صعوبات أمام إيصال المساعدات لمتضرري إعصار المحيط الهادي

مخاوف من انتشار الأمراض.. وبلوغ كل المناطق المتضررة يتطلب عدة أيام

رجل يقيّم حجم الأضرار التي لحقت بمنزله بفعل الإعصار في بورت فيلا عاصمة فانواتو أمس (إ.ب.أ)
رجل يقيّم حجم الأضرار التي لحقت بمنزله بفعل الإعصار في بورت فيلا عاصمة فانواتو أمس (إ.ب.أ)
TT

صعوبات أمام إيصال المساعدات لمتضرري إعصار المحيط الهادي

رجل يقيّم حجم الأضرار التي لحقت بمنزله بفعل الإعصار في بورت فيلا عاصمة فانواتو أمس (إ.ب.أ)
رجل يقيّم حجم الأضرار التي لحقت بمنزله بفعل الإعصار في بورت فيلا عاصمة فانواتو أمس (إ.ب.أ)

طلب رئيس فانواتو، أمس، مساعدة المجتمع الدولي بعد اكتساح إعصار «بام» المدمر لهذا الأرخبيل في جنوب المحيط الهادي؛ حيث تواجه المنظمات الإنسانية صعوبات كبرى لإغاثة السكان. وصرح بالدوين لونسديل، رئيس هذا البلد الذي يعد من أكثر الدول فقرا في العالم، وقد بدا عليه التأثر: «إننا نحتاج على الفور إلى مساعدات إنسانية، وعلى المدى الأطول نحتاج إلى مساعدة مالية ودعم للبدء بإعادة إعمار البنى التحتية. علينا إعادة بناء كل شيء».
وضرب إعصار «بام» الذي يعد من الفئة الخامسة، الأرخبيل الذي يعد 270 ألف نسمة، الجمعة الماضي، مصحوبا برياح بلغت سرعتها 320 كلم في الساعة. وصرح سائق سيارة أجرة أن المياه غمرت منزله لكنه لم يدمر: «استغرق الأمر ساعات، لم تبد له نهاية. هذا الإعصار أرعبنا، لم أر مثله في حياتي».
وسبق أن أعربت عدة دول عن استعدادها للمساعدة، بينما حطت طائرات عسكرية فرنسية وأسترالية ونيوزيلندية محملة بالأغذية في الأرخبيل. وبلغت الحصيلة الرسمية 6 قتلى وأكثر من 30 جريحًا في بورت فيلا، عاصمة الأرخبيل الذي خضع سابقا لحكم فرنسي بريطاني مشترك. لكن السلطات تخشى من ارتفاع الحصيلة لا سيما مع صعوبة تقييم حجم الأضرار والحاجات في أكثر من 80 جزيرة تشكل الأرخبيل.
وأعيدت المياه بنسبة 80 في المائة، لكن الكهرباء ما زالت مقطوعة في كثير من الأحياء. وأعلنت حالة الطوارئ، أول من أمس، في جميع أنحاء البلاد، بينما فرض منع للتجول اعتبارا من الساعة السادسة مساء لتجنب أعمال النهب. وأفادت الوكالات الدولية عن عدم وجود أي وسيلة لتوزيع الأغذية في الجزر الأبعد، مؤكدة أن الوصول إلى كل بلدة دمرها الإعصار بالكامل سيستغرق أياما بينما تخشى انتشار الأمراض. وصرح مدير منظمة «أوكسفام» في فانواتو، كولن كوليت، أنه ينبغي إجراء تقييم فوري للحاجات إلى مياه الشرب والمراحيض المحمولة وأقراص تنقية المياه. وصرح: «المسألة الطارئة الأولى كانت الإعصار، والثانية هي الأمراض في حال نقص مياه الشرب والظروف الصحية. يرجح أن نحو مائة ألف شخص باتوا بلا مأوى بينما دمرت المدارس واكتظت مراكز الاستقبال وتضررت العيادات والمشارح».



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».