الحكومة الليبية تبحث تشكيل لجنة ترسيم الحدود

سياسيون تساءلوا عن الدوافع ورأوا أن الأمر سابق لأوانه

TT

الحكومة الليبية تبحث تشكيل لجنة ترسيم الحدود

أعاد الاجتماع الذي عقده وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية»، اللواء خالد مازن، لمناقشة إعادة تشكيل لجنة ترسيم الحدود البرية والبحرية لجميع الجهات ذات العلاقة، مخاوف عديدة في الأوساط السياسية الليبية، وسط تساؤلات عن أسباب فتح هذا الملف «البالغ الحساسية» في التوقيت التي تعاني فيه البلاد ارتباكاً.
وقال عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، إن فتح الحديث حول قضية ترسيم الحدود يحتاج إلى حكومة تتمتع بدعم شعبي وبرلماني واسع وهو أمر غير متحقق حالياً للحكومة الحالية، التي لا يزال البرلمان يرفض إقرار ميزانيتها، في ظل ما أراه تراجعاً في شعبيتها وفقدها الكثير من الزخم الشعبي لعدم حل الكثير من الأزمات مثل الكهرباء.
وأضاف الزرقاء متسائلاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يعرف أن مناقشات ترسيم الحدود بشكل عام في أي دولة قد يستغرق سنوات، فلماذا إذن يتم إثارة هذا الملف من قريب أو بعيد والحكومة الراهنة ستنتهي فترة عملها بحلول موعد الانتخابات في ٢٤ ديسمبر (كانون الأول) المقبل، متابعاً: «أساساً الحكومة الحالية ليس لها سيطرة على منطقة شرق البلاد أو جنوبها فكيف سيناقش ترسيم الحدود هناك؟» واستكمل: «مساحة السيطرة الظاهرية لحكومة عبد الحميد الدبيبة، تنحصر في المنطقة الغربية، كون أن التشكيلات العسكرية هي المسيطر الحقيقي هناك».
وطبقا لتفاصيل الاجتماع الذي أشارت إليه وزارة الداخلية، فقد جرت مناقشة «إعادة تشكيل اللجنة لجميع الجهات ذات العلاقة» مع الإشارة لتأكيد مازن على أن الأمر يعتبر «من خصوصية الأمن القومي الليبي»، والتي تعد الداخلية الليبية خط الدفاع الثاني له، بحسب قوله.
وحذر الزرقاء من أن «أي مساس بهذه القضية راهناً قد يؤدي لتضرر الأمن القومي»، موضحا «نحتاج دعم الجميع لإنجاح العملية السياسية وإجراء الانتخابات في موعدها، وليس إلى إثارة القلق والتوتر حول قضايا ترسيم الحدود البرية والبحرية»، متسائلاً: «لماذا نعطي البعض ذريعة ليزيد من تدخله في شؤون بلادنا بدافع التخوف أو الحفاظ على مصالحه؟» ولماذا «لا ننتظر حتى يكون لدينا برلمان ورئيس منتخب؟».
ورأى الزرقاء أن الهدف من إثارة هذه القضية حاليا هو «إلهاء الشارع الليبي بأي قضية لتقليل حدة انزعاجه إذا ما تم تأجيل موعد الانتخابات وهو ما يعني تمديد عمر هذه الحكومة».
في مقابل ذلك، ذهب المحلل السياسي السنوسي إسماعيل الشريف، إلى أن الاجتماع الذي عقده وزير الداخلية مع اللجنة الوطنية للحدود، والحديث عن إعادة تشكيلها «ليس له أي مغزى سياسي، وإنما مجرد إجراء روتيني لمراجعة هيكلتها»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن هناك مشاكل فيما يخص الحدود الليبية البرية، فهي مستقرة منذ زمن ولا توجد أزمات، ربما كانت المشكلة الوحيدة التي حدثت كانت بين ليبيا وتشاد حول شريط أوزو الحدودي،  وهذه حُلت في نهاية المطاف عبر محكمة العدل الدولية عام 1994». وتابع: «أما ملف ترسيم الحدود بين ليبيا والجزائر فهو بالأساس يتعلق بخلافات بين المستعمرين الإيطالي والفرنسي، والملف مغلق ولا تتم إثارته، كما تم ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتونس ومالطا عبر محكمة العدل أيضا، ولا توجد حدود غير مرسّمة إلا المشترك بيننا وبين كل من إيطاليا واليونان».
ورغم اتفاقه مع الرأي السابق بوجود محاولات من قبل حكومة «الوحدة الوطنية» لتمديد عمرها، فإن الشريف يتوقع أن يكون ذلك عبر التدخل في قضايا أخرى بعيداً عن ترسيم الحدود، ورأى أن حكومة الوحدة الوطنية «تحاول عبر كتلة موالية لها من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي الدفع باتجاه إقرار قاعدة دستورية وإجراء الانتخابات التشريعية وتأجيل الرئاسية وهو ما يعني استمرارها بالسلطة».
وقال الشريف إن «الدبيبة يمهد لذلك عبر محاولات مستميتة لجذب الشارع وشريحة الشباب تحديدا بالتعهدات بتزويج الشباب والتعهد بحل مشكلة الكهرباء، وربما يكون ذلك أيضا جزءا من محاولات ترشيح نفسه إذا ما عجز عن تأجيل الانتخابات».
أما الكاتب الليبي رئيس تحرير جريدة وموقع «الوسط» بشير زعبية، فتساءل عن توقيت فتح هذا الملف الذي «لا علاقة له بأولويات الحكومة الحالية، ولا هو محور اهتمام الرأي العام الليبي». وتساءل أيضاً عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، حول إذا ما كان هناك «ضغط من طرف دولي وراء هذه الخطوة؟» كما تساءل عن سر صمت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، إزاء هذا الأمر كون ذلك اختصاصا أصيلا لوزارتها».
ورحج المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، أن تكون «الضغوط التركية لإتمام إحكام السيطرة على ما تدعيه من حدود بحرية مشتركة مع ليبيا، الدافع الحقيقي من وراء اجتماع وزير الداخلية»، لافتاً إلى تزامن فتح هذا الملف مع زيارة الدبيبة الأخيرة إلى تركيا. وقال المرعاش: «ربما طُلب من الدبيبة الإسراع في تنفيذ مذكرة التفاهم البحرية التي وقعها فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي السابق،  نهاية عام 2019.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.