإتقان».
أحدث مرة أطل فيها يورغو شلهوب على المشاهد العربي كان من خلال مسلسل «هند خانم» في موسم رمضان الفائت. يومها حل بديلاً عن الممثل السوري خالد قيش. فهل أزعجته فكرة استبدال ممثل به؟ يرد: «هي أمور تحصل كثيراً في عالم الدراما حتى الأجنبية منها. لم أستفسر عن أسباب خروج الزميل قيش من المسلسل لأنني لا أعرفه جيداً كي أستوضحه عن الأمر. ولكن صدف أن دخلت العمل في حلقات تنقل صاحب الشخصية من مرحلة إلى أخرى. وهو ما سهل علي المهمة، وما أسهم في استيعابها بسرعة من قبل المشاهد».
يورغو شلهوب وكغيره من الممثلين يثني على أعمال دراما المنصات التي فتحت أبوابها العريضة أمام الممثل اللبناني. ويقول: «لا شك أن دراما المنصات أسهمت في تحسين نوعية الدراما العربية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص. كما حفّزت شركات الإنتاج على التعاون مع أفضل الكتاب والمخرجين والتقنيين وغيرهم، ممن يشكلون عناصر الدراما ذات المستوى المطلوب التي تفرضها هذه المنصات. فإذا غاب المستوى تغيب المنافسة. والأعمال العربية اليوم في طور منافسة أعمال أخرى مترجمة ومدبلجة وغيرها. وهذه الدراما أعطت الفرص للممثل اللبناني كي يبرهن عن جدارته وحرفيته التي كانت مخبأة، ولم تسنح لها الفرص الحقيقية. والجدير ذكره أنها أعطت الفرص للممثلين من جميع الأعمار، حتى إن بعضهم كان شبه غائب عن الساحة. هذه الفرص ألغت مقولة (لا ممثلين في لبنان). فغيابهم يومها كان بسبب أخطاء ارتكبتها شركات إنتاج، فظلمت الممثل في غياب نص ومخرج مطلوبين لتحقيق نجاحه. وأنا من محبذي مقولة لا هوية للفنان. فالممثل الجيد لا ينحصر بجنسية لبنانية وسورية ومغربية ومصرية وغيرها. والدليل على ذلك هو تفوق ممثلين أجانب غير أميركيين في أفلام عالمية. فهناك لا يسمون الممثل بهويته بريطانية كانت أو فرنسية أو أميركية. وكذلك الأمر بالنسبة للدراما الغربية، فمسلسل (كازا دي بابل) الإسباني أبطاله غير معروفين وغير أميركيين، ومع ذلك حققوا نجاحا هائلا من خلال منصة (نتفلكس). فالمهم نوعية العمل وهي التي تتحكم بمصيره، سيما وأننا نعيش العولمة بكل معانيها اليوم. كما أن دراما المنصات أسهمت في إبراز مواهب مخرجين شباب كفيليب أسمر، الذي أتحفنا بمسلسلين رائعين (2020) و(للموت) في موسم رمضان الفائت. وفي مسلسل (البريئة) المتوقع عرضه قريباً، فإن فريقه لبناني بامتياز ومخرجه رامي حنا من الجنسية السورية، وأعتبره من المخرجين الناجحين جداً، فالفن كما ذكرت لا حدود له. وأتمنى أن تكتمل حلقة الأعمال العربية لتتوسع وتصبح شاملة لبلدان المغرب العربي وفلسطين وغيرها أيضاً. فمن شأن الدراما أن تسهم في تجمع العالم العربي تحت سقفها، كي ينسى خلافاته ويبرز مهاراته في مجالات كثيرة».
لا يتابع يورغو شلهوب كثيراً الأعمال الدرامية على المنصات، ولكنه كسر القاعدة في موسم رمضان وهو يبدي إعجابه بأعمال فيليب أسمر. ويعلق: «كبر قلبي عندما رأيت كل هذه الجودة في عمل لبناني، وأبطاله نجوم اشتقنا لهم ككارول عبود وفادي أبي سمرا وأحمد الزين وغيرهم. كما وصلتني حالياً أصداء مسلسل (دور العمر) للمخرج سعيد الماروق وبطولة سيرين عبد النور وعادل كرم. فلطالما أعجبت بكاميرا الماروق، وكنت أتوقع له كل هذا النجاح في أعمال درامية. وهناك أيضاً مسلسل آخر ننتظره للمخرج أمين درة (باب الجحيم) الذي ترك بصمته على أكثر من عمل سينمائي وأحدثها فيلم (غدي) لجورج خباز. فإننا أمام لغة سينمائية لبنانية تحاكي العالمية بكل أعرافها ينقلها مخرجوها اليوم إلى عالم الدراما». وهل برأيك انتهى عصر التلفزيون؟ يرد: «لا شك أن التلفزيونات تعاني اليوم من تراجع ملحوظ لأنها هي أيضا لديها مشكلاتها وأزماتها الاقتصادية. ولكن هذا لا يعني أن دورها انتهى، والدليل على ذلك هو ما تحققه اليوم على الساحة الإعلامية. فهي تسهم في فضح المستور من خلال الصحافة الاستقصائية. فإنها تلعب دورا لا يستهان به من ضمن السلطة الرابعة».
وعما إذا ينوي العودة إلى مسلسلات الكوميديا يقول: «بالتأكيد أحب هذا النوع من الأعمال، إذ إن له نكهته ولذته الخاصة. مسلسل (قلبي دق) للكاتبة والممثلة كارين رزق الله، كان فيه مواقف مضحكة وأخرى رومانسية أحبها المشاهد واستمتعت في المشاركة به». وهل من فرصة لرؤيتك من جديد كثنائي ناجح مع كارين رزق الله أسوة بمشاركتك في «قلبي دق»؟ يرد: «لا يمكن لأحد أن يتوقع المستقبل، فكل شيء يحدث في الوقت المناسب. أصبحت أؤمن بالكونية، وعندما يحين وقت إتمام أمر ما فلا بد أن يحدث. وإذا ما سنحت لي الفرصة مرة ثانية، فإني لن أتأخر بالتأكيد إذا ما حمل العمل نفس قوة الأول، خصوصاً أنه حقق نجاحاً كبيراً».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».