الدوري الفرنسي فاز بضم ميسي... لكن كرة القدم خسرت

المنافسة الحقيقية اختفت وهيمنة الأندية الكبرى على اللعبة بدأت وستزداد خلال الفترة المقبلة

الإقبال الشديد على شراء قميص يحمل اسم «ميسي» يعكس الجانب الاقتصادي في ضمه (أ.ب)
الإقبال الشديد على شراء قميص يحمل اسم «ميسي» يعكس الجانب الاقتصادي في ضمه (أ.ب)
TT
20

الدوري الفرنسي فاز بضم ميسي... لكن كرة القدم خسرت

الإقبال الشديد على شراء قميص يحمل اسم «ميسي» يعكس الجانب الاقتصادي في ضمه (أ.ب)
الإقبال الشديد على شراء قميص يحمل اسم «ميسي» يعكس الجانب الاقتصادي في ضمه (أ.ب)

هناك عدد من المباريات المهمة التي ستُلعب مساء يوم الأحد المقبل، فإذا عدت من عملك في هذا اليوم متعباً وأردت البحث عن شيء تشاهده على شاشة التلفزيون وأنت تتصفح بعض الأوراق أو تغفو على الأريكة، فسيكون لديك عدد من الخيارات، حيث يمكنك مشاهدة مباراة ليفانتي ضد ريال مدريد، أو روما ضد فيورنتينا، أو نيس ضد مرسيليا. فأيتها ستختار؟ ربما تعتقد أن ريال مدريد، الذي يواجه ضغوطاً هائلة ولم يتعاقد خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية إلا مع ديفيد ألابا، قد يعاني خلال ثاني مباراة من بين المباريات الثلاث التي سيلعبها خارج ملعبه في بداية الموسم تحت قيادة المدير الفني الجديد كارلو أنشيلوتي، لذلك ربما يكون من الأفضل لك مشاهدة مباريات الدوري الإسباني الممتاز.
وربما ستكون أول مباراة للمدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو على رأس القيادة الفنية لنادي روما في الدوري الإيطالي الممتاز ممتعة، خصوصاً مع الوضع في الحسبان الأحداث المثيرة التي حدثت لمورينيو في بعض المباريات الودية قبل بداية الموسم. في هذه الحالة، قد لا تكون المباراة التي ستلعب في الدوري الفرنسي الممتاز جذابة لكثير من المشاهدين. لكن عندما سيلعب باريس سان جيرمان سيختلف الأمر تماماً، وسيترك المرء كل شيء آخر لمشاهدة ماذا سيحدث عندما سيلعب النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى جانب كل من نيمار وكيليان مبابي.
قد تبدو قضية أي مباراة سيفضل المشاهدون متابعتها تافهة للبعض، لكنها في الحقيقة تأخذنا إلى طرح سؤال مهم للغاية: ما كرة القدم، وما الهدف منها؟ من المحتمل أن يسجل ميسي ونيمار ومبابي عشرات الأهداف هذا الموسم. وصحيح أن باريس سان جيرمان قد خسر لقب الدوري الفرنسي الموسم الماضي لحساب ليل، لكن الشيء المؤكد أن ذلك لن يحدث مرة أخرى. ومن المؤكد أيضاً أننا سنستمتع برؤية أهداف مذهلة ومراوغات استثنائية ومهارات فردية ممتعة، وستنتشر انتشار النار في الهشيم عبر مقاطع فيديو قصيرة مدة كل منها 30 ثانية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالتالي، ستزداد شعبية الدوري الفرنسي الممتاز بدرجة كبيرة. بالتأكيد سيهتم مزيد من الناس بمشاهدة مباريات باريس سان جيرمان هذا الموسم، بالمقارنة بالمواسم السابقة. وعلاوة على ذلك، فإن رؤية أعداد هائلة من الجماهير المتحمسة في المطار بانتظار وصول ميسي، وقوائم الانتظار الطويلة أمام متجر باريس سان جيرمان لشراء قميص ميسي، تعدّ دليلاً واضحاً على الحماس الشديد بين الجماهير الفرنسية (رغم أن إشارات النادي إلى أن الجوانب التجارية وحدها ستغطي تكاليف الصفقة يجب أن ينظر إليها بعين الشك).
لكن هل هذا هو الهدف من كرة القدم الآن؟ ربما يكون الأمر كذلك، لدرجة أن أحد الأندية الكبرى على الأقل يفكر بجدية في إنتاج مسلسل تلفزيوني شبه خيالي قائم على ما يحدث داخل غرفة خلع الملابس وقاعة اجتماعات مجلس الإدارة، من أجل تحقيق مكاسب مالية! والآن، ننتظر لنرى كيف سيمتعنا ميسي ونيمار عندما يلعبان معاً مرة أخرى. سوف يستمتع البعض بجمال كرة القدم، ولن يهتموا بأن تسجيل 3 أهداف (هاتريك) ضد ناد متواضع في الدوري الفرنسي الممتاز قد لا يكون بالقوة نفسها لإحراز هدف في مرمى ناد كبير. سيكون هناك اندفاع كبير من الجماهير لرؤية نجوم باريس سان جيرمان، لكن مهما كانت مهارات وإمكانات هؤلاء النجوم، فإن الإثارة ستكون شبه معدومة في الدوري الفرنسي الممتاز بسبب عدم وجود منافسة حقيقية، وبالتالي قد يتراجع عدد من الجماهير عن متابعة المباريات بعد ذلك.
لكن من المؤكد أن الاختبار الحقيقي لباريس سان جيرمان سيكون في دوري أبطال أوروبا، وليس في الدوري الفرنسي الممتاز. فهل أصبح النادي الفرنسي أفضل استعداداً للفوز بالبطولة الأقوى في القارة العجوز هذا الموسم عمّا كان عليه الأمر في الماضي؟ ربما يكون هذا صحيحاً، بالنظر إلى الاستثمارات التي ضخها النادي لتدعيم خط الدفاع، خصوصاً التعاقد مع الظهير الأيمن المغربي أشرف حكيمي، وهو المركز الذي كان يعاني فيه النادي من مشكلة حقيقية. لكن من جهة أخرى؛ فإن ميسي نفسه يمثل مشكلة.
لقد عانى باريس سان جيرمان بالفعل في المباريات الكبرى بسبب عدم قيام كل من نيمار ومبابي بواجباتهما الدفاعية، ومن المؤكد أن ميسي لن يحل هذه المشكلة، بل قد يزيدها عندما تبدأ مباريات دوري أبطال أوروبا، لأنه هو الآخر لا يقوم بواجباته الدفاعية كما ينبغي. والأهم من ذلك أن باريس سان جيرمان كان واحداً من ناديين، وربما 3 أندية فقط، في العالم يمكنها تحمل قيمة ميسي. وعلى الجانب الآخر، لا يزال هناك قدر من المنافسة القوية في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث من المحتمل أن يكون تشيلسي منافساً قوياً لمانشستر سيتي، كما يمتلك مانشستر يونايتد وليفربول الأدوات التي تمكنهما أيضاً من المنافسة على اللقب. لكن الصورة في الدوريات الأوروبية الأخرى تبدو قاتمة، حيث لا يجد باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ منافسين حقيقين لهما في الدوري.
ورغم أن إنتر ميلان قد وضع حداً لفوز يوفنتوس المتتالي بلقب الدوري الإيطالي الممتاز، فإن ديونه بلغت 600 مليون يورو وخسر بالفعل جهود مديره الفني أنطونيو كونتي وظهيره الأيمن المميز أشرف حكيمي، وباع مهاجمه البلجيكي العملاق روميلو لوكاكو لتشيلسي. ربما لا يكون يوفنتوس مرشحاً ساحقاً للفوز بلقب الدوري، على عكس الأمر مع باريس سان جيرمان أو بايرن ميونيخ، لكنه ما زال المرشح الأقوى للحصول على اللقب.
وإذا كان الأمر يبدو أكثر تنافسية في إسبانيا، فإن السبب الرئيسي في ذلك هو الفوضى التي يعاني منها كل من ريال مدريد وبرشلونة، وكلاهما مدين بمئات الملايين، وقد اضطرا إلى عدم الإنفاق على التعاقدات الجديدة. لكن شروط الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مؤخراً بين رابطة الدوري الإسباني الممتاز وصندوق الأسهم الخاصة «سي في سي» - وهي الصفقة التي انسحب منها ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيك بيلباو وناد آخر في دوري الدرجة الثانية لم يُكشف عن اسمه - والتي تجعل رابطة الدوري تتخلى عن 11 في المائة من حقوق البث التلفزيوني على مدار الخمسين عاماً المقبلة مقابل 2.1 مليار يورو، تعكس مدى رغبة الدوري الإسباني في الحصول على الأموال بشكل فوري من أجل الخروج من المشكلات المالية التي يعاني منها.
ربما لا يهم هذا المشجع العادي الذي يرغب في الاستمتاع بالمهارات الفردية للنجوم، بغض النظر عما يحدث على نطاق أوسع. ونظراً لأن المنافسة الحقيقية لم تعد تمثل أولوية، فقد فشلت كرة القدم الأوروبية. إن المشكلات الاقتصادية الطاحنة التي دفعت بالأندية الكبرى إلى محاولة الانفصال وإقامة دوري السوبر الأوروبي لم تختف بعد لمجرد أن هذه البطولة المقترحة قد فشلت بشكل مذهل وجرى وأدها في المهد. لقد أدت الهياكل المالية للعبة إلى منافسة غير صحية، حيث استحوذت 3 أندية فقط على المشهد الكروي، نظراً لأن ثرواتها لا تعتمد على دخلها من كرة القدم، ومن الواضح أن هيمنة هذه الأندية قد بدأت فقط وسوف تزداد بشراسة خلال السنوات المقبلة.
لقد كانت المفارقة في المشروع المقترح لإقامة دوري السوبر الأوروبي تتمثل في أن المتآمرين قد حددوا المشكلة بشكل صحيح، لكن الحل الذي توصلوا إليه لهذه المشكلة كان بائساً. والآن، قد يكون الحل الوحيد هو الانهيار المالي لهذه الرياضة! وفي هذه الأثناء، لن نفكر في هذه المشكلات الهائلة وسنكتفي بمشاهدة باريس سان جيرمان وبميسي ونيمار ومبابي وهم يتلاعبون بالمنافسين ويمتعوننا بمهاراتهم الاستثنائية. قد يكون الدوري الفرنسي الممتاز فاز، لكن الشيء المؤكد هو أن كرة القدم بأكملها قد خسرت!


مقالات ذات صلة

سلوت بعد فوز يفطر القلب على سان جيرمان: كان أفضل منا

رياضة عالمية أرنه سلوت (رويترز)

سلوت بعد فوز يفطر القلب على سان جيرمان: كان أفضل منا

أقر أرنه سلوت مدرب ليفربول بأن باريس سان جيرمان تفوق على فريقه في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم أمس الأربعاء، رغم انتصار النادي الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب أولمبيك ليون لحظة الاعتداء على الحكم ميلو (أ.ف.ب)

بعد مواجهته الحكم... رابطة الدوري الفرنسي توقف فونسيكا 9 أشهر

قالت رابطة الدوري الفرنسي للمحترفين لكرة القدم في بيان، الأربعاء، إن باولو فونسيكا، مدرب أولمبيك ليون، تم إيقافه حتى 30 نوفمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)

سلوت: ليفربول سيخوض تحدياً هائلاً أمام أحد أقوى الفرق

وصف أرني سلوت مدرب ليفربول منافسه باريس سان جيرمان بأنه أحد أقوى الفرق في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية دورتموند وليل اكتفيا بالتعادل 1/1 (أ.ف.ب)

«أبطال أوروبا»: ليل يفرض التعادل على مضيفه دورتموند

عاد ليل الفرنسي بتعادل جيد من عقر دار بوروسيا دورتموند الالماني وصيف الموسم الماضي 1-1 في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية باولو فونسيكا (أ.ف.ب)

فونسيكا يواجه «عقوبة شديدة» بعد تصرفه العنيف تجاه الحَكم

يواجه مدرب ليون، البرتغالي باولو فونسيكا، احتمال التعرض لعقوبة كبيرة، بعد أن استدعته لجنة الانضباط، التابعة لرابطة الدوري الفرنسي لكرة القدم، للحضور الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (باريس)

دوري النخبة الآسيوي: الاستقلال الإيراني يستقبل النصر السعودي 3 مارس

رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)
رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)
TT
20

دوري النخبة الآسيوي: الاستقلال الإيراني يستقبل النصر السعودي 3 مارس

رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)
رونالدو ودوران عقب مباراة النصر والأهلي الأخيرة (رويترز)

ستكون الأنظار شاخصة نحو طهران، حين يفتتح نادي النصر السعودي مشواره في دور الـ16 لدوري أبطال النخبة الآسيوي، بمواجهة الاستقلال الإيراني، في حين أكد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، اليوم (الخميس)، مواجهة شنغهاي بورت منافسه يوكوهاما مارينوس بعد تأهل الفريق الصيني إلى أدوار خروج المغلوب.

وخسر بورت صفر - 2 في مباراته الأخيرة لمنطقة الشرق أمام النادي الياباني، أمس (الأربعاء) في شنغهاي، لكنه تقدَّم في البطولة نتيجة انسحاب مواطنه شاندونغ تايشان.

وتم تأكيد تأهل شنغهاي إلى الدور المقبل بعد أن نشر الاتحاد الآسيوي الجدول الرسمي لمباريات دور الـ16.

ويحلُّ مارينوس، الذي تصدَّر ترتيب منطقة الشرق، ضيفاً على بورت ذهاباً في الرابع من مارس (آذار). ويستضيف بوريرام يونايتد التايلاندي فريق جوهور دار التعظيم الماليزي في اليوم ذاته، على أن تقام مباريات الإياب بعد أسبوع.

ويستضيف شنغهاي شينهوا فريق كاواساكي الياباني، كما يستضيف حامل لقب الدوري الياباني فيسل كوبي، فريق غوانجغو الكوري الجنوبي ذهاباً في الخامس من مارس، على أن تقام مباراة الإياب في 12 مارس.

ويتأهل الفائزون في المواجهات الـ4 إلى دور الـ8 برفقة الفرق الـ4 المتأهلة من منطقة الغرب. وستُقام نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة في جدة بالسعودية من 25 أبريل (نيسان) إلى الثالث من مايو (أيار).

وفي الجانب الآخر من القرعة، سيواجه النصر بقيادة كريستيانو رونالدو فريق الاستقلال الإيراني، في حين يلتقي السد القطري الوصل الإماراتي في 3 و10 مارس المقبل.

ويواجه الهلال، بطل آسيا 4 مرات، فريق باختاكور الأوزبكي، بينما يلعب مواطنه الأهلي السعودي مع الريان القطري يومَي 4 و11 مارس.

وانسحب شاندونغ من لقاء، أمس (الأربعاء)، مع أولسان الكوري الجنوبي؛ بسبب إجهاد شديد للاعبيه.

وبموجب لوائح البطولة، يواجه شاندونغ غرامة قدرها 50 ألف دولار على الأقل، وإيقافه عن المشاركة في مسابقات الاتحاد الآسيوي لمدة موسم واحد على الأقل.

وقد يُطلب من النادي أيضاً دفع تعويضات لتغطية الخسائر التي تكبدتها الأندية المنافسة وشركات الرعاية. ومن المقرر أن تصدر لجنة الانضباط قرارها بهذا الصدد قريباً.