السودان و«الجنائية الدولية» يوقعان مذكرة تفاهم

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (سونا)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (سونا)
TT

السودان و«الجنائية الدولية» يوقعان مذكرة تفاهم

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (سونا)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (سونا)

وقعت الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية بالخرطوم أمس، على مذكرة تفاهم جديدة، تشمل التعاون بشأن جميع المطلوبين الذين صدرت بحقهم أوامر قبض من المحكمة، أبرزهم الرئيس المعزول عمر البشير، ولم يكشف الطرفان عن تفاصيل المذكرة، لكن مصادر قالت لــ«الشرق الأوسط» إن أهم بنودها أن تبدي السلطات السودانية تعاونا إلى أقصى حد في تسهيل الوصول إلى الضحايا والشهود وجمع الأدلة والبراهين في مواجهة المتهمين.
وقال المدعى العام للجنائية الدولية، كريم خان في مؤتمر صحافي، لم يتم تحديد تاريخ تسليم الرئيس السابق، عمر البشير، مشيرا إلى أنه ناقش مع المسؤولين في الحكومة السودانية، تسليم المطلوبين، «ووعدوني باتخاذ قرارهم والإعلان عنه». وأضاف «نأمل أن يصادق البرلمان المؤقت المتمثل في مجلسي السيادة والوزراء، في الاجتماع الذي سيعقد الأسبوع المقبل، على ميثاق روما الأساسي الذي أدرج ضمن أجندة الاجتماع على حد علمنا»، وأردف بالقول «دعونا ننتظر لنرى».
وكشف خان عن تأسيس مكتب دائم للمحكمة الجنائية الدولية بالسودان، للتواصل مع مختلفة الأجهزة التابعة للحكومة السودانية، لتوفير كل قرائن الإثبات في مواجهة المتهمين أمام المحكمة بجرائم الحرب في دارفور. وأضاف «طلبت من السلطات السودانية أن تتيح الاطلاع على كل الأدلة فوراً، ولهذه الأدلة أهمية حاسمة تكفل وتكلل عملنا بالنجاح في قاعة المحكمة». وقال خان أجريت حوار مباشرا ومبشرا مع المسؤولين السودانيين، الذين أكدوا على استعدادهم للتعاون بتوفير كل المعلومات المطلوبة في قضية على كوشيب الذي يمثل حاليا أمام المحكمة. وكانت الجنائية الدولية وقعت على مذكرة تفاهم مع الخارجية السودانية في فبراير (شباط) الماضي، فيما يتعلق بقضية «كوشيب» الذي وجهت المحكمة له 31 تهمة بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في عدد مناطق دارفور. وأكد مدعي الجنائية، أن المحكمة على أتم الاستعداد لدعم آليات ومحاكم العدالة في دارفور. وقال «نحتاج إلى أن يمثل كل الأشخاص الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال أمام العدالة»، مضيفا «نحتاج عندما يمثلوا أمام المحاكم إلى أن تكون هنالك أدلة إثبات للتهم الموجهة لهم».
وقال المدعي العام للجنائية الدولية إنه يحتاج إلى إغلاق هذا الملف الأسود ونحقق العدالة على جميع المستويات.
ونقلت مصادر موثوقة لــ«الشرق الأوسط» أن مدعي الجنائية، تطرق خلال لقاءاته لقضية حماية الشهود ومهمة مكتبه في جمع الأدلة، مشيرا إلى أن المحكمة تحتاج إلى المساعدات لتوفير الحماية للشهود. وقالت المصادر إن المدعي، بدا متفائلاً بمصادقة البرلمان المؤقت في السودان على ميثاق روما في وقت قريب. وذكر بيان صادر عن المدعي العام، أن نقل أي مشتبه به خطوة مهمة، لكن ينبغي أن يسبقها ويرافقها تعاون موضوعي يتعزز باستمرار. وأشار إلى فريق مكتبه الموجود بالخرطوم متفرغ لقضية جمع الأدلة على أن يؤدي هذا العمل على نحو مستقل.
وقال كريم خان «هذه اللحظة حاسمة للسودان أن يبرهن بعبارات لا لبس فيها أنه قد أنصت إلى صوت شعبه وهو يصبو إلى تحقيق العدالة». وأشار إلى أن زيارته الثانية للسودان ستكون في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسيقدم تقريرا لمجلس الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي.
وتطالب الجنائية بتسليمها الرئيس المعزول، عمر البشير، ووزير دفاعه الأسبق، عبد الرحيم محمد حسين، ومساعده الأسبق، أحمد هارون، بتهم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ارتكبت في دارفور. وأحال مجلس الأمن الدولي في عام 2005 قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وقضى القرار بملاحقة مسؤولين في الحكومة والجيش وقادة ميليشيات قبلية، عن عمليات قتل وتهجير واغتصاب جرت في دارفور.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.