صحافيون بدمشق ينتقدون وصف قناة رسمية السوريين في تركيا بـ«مرتزقة إردوغان»

TT

صحافيون بدمشق ينتقدون وصف قناة رسمية السوريين في تركيا بـ«مرتزقة إردوغان»

أثار وصف قناة «الإخبارية» السورية الرسمية لسوريين تعرضوا للضرب في أنقرة بأنهم «مرتزقة إردوغان» انتقاداً حاداً من جهات مختلفة، بما فيها موالون للنظام وإعلاميون رسميون.
وناشد صحافيون رسميون وزير الإعلام الجديد بطرس الحلاق محاسبة المسؤولين في القناة على وصف السوريين في تركيا بهذه الطريقة. وكتب رئيس تحرير صحيفة «الوطن»، وضاح عبد ربه، في صفحته في «فيسبوك»: «أستنكر وصف أي سوري خارج سوريا بـ(المرتزقة)، وأدعو السيد وزير الإعلام الدكتور بطرس حلاق لمحاسبة كل مسؤول عما نشر على قناة (الإخبارية) السورية، ودون تأخير».
ومن جهته، قال الصحافي صدام حسين، المقيم في بيروت، في موقع «تويتر»: «المطلوب إجراء تحقيق بالخبر السقطة الذي بثته (الإخبارية) السورية، والذي وصف ملايين السوريين بالمرتزقة، وإقالة المرتزق الذي كتبه، إلا إذا كان خطاب الدولة يصف 7 ملايين لاجئ حول العالم، بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، بالمرتزقة!».
وأضاف: «إذن، لا تسموه مؤتمر عودة اللاجئين؛ سموه مؤتمر عودة المرتزقة»، في إشارة إلى المؤتمر الذي رعته روسيا في دمشق من أجل عودة السوريين من الخارج.
ومن جهته، كتب مضر إبراهيم، مدير «الإخبارية»، أن «وصف السوريين الذين تعرضوا لاعتداء مؤخراً في تركيا بالمرتزقة» من صياغته وتحريره، وهو مسؤول عنه شخصياً، واضعاً نفسه «تحت تصرف وزير الإعلام».
وأوقفت الشرطة التركية أكثر من 70 شخصاً تشتبه في علاقتهم باعتداءات ذات دوافع معادية للأجانب استهدفت متاجر ومساكن يشغلها سوريون في أنقرة، وذلك غداة سلسلة من التوقيفات في القضية نفسها.
وقالت الشرطة، في بيان، إن «72 شخصاً إضافيين لوحقوا لمشاركتهم في مواقع التواصل الاجتماعي مضامين تبتغي الاستفزاز، أو لارتكابهم أفعالاً أخرى». وصار عدد الموقوفين 148 شخصاً في إطار التحقيق في الاعتداءات.
وكان عشرات قد اعتدوا مساء الأربعاء على متاجر وسيارات ومسكن واحد على الأقل لسوريين في حي التندا في أنقرة. وأظهر مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل مجموعة من الرجال وهم ينزعون الستارة المعدنية لمتجر، قبل تحطيم واجهته والشروع في أعمال نهب. وتعكس صور حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية مدى العنف الذي أججته الحوادث. ويظهر في واحدة منها شاب يحطم نافذة شقة أرضية لمبنى سكني.
وأعلن الهلال الأحمر التركي أن طفلاً سورياً نقل إلى المشفى للعلاج على أثر إصابته بحجر رمي باتجاه مسكن عائلته.
ووقعت الحوادث بعد مقتل شاب تركي طعناً الثلاثاء، في أثناء مشاجرة بين مجموعتين، وقال مدونون ووسائل إعلام إن الجاني سوري الجنسية.
وكشفت وكالة أنباء الأناضول الرسمية توقيف شخصين أجنبيين متهمين بـ«القتل العمد»، ولكن من دون تحديد الجنسية.
وسبق أن شهدت تركيا التي يسكنها نحو 4 ملايين لاجئ سوري حوادث مشابهة في السنوات الأخيرة، وغالباً ما تؤججها الشائعات على مواقع التواصل.
ويأتي هذا التوتر في العاصمة التركية بينما تظهر استطلاعات الرأي تنامي المشاعر المعادية للاجئين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية الخشية من مواجهة موجة جديدة من المهاجرين الفارين من أفغانستان، على وقع تقدم حركة طالبان السريع.
وعلى صعيد آخر، تداول ناشطون سوريون تسجيلاً مصوراً يظهر سيدة عرفت نفسها خلال مقطع الفيديو بأنها مذيعة في مناطق الحكومة بدمشق، وتحدثت عن الوضع المعيشي المتدهور وزيادة جنون الأسعار دون رقابة وأي إجراءات حكومية، كما توقعت اعتقالها بعد الانتقادات التي صدرت عنها.
وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أزمات متلاحقة في مختلف المواد الغذائية الأساسية «لا سيما مادة الخبز»، والمشتقات النفطية، حيث غلب مشهد طوابير المنتظرين للحصول على حصتهم المقننة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.