الكاظمي من كربلاء: سنكون أكثر شدة مع المتجاوزين

بعد مقتل رئيس دائرة البلدية في المحافظة على يد معتدٍ على أملاك الدولة

الكاظمي مع أقارب مدير البلدية القتيل في منزل الأسرة (مكتب الكاظمي)
الكاظمي مع أقارب مدير البلدية القتيل في منزل الأسرة (مكتب الكاظمي)
TT

الكاظمي من كربلاء: سنكون أكثر شدة مع المتجاوزين

الكاظمي مع أقارب مدير البلدية القتيل في منزل الأسرة (مكتب الكاظمي)
الكاظمي مع أقارب مدير البلدية القتيل في منزل الأسرة (مكتب الكاظمي)

استدعت جريمة مروعة في كربلاء قضى فيها رئيس الدائرة البلدية في المحافظة المهندس عبير سليم الخفاجي على يد أحد الأشخاص المتجاوزين على أراضي الدولة، زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في ساعة مبكرة أمس (الأربعاء)، إلى المدينة التي سادتها مشاعر حزن وصدمة بعد الحادث المفجع ضد الخفاجي الذي يصفه مواطنوه بأنه يتمتع بـ«النزاهة والكفاءة وحسن الإدارة». ونظر كثيرون إلى الحادث بوصفة مؤشراً على ضعف القانون وغياب هيبة الدولة. وقدّم الكاظمي التعزية لعائلة الضحية، مؤكداً لهم أنّ «القاتل سينال جزاءه العادل، بعد أن تم اعتقاله من قبل قواتنا الأمنية»، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه. وقال الكاظمي في كلمة موجزة من منزل الضحية «سنكون أكثر شدة مع المتجاوزين على الدولة وعلى القانون، ولن تمر هذه الحادثة مرور الكرام». وأضاف، أن «الشهيد عبير سليم قدم الكثير لمحافظته، وكان حريصاً على أداء واجبه بكل أمانة، ويجب أن يتم إكمال ما بدأه».
وانتقل الكاظمي عقب زيارة عائلة القتيل إلى مكان وقوع الحادث وأشرف شخصياً على حملة إزالة التجاوزات المرتكبة من قبل المواطنين على أراضي الدولة والأرصفة، وتعهد الاستمرار بها في كربلاء وبقية المحافظات. وأحضرت الشرطة الجاني، الذي ألقت القبض عليه بعض وقت قصير من وقوع الحادث، أمام الكاظمي للقيام بإجراءات كشف الدلالة التي تنفذها الجهات التحقيقية في العادة.
وتشهد معظم الأراضي والأرصفة في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد تجاوزات كبيرة من قبل المواطنين العاديين وتستثمر لبناء الدور والمحال التجارية، وسبق أن اصطدمت الأجهزة البلدية والشرطة معهم مرات عديدة، لكنها المرة الأولى التي يُقتل فيها مسؤول بلدي من درجة كبيرة. وتجد أجهزة البلدية والشرطة نفسها منذ سنوات عاجزة عن رفع التجاوزات نتيجة الضعف أو الغياب شبه التام لهيبة الدولة وقوانينها. وأظهرت كاميرات مراقبة موضوعة في مكان الحادث، شخص القاتل وهو يطلق عيارات نارية في الهواء أدت إلى تفريق حماية المهندس عبير سليم والمقربين منه، قبل أن يوجه القاتل طلقة نارية إليه من مسافة نحو متر واحد ويرديه قتيلاً.
وحظي حادث القتل باستنكار واهتمام معظم الأطراف الشعبية والسياسية العراقية، حيث قامت وزارة الداخلية باعتقال القوة بسبب إخفاقها في حماية مدير البلدية.
وشيع المئات في كربلاء جثمان الضحية. وصدرت العديد من بيانات الإدانة والاستنكار ضد الحادث. ونظم ناشطون في مدينة الناصرية، أمس، وقفة استنكار ضد حادث القتل.
وأصدر حزب «الدعوة» الإسلامية الذي يتزعمه نوري المالكي، بياناً، عبّر فيه استنكاره لحادثة مقتل مدير بلدية كربلاء.
وذكر الحزب في بيان: «يستنكر (الدعوة) وبأشد العبارات جريمة الاعتداء الاثم التي تعرض لها ابن كربلاء البار الأستاذ عبير سليم الخفاجي وهو يمارس واجبه في خدمة أبناء كربلاء المقدسة وذهب شهيداً من جرائها». وأشار إلى أن «الجريمة المروعة تؤكد ضياع هيبة الدولة والاستخفاف بالقانون».
وأدان «ائتلاف النصر» بقيادة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، حادث الاعتداء. ورأى في بيان، أنه «خير مصداق على تغوّل التطاول والفوضى والتمرد على الدولة ومؤسساتها وكوادرها». وأضاف، أن «الدولة تُصارع البقاء قبال اللادولة، كثقافة ونهج وقوى، وما لم تنتصر الدولة بمنطقها وإلزاميتها وسلطانها، فستبتلع الفوضى الجميع، ولن ينجو أحد من تداعيات انهيار النظام العام».
واعتبر وزير الداخلية الأسبق باقر جبر الزبيدي، أن «الحادث دليل قاطع على تسبب بعض الجهات الفاسدة بضياع هيبة الدولة من خلال حمايتها للخارجين عن القانون؛ الأمر الذي أوصلهم إلى الاستهتار بالدولة والقانون والمواطن». وأشار إلى أن «تقديم المجرم إلى العدالة ومحاسبة الجهات التي تقف خلفه هو الحل الوحيد لإرجاع هيبة الدولة وإعادة ثقة المواطن بالمؤسسات الحكومية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.