انقسام مناطقي وطائفي عراقي حول «مظاهرات الأنبار»

جماعات «تشرين» نأت بنفسها عن التحرك

جانب من احتجاجات عراقيين في الرمادي ودعواتهم لاطلاق سراح المعتقلين (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات عراقيين في الرمادي ودعواتهم لاطلاق سراح المعتقلين (أ.ف.ب)
TT

انقسام مناطقي وطائفي عراقي حول «مظاهرات الأنبار»

جانب من احتجاجات عراقيين في الرمادي ودعواتهم لاطلاق سراح المعتقلين (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات عراقيين في الرمادي ودعواتهم لاطلاق سراح المعتقلين (أ.ف.ب)

بدا جلياً، خلال اليومين الأخيرين، أن التحرك الذي قاده الناشط ضرغام ماجد الذي يتحدر من محافظة بابل للتظاهر، أول من أمس، في محافظة الأنبار، معقل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أحدث انقساماً هائلاً، لا على مستوى الجماعات المحسوبة على حراك «تشرين» وحسب، إنما على مستويات مناطقية وطائفية وسياسية أكثر خطورة.
فالخطوة التي بدت طبيعية بالنسبة للمتحمسين للتظاهر من أبناء الوسط والجنوب بـ«اعتبار أن بلادهم كلها ساحة للتظاهر»، وضمنها محافظة الأنبار، نظر إليها الرافضون من زاوية أخرى ليس أقلها «إثارة الفتنة والنعرات الطائفية والمناطقية».
«تظاهرات الأنبار» التي لم يُكتب لها النجاح لمنع دخول المتظاهرين عند سيطرة «الصقور» الأمنية في مدخل المحافظة الجنوبي، أثارت وتثير كثيراً من اللغط والتعليقات المناهضة والمؤيدة والنظر إليها من زوايا غاية في التعقيد والحدة تبعاً للسياق والمصلحة التي انطلق منها المفسرون. ولعل من البديهي القول إن التظاهرات لو خُطّط لها الخروج في محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الأغلبية الشيعية لما أثارت كل هذا الجدل، باعتبار أن تلك المحافظات كانت المعقل الرئيسي لاحتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019. أما مع محاولة خروجها في محافظة الأنبار غرب البلاد ذات الأغلبية السنية، التي لم تلتحق فيما سبق بمظاهرات «تشرين»، فالأمر مدعاة لإثارة أكثر من علامة استفهام وتساؤل.
الأوساط القريبة من أجواء المتظاهرين تؤكد أن ما دفعهم لذلك، حديث كان قد أدلى به رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في جلسة للبرلمان، الشهر الماضي، انتقد ضمناً عمليات الحرق التي قام بها بعض المتظاهرين في مدن الجنوب، وتساءل عن مغزى التعامل بازدواجية مع أبناء المناطق السنية ونظرائهم في المناطق الشيعية، حيث قال الحلبوسي: «لماذا يحاسب ابن المحافظات السنية إن قام بإحراق بعض البنايات، بحيث تتحرك أجهزة الدولة لاعتقاله، فيما لا تعتقل غيره (في إشارة إلى المتظاهرين الشيعة)، لماذا يحكم هذا (السني) وفق المادة 4 إرهاب، ولا يقال لهذا (الشيعي) ليس على عينك حاجب؟!».
وتقول تلك الأوساط إن التحرك الجديد أراد إثبات أن المتظاهرين في الوسط والجنوب يتحركون في طوال ومناطق البلاد وعرضها، ويمكن أن يقدموا المساعدة لنظرائهم من أبناء الأنبار في حال أرادوا التظاهر ضد الفساد ونقص الخدمات وغير من المطالب التي يجمع عليها معظم المواطنين في العراق.
أما الأوساط الرافضة، التي تمثلها الاتجاهات القريبة من تحالف «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي وبقية الأطراف المستفيدة من أوضاع محافظة الأنبار القائمة، فترى في «المظاهرات العابرة للحدود» محاولة لإثارة الفتنة، التي سبق أن أثيرت في الأعوام 2013 - 2014 في المحافظة، وأدت إلى الصعود المدوي لتنظيم «داعش» وسيطرته على الأنبار ومحافظات أخرى، كما تلمح وأحياناً تصرح إلى الأيادي الخفية لخصومهم في تحالف «العزم» بزعامة خميس الخنجر وعضوية «الحزب الإسلامي»، لإرباك أوضاع المحافظة، وضعضعة حظوظ تحالف «تقدم»، في معقله الرئيسي بمحافظة الأنبار في الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
والى جانب الأطراف المؤيدة والمناهضة لفكرة المظاهرات في الأنبار، يلح طرف ثالث بالسؤال عن مغزى حرمان مواطني ثلاثة محافظات رئيسية هي: الأنبار وصلاح الدين ونينوى (ذات الأغلبية السكانية السنية) من حقهم الدستوري في التظاهر شأن بقية محافظات وسط وجنوب البلاد (ذات الأغلبية الشيعية)، حتى تبدو صورة البلاد اليوم وكأن حق التظاهر الدستوري مكفول لمكون دون غيره. وغالباً ما تأتي الإجابة التقليدية على ذلك بذريعة أن احتجاجات عام 2013 في المحافظات السنية أدت إلى صعود «داعش»، غير أن كثيراً من المراقبين المحليين يدركون أن الأمر يتعدى حدود هذا الزعم، ويرون أن «القوى السياسية السنيّة النافذة في تلك المناطق تستخدم ذريعة (داعش) لقمع أي نشاط احتجاجي أو معارض هناك، يدعمها ويشد أزرها في ذلك القوى والفصائل المسلحة الشيعية النافذة في تلك المحافظات التي تناهض أصلاً احتجاجات وسط وجنوب البلاد»، ما يوحي بأن قمع مظاهرات المحافظات الغربية يصب في مصلحة الشخصيات والقوى السنية هناك، ووفر لها أرضية مثالية للتملص من إخفاقاتها وعدم محاسبتها شعبياً على الفساد والتجاوزات التي ترتكبها.
بدورها، نأت غالبية الاتجاهات التشرينية بنفسها من مظاهرات الأنبار، ورأت فيها تحركاً «غير مدروس أو مناسب ويسيء لسمعة المتظاهرين». واتهمت بعض الاتجاهات الناشط ضرغام ماجد الذي قاد التحرك، بالتورط في صراعات حزبية لأهداف انتخابية بين قوى السلطة، حتى وإن لم يدرك ذلك. وثمة من رأى أنه «لا يمثل (تشرين) بالنظر لاتجاهه شديد التأثر بالممارسات الدينية والمذهبية، خلافاً لمعظم توجهات (تشرين) المدينة والعلمانية».
وفي خضم التعليقات والجدل حول ما حدث، برزت وجهة نظر المنصات المرتبطة بالقوى والفصائل الموالية لإيران، التي كانت مناهضة لحراك «تشرين»، من بين أبرز الاتجاهات «المؤيدة والمنتقدة والساخرة» في الوقت ذاته بالنسبة للموقف من محاولة التظاهر في الأنبار؛ فالتأييد كان بهدف إحراج الأحزاب والزعامات السنية التي لم تتأثر بموجة الاحتجاجات التشرينية، مثلما حدث مع القوى والأحزاب والفصائل الشيعية التي أحرقت كثيراً من مقارها في وسط وجنوب البلاد، أما الانتقاد فقد وجهته جماعات إيران إلى جماعات الحراك التي عارضت مظاهرات الأنبار، فيما كانت وما زالت تدعم مظاهرات الوسط والجنوب، وانصبّت السخرية على عدم قدرة المتظاهرين على دخول الأنبار، فيما تمكنوا في أوقات سابقة من التجوال والتظاهر في الجنوب.
زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر المناهض لحراك «تشرين»، وجه انتقادات شديدة لمحاولة التظاهر في الأنبار، وكتب عبر تغريدة في «تويتر» أن «محاولة التظاهر في الأنبار من بعض الجهال إنما هي محاولة لإثارة الفتنة الطائفية ليتغذى عليها بعض الساسة الفاسدين».
وكتب عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان النائب السني ظافر العاني في «تويتر»: «الشباب القادمون من بابل للتظاهر في الأنبار ليتكم تتظاهرون داخل جرف الصخر من أجل معرفة مصير مغيبي الأنبار، ولإعادة إخوانكم مهجرين الجرف وهم أبناء محافظتكم، أم أن هذا الموضوع ليس من اختصاصكم؟».



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».