البرهان وإردوغان يبحثان في أنقرة تطوير العلاقات و«سد النهضة»

توقيع عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات تفاهم وبرتوكولات

إردوغان خلال استقباله الرئيس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان أمس (رويترز)
إردوغان خلال استقباله الرئيس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان أمس (رويترز)
TT

البرهان وإردوغان يبحثان في أنقرة تطوير العلاقات و«سد النهضة»

إردوغان خلال استقباله الرئيس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان أمس (رويترز)
إردوغان خلال استقباله الرئيس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان أمس (رويترز)

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أنقرة تناولت العلاقات بين البلدين وتعزيزها في المرحلة المقبلة، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وبدأ البرهان، أمس (الخيس) زيارة لتركيا تستمر يومين بدعوة من إردوغان، يرافقه فيها وفد يضم وزراء الدفاع ياسين إبراهيم، والخارجية مريم المهدي، والمالية جبريل إبراهيم، والزراعة، الطاهر إسماعيل، ومدير المخابرات العامة جمال الدين عبد المجيد.
واستقبل إردوغان البرهان بمراسم رسمية في القصر الرئاسي في أنقرة، حيث عقدا جلسة مباحثات ثنائية أعقبها مباحثات موسعة شارك فيها وفدا البلدين، وحضرها الوفد المرافق للبرهان، ومن الجانب التركي، نائب الرئيس فؤاد أوكطاي، ووزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والخزانة والمالية لطفي إلوان، والدفاع خلوصي أكار، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبرتوكولات التعاون بين البلدين.
وبحسب مصادر تركية، تناولت المباحثات بين إردوغان والبرهان التطورات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي والعلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا. وأبدت الحكومة التركية قلقها من التوتر السوداني - الإثيوبي، ودعت للوصول إلى حل للقضية عبر الحوار، في حين أكد السودان على أهمية الروابط السودانية - التركية، وتعهد بدعمها وتطويرها.
ووقّع الجانبان 6 اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة المتجددة، إلى جانب مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال البروتوكول بين وزارتي الخارجية. كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون مالي واقتصادي بين وزارة الخزانة والمالية التركية ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بجمهورية السودان. وكذلك تم التوقيع على اتفاقية التعاون المالي العسكري وبروتوكول تنفيذ المساعدات النقدية بين حكومتي البلدين.
وقال البرهان في مؤتمر صحافي عقد في أنقرة مع مضيفه إردوغان، إن حكومته تدرك أهمية الروابط الثنائية بين البلدين، وإن من واجبها الحفاظ على هذه الروابط، انطلاقاً من أهمية الدور التركي في المنطقة والعالم، والذي وصفه بـ«الرائد» في المجالات كافة، والدعم التركي للسودان في المجالات كافة، لا سيما في التعليم ومواجهة جائحة كورونا.
وأوضح البرهان، أن السودان يمر بمرحلة انتقالية يقودها الشباب من أجل الحرية، مشيراً إلى أن السودان ينظر للنموذج التركي ويستلهم تجاربه حتى ينعم بها كل السودانيين. وقال «الزيارة هدفت لتعزيز أواصر التعاون الأخوي بين البلدين، وسنعمل على تنفيذها على أرض الواقع، لخدمة شعبي الدولتين الشقيقتين». وأعلن البرهان عن توجيهه الدعوة لرصيفة التركي إردوغان لزيارة الخرطوم في القريب العاجل.
وبدوره، أبدى الرئيس التركي قلق بلاده مما أسماه التوتر بين الخرطوم وأديس أبابا بشأن سد النهضة، وقال «تناولنا أنا وضيفي البرهان القضايا الإقليمية والثنائية، ونعبّر عن أهمية للعلاقات مع ما يسمى بلدان القرن الأفريقي، كما نعبّر عن قلقنا بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي»، ودعا لحل المشكلة عبر الحوار بما يرضي الأطراف جميعها.
والأسبوع الماضي أجرى إردوغان اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تناول التطورات في إثيوبيا وعدداً آخر من القضايا.
وشهدت العلاقات بين تركيا والسودان حراكاً واسعاً منذ تولي حزب العدالة والتنمية برئاسة إردوغان الحكم في تركيا في عام 2002. وخلال زيارته للخرطوم في ديسمبر (كانون الأول) 2017، وقّع السودان وتركيا 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات عديدة، شملت التعاون في مجالات التعليم، والزراعة، والصناعة، والتجارة، وصناعة الحديد والصلب، والتنقيب، واستكشاف الطاقة، وتطوير استخراج الذهب، وإنشاء صوامع للغلال، والخدمات الصحية، وتوليد الكهرباء.
وفي مايو (أيار) الماضي، زار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تركيا بدعوة من الجانب التركي، ورافقه وفد وزاري كبير. وكانت هذه هي أول زيارة من مسؤول سوداني على هذا المستوى عقب سقوط حكومة الرئيس السابق عمر البشير الذي كان يحظى بدعم أنقرة.
ونقلت «الشرق الأوسط» في تقرير الأسبوع الماضي، أن مجلس الوزراء السوداني، استعرض 22 اتفاقية بين القطاعين العام والخاص، ينتظر توقيعها بين الحكومتين في الخرطوم وأنقرة، إلى جانب الاتفاقات الموقعة سلفاً بين الحكومتين.
وشهدت العلاقات بين البلدين بعد الثورة الشعبية التي أطاحت البشير، حالة من الجفاء، على خلفية إيواء أنقرة أعداداً كبيرة من قادة الإسلاميين السودانيين، الذين فرّوا إلى هناك ووفرت لهم السلطات التركية الحماية لمعارضة الحكومة الانتقالية من هناك، قبل أن تكسر زيارة حميدتي في 27 مايو الجمود والجفوة التي شابت علاقات البلدين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».