الفلسطينيون يغلقون مساجد الخليل... ويؤدون صلاة الجمعة في «الحرم الإبراهيمي»

عشرات الإصابات في قمع المسيرات الاحتجاجية

جانب من المواجهات التي اندلعت بعد صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات التي اندلعت بعد صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يغلقون مساجد الخليل... ويؤدون صلاة الجمعة في «الحرم الإبراهيمي»

جانب من المواجهات التي اندلعت بعد صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات التي اندلعت بعد صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي (أ.ف.ب)

في خطوة غير مسبوقة، أغلق الفلسطينيون جميع مساجد الخليل، وتجمع المصلون لإقامة صلاة الجمعة في الحرم الإبراهيمي، احتجاجاً على أعمال الحفريات وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية التي جاءت لخدمة المستوطنين اليهود واعتبرها المسلمون تعدياً على حقوقهم فيه. وقد اعتدت قوات الاحتلال على المصلين في الحرم الإبراهيمي، بمن فيهم المسنون والمعوقون والأطفال، فأصيب العشرات منهم بالاختناق.
وكان المواطنون قد توافدوا منذ ساعات الصباح إلى الحرم الإبراهيمي وأدوا صلاة الجمعة في أروقته وساحاته الخارجية، تلبية لدعوة وزارة الأوقاف لتعزيز الوجود فيه وحمايته من التهويد، ورفضاً لسياسة الاحتلال وإجراءاته، والتي كان آخرها إنشاء «مصعد» كهربائي لتقسيم الحرم وتعزيز الاستيلاء عليه. فأطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع صوب المصلين، وكثفت من وجودها العسكري عند بوابات الحرم ومحيطه ونشرت السواتر الحديدية في ساحته، ودقق جنودها في هويات المصلين والصحافيين.
وقال مدير الأوقاف في الخليل جمال أبو عرام، في بيان صدر عن الوزارة، إن الاحتلال أغلق عدة مداخل للحرم، وأخرج المصلين من ساحاته، مؤكداً «أن الفعاليات الرافضة لمخططات الاحتلال ستتواصل ولن نسمح بأن يتم المساس بالحرم». واستنكر مدير الحرم، رئيس سدنته حفظي أبو سنينة، الاعتداء الذي نفذه جيش الاحتلال على المصلين، والاعتداء عليهم أثناء خروجهم من الحرم. فيما دعت مديرية أوقاف الخليل، المواطنين إلى تعزيز وجودهم في الحرم الإبراهيمي، الذي يسعى الاحتلال لتفريغه من المصلين، لاستكمال مشاريع الاستيطان والتهويد بحقه.
وشهدت الضفة الغربية، كما في كل يوم جمعة، مسيرات ومظاهرات بعد الصلاة. وأصيب عشرات المواطنين برضوض واختناق، واعتقل خمسة آخرون، خلال عمليات قمع نفذتها قوات الاحتلال ضد المشاركين بالوقفة الأسبوعية لمناهضة الاستيطان في مسافر يطا جنوب الخليل. وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق، خلال محاولات قمع مسيرة قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 17 عاماً. وأصيب خمسة مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، جراء قمع مسيرة منددة بإقامة بؤرة استيطانية على أراضي قرية بيت دجن شرق نابلس.
وفي بيت أمر، اقتحم عشرات المستوطنين بحماية من جنود الاحتلال عدداً من المواقع التاريخية والأثرية في البلدة، أمس، وأجروا جولات استفزازية. وأفاد الناشط محمد عياد عوض، بأنه بين كل فترة وأخرى نشهد جولات استفزازية مماثلة، حيث يحضر المستوطنون من مستوطنة «كرمي تسور»، مروراً بعدة مناطق أثرية وصولاً إلى تجمع مستوطنات غوش عصيون شمال بيت أمر.
وفي القدس، أدى 40 ألف مصلٍّ من الفلسطينيين، صلاة اليوم الجمعة، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية مشددة. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن المواطنين أدوا الصلاة في الأقصى، رغم الإجراءات العسكرية المشددة. وبينت أن جنود الاحتلال انتشروا إلى جانب عناصر الشرطة عند بوابات المسجد، ودققوا في هويات المواطنين.
وكشفت مصادر فلسطينية أن سائق حافلة من بلدة سلوان بالقدس المحتلة، أصيب بجروح في الوجه والرقبة، أمس، إثر اعتداء مستوطن عليه بالضرب المبرح. وقال المواطن محمد القاق (47 عاماً)، إن مستوطناً، اعتدى عليه بالضرب، أثناء قيادته للحافلة التي يعمل عليها، ما أدى إلى إصابته بجروح بالوجه والرقبة، نقل على إثرها إلى المستشفى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.