رسالة رئيس الجمهورية «ضلّت طريقها» إلى البرلمان

مصدر نيابي يؤكد أن مجلس النواب لن يغطي المس بالاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان

TT
20

رسالة رئيس الجمهورية «ضلّت طريقها» إلى البرلمان

فيما يتدحرج الوضع في لبنان نحو الأسوأ، تأتي المجزرة التي ضربت بلدة التليل العكارية، وهي ثاني أكبر مجزرة حلت به بعد الزلزال الذي هزّ بيروت من جراء انفجار المرفأ، لتؤكد أن المنظومة الحاكمة تغرق في غيبوبة قاتلة أفقدتها القدرة على منع انهياره الذي ينذر باقترابه من الانفجار الشامل، من دون أن تأبه للتقارير الواردة إليها من قادة المؤسسات العسكرية والأمنية التي تحذّر من تفلّت الوضع، ما لم يتم الإفراج عن تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد لأنه لا يمكن الاستعاضة عن الحلول السياسية بحلول أمنية؛ خصوصاً أن ارتفاع منسوب التأزُّم قد يفقدها السيطرة على الوضع وتكون مضطرة للالتفات إلى القوى الأمنية للحفاظ على تماسكها وانضباطها.
وبرغم أن تقارير قادة هذه المؤسسات تصل تباعاً إلى أركان المنظومة الحاكمة، وأحياناً يومياً، فإنهم لا يحركون ساكناً ويكتفون بدعوة المجلس الأعلى للدفاع للاجتماع من حين لآخر، من دون أن يتمكن من السيطرة على الوضع وقطع الطريق على إغراق البلد في مسلسل من الفوضى غير المسبوقة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية غربية أن معظم السفراء يحثُّون رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي على ضرورة الخروج من لعبة كسب الوقت ويلحّون عليه بوقف رمي مسؤولية التعطيل على الآخرين. وسأل هؤلاء السفراء كيف أن عون يوفّق بين حديثه عن الأجواء الإيجابية التي تسود مشاورات تأليف الحكومة مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وبين إصراره على استحضار مادة خلافية بدعوته مجلس الوزراء للاجتماع لاتخاذ ما يلزم من قرارات «تأديبية» ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على خلفية امتناعه عن استخدام ما تبقى من الاحتياطي لدى مصرف لبنان لتغطية المضي في سياسة الدعم.
وفي هذا السياق، كشف مصدر نيابي بارز أن رئاسة المجلس النيابي فوجئت بتسريب «المطبخ السياسي» في رئاسة الجمهورية لمعلومة فحواها أن عون بعث برسالة إلى الرئيس نبيه بري، مع أنه لم يتسلّمها، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن لا علم للأخير بهذه الرسالة التي ضلت طريقها إلى رئاسة المجلس في عين التينة أو في ساحة النجمة.
ولفت إلى أنه لا مبرر لهذه الرسالة «الضائعة» طالما أن الرئيس عون تحدث عن تفاؤله بتشكيل الحكومة في غضون أيام معدودة، وقال إن من يبدي تفاؤله حيال لقاءاته مع الرئيس ميقاتي ليس في حاجة إلى تسطير مثل هذه الرسالة التي إن وصلت، فإن البرلمان سيجتمع بعد أسبوع من تاريخ وصولها للنظر فيها؛ خصوصاً أن التوقّعات من وجهة نظره تشير إلى أن تشكيل الحكومة دخل الآن في مرحلة الحسم.
وأكد المصدر النيابي أن عون يخطئ إذا كان يعتقد أن البرلمان سيستجيب لما تعذّر عليه انتزاعه من مجلس الوزراء بعد إصرار دياب على عدم دعوته للانعقاد، وقال إذا كان عون يظن أن البرلمان سيبيح له استخدام ما تبقى من احتياطي لدى مصرف لبنان يعود في الأساس إلى أموال المودعين في المصارف فإن رهانه ليس في محله وسيكون النواب له بالمرصاد؛ خصوصاً أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل كان أول من اعترض على استخدام الاحتياطي هذا قبل أن يقرر فتح النار على سلامة ويتناغم معه عون في حملته عليه.
ورأى أنه من غير الجائز أن يوافق البرلمان على تشريع يراد منه المس بأموال المودعين لأنه يتعارض مع الدستور، وبالتالي من الأفضل لعون الانصراف لتشكيل الحكومة لاختبار نياته ومدى جدّيته بالتعاون مع الرئيس المكلف لتسريع تأليفها؛ خصوصاً أن هناك من يحدد يوم غد (الثلاثاء) لولادتها.
وقيل للمصدر النيابي إن معظم المعنيين بملف تشكيل الحكومة يبدون تفاؤلهم، فأجاب بأنهم يبنون تفاؤلهم على تفاؤل ميقاتي وأن لا علاقة لهم بتفاؤل عون بعد أن انقلب على تفاؤله بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد بدلاً من أن يمضي بمشاوراته للوصول بتشكيل الحكومة إلى بر الأمان، هذا إذا ما قرر باسيل أن يطلق الضوء الأخضر لتسهيل تأليفها.
وتوقف المصدر أمام محاولة عون للتفلُّت من التزاماته والانقلاب على تفاؤله من خلال المعلومات التي سرّبها المطبخ السياسي الذي يديره باسيل، وفيها أن الأجواء ما زالت إيجابية بين الرئيسين وأن عون فوجئ بالشروط التعجيزية الموضوعة من الفريق الأخير من دون أن يحدد من يقصدهم بوضع هذه الشروط.
ويبقى السؤال؛ هل لا يزال ميقاتي على تفاؤله الحذر ومدى استعداد عون للمضي في مشاوراته بعيداً عن رفع الشروط، أم أنه يناور إيجابياً لاتهام خصومه بتأخير تشكيلها لعله يلتف على الضغوط الدولية التي تستهدفه وتحمّله وصهره باسيل مسؤولية نسف الجهود الرامية إلى إخراج تأليفها من التأزُّم الذي يحاصرها؟
فالرئيس عون - كما يقول خصومه - لم يعد يهمه سوى تأمين استمرارية إرثه السياسي بتعويم باسيل حتى لو اضطر للتموضع مجدداً في نفس الموقع الذي شغله قبل 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990 واضطر بعد هذا التاريخ للجوء إلى السفارة الفرنسية تحت ضغط العملية العسكرية التي نفّذتها القوات السورية في حينه، واضطر لإخلاء القصر الجمهوري في بعبدا.



العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
TT
20

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه إلى شراكة أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وذلك بعد أيام من دخول تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية أجنبية» حيز التنفيذ وفرض عقوبات أميركية جديدة على 7 من كبار قادتها، في مقدمهم المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام.

وذكر الإعلام الرسمي أن اللقاء، الذي حضره عضو المجلس القيادي الرئاسي عثمان مجلي، بحث العلاقات اليمنية - الأميركية وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد الحاجة الملحة إلى نهج عالمي جماعي لدعم الحكومة في بلاده لمواجهة التحديات الاقتصادية، والخدمية، والإنسانية، وتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتأمين مياهها الإقليمية، بصفتها شريكاً وثيقاً لحماية الأمن والسلم الدوليين.

العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)
العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

وتطرق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدات الوضع اليمني، ووجهات النظر إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي المقدمة «خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

وأشاد رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال اللقاء، بـ«العلاقات الثنائية المتميزة بالولايات المتحدة، وتدخلات واشنطن الإنسانية والإنمائية، ودورها المشهود في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين».

شراكة أوسع

وطبقاً للمصادر الرسمية اليمنية، فقد أعرب العليمي عن تطلعه إلى شراكة ثنائية أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات، وردع التهديدات المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

ومع التنويه بقرار الإدارة الأميركية إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، جدد العليمي الالتزام اليمني بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتنفيذ القرار، والحد من تداعياته الإنسانية المحتملة على الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعاد منذ الأيام الأولى من رئاسته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل أيام بالتوازي مع فرض عقوبات على 7 من قادة الجماعة.

ومن غير المعروف حتى الآن حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له الحوثيون جراء هذا التصنيف، خصوصاً في ظل الدعوات الأممية إلى عدم تعريض المدنيين والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لأي أضرار، فضلاً عن عدم التأثير على العمل الإنساني الذي تقوده الوكالات الأممية.

ودائماً ما يقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الوسيلة المثلى لمواجهة الحوثيين وتأمين المياه اليمنية، هي دعم القوات الحكومية الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة الحديدة وموانئها.

مخاوف أممية

في ظل عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لم يُخفِ الأخير، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب، خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة المدعومة من إيران بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وحذر المبعوث من الإجراءات التصعيدية، وقال: «شهدنا تصاعداً في الخطاب من أطراف الصراع، وهيّأوا أنفسهم علناً للمواجهة العسكرية. ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك. الكلمات مهمة. النية مهمة. الإشارات مهمة. يمكن أن تكون للرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي عواقب حقيقية؛ مما يعمق انعدام الثقة ويغذي التوترات في وقت يكون فيه خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية».

وعبر غروندبرغ عن قلقه إزاء القصف، والهجمات بالطائرات من دون طيار، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة، التي حدثت مؤخراً في مأرب، وكذلك في مناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز. في إشارة إلى تصعيد الحوثيين.

وقال المبعوث: «أكرر دعوتي الطرفين إلى الامتناع عن المواقف العسكرية والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإغراق اليمن مرة أخرى في صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى».