واشنطن توفد مبعوثاً إلى إثيوبيا لإنهاء القتال في تيغراي

آبي أحمد رفض لقاء مسؤولة بارزة في إدارة بايدن

مؤيدون لحكومة آبي يرفعون لافتة عليها صورة رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور تقول «كفي يدك عن إثيوبيا» (أ.ف.ب)
مؤيدون لحكومة آبي يرفعون لافتة عليها صورة رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور تقول «كفي يدك عن إثيوبيا» (أ.ف.ب)
TT

واشنطن توفد مبعوثاً إلى إثيوبيا لإنهاء القتال في تيغراي

مؤيدون لحكومة آبي يرفعون لافتة عليها صورة رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور تقول «كفي يدك عن إثيوبيا» (أ.ف.ب)
مؤيدون لحكومة آبي يرفعون لافتة عليها صورة رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور تقول «كفي يدك عن إثيوبيا» (أ.ف.ب)

أعلنت واشنطن، أنها ستوفد مبعوثاً إلى إثيوبيا هذا الأسبوع للمطالبة بإنهاء القتال في منطقة تيغراي، حيث يتصاعد الخوف من كارثة إنسانية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن جيفري فيلتمان، الدبلوماسي المخضرم والمبعوث الأميركي إلى القرن الأفريقي، سيزور إثيوبيا في الفترة ما بين 15 و24 أغسطس (آب). وكان قد رفض رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الأسبوع الماضي طلباً للاجتماع وجهاً لوجه مع مسؤولة بارزة في الإدارة الأميركية مع تفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم المضطرب؛ مما شكّل صدمة لجهود الولايات المتحدة الرامية إلى تهدئة الصراع الذي ينذر بانتشار المجاعة وزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي الواسعة. وكانت رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد) سامانثا باور تسعى من وراء اجتماعها برئيس الوزراء آبي إلى زيادة وصول عمال الإغاثة إلى تيغراي.
وعند سؤاله عما إذا كان آبي أحمد رفض طلبات عقد الاجتماع مع السيدة باور، قال متحدث باسم وكالة التنمية الدولية الأميركية لمجلة «فورين بوليسي»، كانت مديرة الوكالة تأمل في الاجتماع برئيس الوزراء الإثيوبي أثناء زيارتها، ولكن كما ذكرت في مؤتمرها الصحافي في 4 أغسطس، فإن رئيس الوزراء لم يكن موجوداً في العاصمة يوم زيارتها، وهي تأمل أن تتاح لها الفرصة للقائه قريباً».
بدأت المعارك في نوفمبر (تشرين الثاني) بعدما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش الفيدرالي إلى تيغراي للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم في الإقليم والذي هيمن على الساحة السياسية الوطنية على مدى ثلاثة عقود قبل تسلّم آبي السلطة في 2018. وبحسب آبي الحائز جائزة نوبل للسلام عام 2019، فإن هذه العملية جاءت رداً على هجمات نفّذتها الجبهة ضد معسكرات للجيش. وبعدما أعلن آبي النصر في نهاية نوفمبر بعد السيطرة على عاصمة الإقليم ميكيلي، اتّخذت الحرب منعطفاً مفاجئاً في يونيو (حزيران) عندما استعادت قوات موالية لجبهة تحرير شعب تيغراي ميكيلي وانسحب منه القسم الأكبر من القوات الإثيوبية. وبعد إعلان آبي وقفاً أحادياً لإطلاق النار برره رسمياً باعتبارات إنسانية، وانسحاب الجنود الإثيوبيين، واصلت جبهة تحرير شعب تيغراي هجومها شرقاً باتّجاه عفر وجنوباً باتّجاه أمهرة.
والأسبوع الماضي سيطرت على مدينة لاليبيلا وهي منطقة في أمهرة تضم كنائس مصنفة من التراث العالمي من قبل اليونيسكو.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان، إن الرئيس الأميركي جو بايدن دعا فيلتمان إلى العودة إلى إثيوبيا في «مرحلة حرجة». وأعرب ساليفان عن أسفه على «تويتر» لأن «أشهراً من الحرب قد تسببت في معاناة وانقسام هائلين في أمة عظيمة»، معتبراً أن ذلك «لن يُعالَج من خلال مزيد من القتال»، داعياً جميع الأطراف إلى المجيء «بشكل عاجل» إلى طاولة المفاوضات.
وخلال زيارتها إلى أديس أبابا في أوائل أغسطس دعت مديرة الوكالة الأميركية لمساعدات التنمية، سامانثا باور، متمردي تيغراي إلى الانسحاب «الفوري» من مناطق عدة، وأبدت انزعاجها من أزمة المساعدات الإنسانية الحاصلة. وأسفت المسؤولة الأميركية لأن 10 في المائة فقط من المساعدات الإنسانية وصلت حتى الآن إلى تيغراي، حيث تهدد المجاعة مئات آلاف من المدنيين.
وسُئلت في مؤتمر صحافي عن سبب عدم لقائها برئيس الوزراء الإثيوبي، قالت «لم يكن متواجداً في العاصمة يوم زيارتي هناك». من وراء الكواليس، قال العديد من المسؤولين الأميركيين المطلعين على مجريات الأمور، إن مكتب آبي أحمد لم يستجب للطلبات الأميركية بالاجتماع مع باور؛ الأمر الذي يؤكد على العلاقة المتوترة بصفة متزايد بين واشنطن وأديس أبابا. وقال العديد من المسؤولين الأميركيين في واشنطن، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، لمجلة «فورين بوليسي»، إنهم يخشون أن تحمل ظروف الصراع في تيغراي علامات الإنذار المبكر من التطهير العرقي وربما الإبادة الجماعية، ما لم تجد جميع الأطراف المتحاربة وسيلة للتخفيف من حدة التوترات.
وقالوا أيضاً، إن العلاقات بين الولايات المتحدة وإثيوبيا تزداد سوءاً مع استمرار الصراع، مما يترك إدارة بايدن أقل نفوذاً في الضغط على حكومة آبي لإنهاء الصراع في الوقت الذي تنظر في فرض عقوبات جديدة واتخاذ إجراءات عقابية أخرى على المسؤولين والقادة المتورطين في الحرب.
وتتلقى إثيوبيا، التي كانت واشنطن تعتبرها ذات يوم مرساة للاستقرار في شرق أفريقيا، مبالغ هائلة من المساعدات الحكومية الأميركية، بما في ذلك ما يقرب من مليار دولار من التمويل الذي أشرفت عليه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في عام 2020.
وجاءت زيارة باور، والاجتماعات مع كبار المسؤولين الإثيوبيين الآخرين، على خلفية التقارير الناشئة عن ارتكاب مزيد من الفظائع ضد المدنيين في نزاع تيغراي. وأصدرت منظمة العفو الدولية هذا الأسبوع تقريراً اتهمت فيه القوات المتحالفة مع الحكومة الإثيوبية باستخدام العنف الجنسي على نطاق واسع ضد النساء والفتيات في تيغراي. كما ظهرت تقارير عن قيام قوات متحالفة مع جبهة تحرير شعب تيغراي المعارضة بقتل مئات الأشخاص، بينهم أكثر من 100 طفل، في مخيم للنازحين داخلياً في منطقة عفار بإثيوبيا - على الرغم من أن هذه التقارير لم يتم تأكيدها بشكل مستقل من قبل المراقبين الدوليين.
كما أعربت باور عن مخاوفها بشأن «الخطاب غير الإنساني» الذي يحيط بمجريات الصراع، والذي قد يشعل النيران لارتكاب المزيد من الفظائع أو استهداف عمال الإغاثة. وقالت باور «لقد شهدنا هجمات مروعة ضد عمال الإغاثة الذين لا يفعلون شيئاً أكثر من محاولة توفير الغذاء وغيره من أشكال المساعدة للأشخاص الذين هم في حاجة ماسة إليها. إنه خطاب مجرد من معاني الإنسانية. ولا يعمل إلا على ترسيخ التوترات، ومن المؤكد تاريخياً أنه كثيراً ما يصاحب الفظائع ذات الدوافع العرقية».
وقال كاميرون هدسون، وهو زميل كبير في مركز أفريقيا التابع للمجلس الأطلسي، والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية الأميركية، إن التصعيد في الخطاب والدعاية عبر الإنترنت قد أججت نيران التوترات العرقية، وجعل من الصعب على أي من الجانبين اللجوء إلى طاولة المفاوضات لتجنب المزيد من الصراع. وأضاف «إن كلا الجانبين يؤطر لما يحدث من زاوية وجودية، وهو ما لا يترك لأي من الجانبين أي مجال للتفاوض أو مناقشة آفاق السلام. ويقرأ معظم الناس بيان آبي أحمد كإعلان شامل للحرب». واتهمت الحكومة الإثيوبية قوات تيغراي بأنها وراء الأزمة الإنسانية.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي في بيان صدر يوم الثلاثاء «لقد جعلوها وظيفة بدوام كامل لتخريب جهود إعادة الإعمار من خلال تعطيل توزيع المساعدات الإنسانية، واستئناف إصلاح البنية التحتية، وتدمير المرافق الصحية والتعليمية، وقتل أعضاء الإدارة المؤقتة بوحشية، وتعطيل الأنشطة الزراعية. لقد أعارنا المجتمع الدولي آذاناً صماء، وتأثر بدلاً من ذلك بقوى تسعى إلى تفاقم المشكلة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».