الخلاف يتسع حول الجهة الصالحة للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت

باسيل وجعجع وجنبلاط يؤيدون رفع الحصانات... والفرزلي يتهمهم بعرقلتها

مسيرة لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتحقيق العدالة ( ا.ب.أ)
مسيرة لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتحقيق العدالة ( ا.ب.أ)
TT

الخلاف يتسع حول الجهة الصالحة للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت

مسيرة لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتحقيق العدالة ( ا.ب.أ)
مسيرة لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت للمطالبة بتحقيق العدالة ( ا.ب.أ)

أحبطت مقاطعة كتل نيابية أساسية في لبنان، المساعي لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف انفجار مرفأ بيروت، وذلك في جلسة نيابية كانت مقررة اليوم، على خلفية الانقسامات بين القوى السياسية بين داعٍ لحصر الملف في عهدة المجلس العدلي، ورفع الحصانات عن النواب المدعى عليهم، وبين مؤيد لمحاكمة الوزراء السابقين أمام المجلس الأعلى لمحاكمتهم، ما يشير إلى إصرار المقاطعين على إبقاء الملف بعهدة المحقق العدلي دون تقسيم المحاكمات على هيئتين قضائيتين.
وأعلن عدد من الكتل النيابية أمس، مقاطعة الجلسة المزمع عقدها اليوم، وبرز في طليعة المقاطعين تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه النائب جبران باسيل، وتكتل «الجمهورية القوية»، وهو ممثل «القوات اللبنانية» في البرلمان، و«كتلة اللقاء الديمقراطي» التي تمثل «الحزب التقدمي الاشتراكي»، إلى جانب النائب طلال أرسلان ونواب مستقلين آخرين.
ومن شأن هذه المقاطعة أن تنتج أزمة ميثاقية لجهة غياب كتلتين مسيحيتين أساسيتين عن الجلسة، رغم أن نواباً مسيحيين يتوزعون في كتل أخرى، سيشاركون، كما بغياب ثقل التمثيل الدرزي الذي تمثله كتلة «اللقاء الديمقراطي».
وتحتاج الجلسة إلى نصاب أكثرية عادية، أي بحضور نصف المجلس + 1، كما يحتاج تشكيل اللجنة البرلمانية إلى إقرار قانون بهذه الأكثرية العادية، علما بأن واحدة من صلاحيات البرلمان تشكيل لجنة تحقيق نيابية تمتلك سلطة قاضي التحقيق في الادعاء والتوقيف، وتسقط أمامها الحصانة عن الجميع، وتحيل المُدّعى عليهم للمحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة النواب والوزراء.
ويتخذ الانقسام هذا الجانب بين من يريد حصر المحاكمة أمام المجلس العدلي، وهو أمر يحتاج إلى رفع الحصانات عن ثلاثة نواب مدعى عليهم وهم الوزراء السابقون علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر، وبين كتل نيابية وفي مقدمها «المستقبل» و«حزب الله» و«حركة أمل» و«المردة» تدفع باتجاه محاكمة المطلوبين أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ورأى نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أن محاولات عرقلة الجلسة «تفضي إلى قناعة بأن البعض لا يريد رفع الحصانات التي لا يمكن أن تُرفع من دون عقد جلسة عامة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن الجلسة كانت مخصصة لرفع الحصانات تبعاً لقرار اتهامي مستند للمحقق العدلي، مضيفاً: «أرسل القاضي البيطار وقبله المحقق العدلي فادي صوان إلى البرلمان بطلب إذن الملاحقة بحق النواب، فعُقدت اجتماعات الهيئة المشتركة التي لا حق لها برفع الحصانة، على أساس تكوين الملف وإعادته للهيئة العامة تبعاً للمادة 91 من النظام الداخلي التي تنص على وجوب أن يرفق الملف بخلاصة عن الأدلة التي تبرر الإجراءات العاجلة». وقال: «هذه الخلاصة عن الأدلة رفض المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إرسالها، ولا يمكن الذهاب إلى الهيئة العامة من غير خلاصة الأدلة».
وقال الفرزلي: «أمام هذا الواقع، تم إعداد قرار اتهام استنادا إلى قاضي التحقيق لنبرر رفع الحصانة في الجلسة المزمعة الخميس، وطالبنا اتهام من ادعى عليهم التحقيق وكل من يظهره شريكاً وفاعلاً في الجريمة، ليؤدي ذلك في النهاية إلى رفع الحصانة وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لأن صلاحية محاكمتهم أمام الهيئة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء وليس أمام المحقق العدلي تبعاً للمادة 70 من الدستور».
واتهم الفرزلي من يريدون عرقلة هذا الإجراء بمقاطعة الجلسة اليوم، بأنهم «لا يريدون رفع الحصانات لأنهم يسعون للاستثمار السياسي بالملف»، مضيفاً «إذا لم تُعقد الجلسة اليوم، فإن النتيجة ستكون أن لا رفع حصانات لأنه يستحيل رفعها من دون جلسة عامة». وقال: «يعرقلون كل مسعى للوصول إلى نتيجة، بدءاً من عدم التوقيع على عريضة الرئيس سعد الحريري الداعية لرفع الحصانات عن الجميع، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات، ومقاضاة الجميع أمام أي محكمة يطالبون بمحاكمة المطلوبين فيها، ومن ضمنها المجلس العدلي»، مشيراً إلى أن ذلك «يعني شيئا واحداً أنهم لا يريدون رفع الحصانات ومحاكمة المدعى عليهم، لإبقاء الملف مادة استثمار سياسي»، مجدداً الحديث عن استنسابية في الادعاءات القضائية.
في المقابل، أعلن «تكتل لبنان القوي» أمس مقاطعة الجلسة اليوم، وقال رئيسه النائب جبران باسيل، إن «موقف التيار مبدئي برفع الحصانات التي تحول دون مساءلة المسؤولين عن انفجار المرفأ»، مشدداً على «رفض محاولة البعض في مجلس النواب الالتفاف على القضاء ومنعه من استكمال التحقيق وصولاً إلى الحقيقة».
وفي السياق نفسه، أعلن رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع أن «تكتل (الجمهوريّة القويّة) اتخذ قراراً بمقاطعة الجلسة النيابية المقررة لدرس القرار الاتهامي في انفجار المرفأ، متهماً الأكثرية النيابية بالعمل ضد القانون ومن أجل عرقلة عدالة من الممكن أن تؤدي إلى نتائج معيّنة».
وقال: «أصبحت الصلاحيّة اليوم للمجلس العدلي»، مضيفاً «إذا أتى بعض النواب ووقعوا على عريضة من أجل أخذ القضيّة إلى مكان آخر فهذا لا يعني أن هذه العريضة أصبحت قانونيّة أو أننا يجب أن نسير بها أو أنه من الممكن للصلاحيّة أن تعقد لهيئة أخرى إن كان اسمها المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أو غيره». وأضاف «لنفترض نظرياً أنهم حوّلوا القضيّة إلى لجنة تحقيق نيابيّة عندها يصبح لدينا هيئتان قضائيتان تحققان في القضيّة نفسها»، عادّاً أن وجود لجنتي تحقيق «عرقلة مباشرة للتحقيق العدلي ومحاولة تعطيل المحقق العدلي الحالي».
من جهتها، أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» مقاطعة الجلسة، وقالت: «لما كنا ننتظر عقد جلسة نيابية عامة للنظر في طلب المحقق العدلي حول رفع الحصانات، تأتي الجلسة وعلى جدول أعمالها بند واحد هو النظر في طلب الاتهام الموقع من عدد من النواب بما يؤدي إلى قيام هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء للنظر في هذه القضية بما يعيق مهمة المحقق العدلي ويعيق الوصول إلى الحقيقة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.